من المعلوم بداهة أن الحقل السياسي في بلادنا تنتابه تجاذبات وصراعات، تجمع بعض القوم أحيانا وتفرق بعضهم، توحد أناسا وتفتح باب العداوة السياسية-على الأقل- بين الآخرين على مصراعيه؛
النشاط الرسمي الأول من نوعه ل"منسقية رفض التعديلات الدستورية" حمل عدة ملاحظات حول الأساليب المتبعة والأهداف المتوخاة والمعاني الأساسية للعمل السياسي.. فماهى استيراتيجية هذه المنسقية وأهدافها؟ ومامدى قدرتها على توحيد الموريتانيين حول العمل السياسي فى المراحل المقبلة؟
نظمت المعارضة الموريتانية مساء السبت الخامس عشر من يوليو ثلاث مسيرات رافضة للاستفتاء المتوقع تنظيمه في الخامس من شهر أغسطس القادم، ولقد تجمعت هذه المسيرات الثلاث عند ملتقى "مدريد" في مسيرة واحدة، اتجهت إلى ساحة ابن عباس لتختتم من بعد ذلك بمهرجان خطابي.
مشاركتي في هذه المسيرة مكنتني من تسجيل ملاحظات عديدة يمكن اعتبار بعضها بمثابة رسائل تم توجيهها عبر البريد السريع والمضمون إلى الجهات المعنية، ومن بين تلك الملاحظات والرسائل :
يمكن القول ان نواكشوط رمت شوارعها وساحاتها اليوم بافلاذ كبدها
حشد التكتل والمنتدى والتشكيلات السياسية والحقوقية الرافضة للمساس بالدستور التجمع الجماهيري الاكبر فى العاصمة منذ عدة سنوات
يصعب تحديد العدد لكن بالنظر الى ان ساحة ابن عباس والنواصى والشوارع المحاذية لها لفظت المحتشدين فمن الاكيد ان الامر يتعلق بحوالى 40 الف شخص على الاقل
كانت الحشود منضبطة منسجمة يطبعها الهدوء والانسجام التام والمسؤولية الوطنية
لا شك أن الطواغيت العرب وخاصة الذين صنعوا الدولة على مقاسهم، وسموها بأسمائهم أحياناً كسوريا الأسد مثلاً، ربطوا الدولة كلها بمصير الرئيس والنظام، بحيث إذا انهار النظام يجب أن تنهار معه الدولة كلها، لأن الطاغية العربي يعمل على طريقة لويس الرابع عشر الذي قال يوماً: «أنا الدولة والدولة أنا».
المجد لمن يبيت على الطوى، يتجرع غلل ظلم نظام الأرعن، و يعاني نهش أفاعيه و لسع عقاربه و افتراس ذئابه الضارية، لا يجد سدادا لخَلّته و لا غنىً من فاقته و لا ستراً لعوزه، و رغم ذلك ظل يعض بنواجذه على مبادئه و أخلاقه، لا يرضى الدنيّة فيها، و لا يؤوب منها بخفي حنين، كما هو حال البقرة الضاحكة ولد آجاي.
"الصدقة مشينة على مسديها و على المستفيد منها"
‘’L’aumône avilit celui qui la reçoit et celui qui la fait’’
تذكرت هذه المقولة للكاتب الفرنسي أناتول فرانس (1844-1924) في الوقت الذي كنت أشاهد فيه "رئيس الفقراء"، و هو يعطي مجموعة من المتسولين ورقة من فئة 5000 أوقية (التي أنشئت في عهده لتقليص "حجم" النقود) عبر شريط فيديو نَشر على شبكات التواصل الاجتماعي.
يعرف كل الموريتانيين اليوم، أن لا البو السخيف ولد حدمين و لا جنرال باكوتي ولد الغزواني (الممثل الحصري للدواجن في موريتانيا) و لا المانكين ولد لغويزي و لا رهين المحبسين ولد محم خيره و لا حتى المهرج ولد الطيب الذي لم يعرف في حياته و لا يريد أن يعرف سوى أن ولد عبد العزيز عبقري زمانه، لا أحد من هؤلاء يملك رأيا في دولة ولد عبد العزيز و لا قرارا و لا صلاحية .. لا أحد من بينهم يعرف متى يفصله ولد عبد العزيز أو يرسله إلى سجن بئر أم اكرين..