إن من يتابع ظاهر الرقية بشقيها الشرعي والغير شرعي في موريتانيا يخرج بانطباع أن المجتمع وصل حالة مرضية يصعب معها العلاج، وإن كانت قد بسطت سدولها على كافة أطياف المجتمع بشرائحه وطبقاته..، أغنياءه وفقراءه..، مثقفون وعامة..
منذ أن وصل الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى سدة الحكم بعد انقلاب 2008 وانتخابات 2009 و2014 ظلت هيمنة القصر على كل شاردة وواردة في السياسة الداخلية والخارجية للبلد.
فعلى المستوى الداخلي، تركز الاهتمام حول محاربة الفساد والمفسدين، وذلك من أجل تطهير الدولة من هذا الداء العضال الذي يستحيل معه تحقيق تنمية أو بالأحرى
قرأت لمعالي وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية الأسبق محمد ولد عابد تدوينة حول مديونية البلد والاتفاقيات الموقعة سنةً 2017 و أشياء أخري.
وبعد قراءتي للتدوينة وبالرغم من فهمي للظروف التي جاءت فيها والتي لا يمكن فهمها خارج حالة الارتباك وعدم وضوح الرؤية التي توجد فيها بعض القيادات المعارضة (معذورة) أردت أن أسجل الملاحظات التالية احتراما للقارئ الكريم ولمعالي الوزير أيضا:
تعيش المنطقة العربية اليوم بداية تضعضع وانكسار للثورة المضادة، التي نعيش اليوم في موريتانيا جزءا من رذاذها، بدأ قبلها بردة فعل قائد الحرس الرئاسي على إقالته من منصبه، مرورا باستئثاره بالأخضر واليابس، وتجفيفه لكل المنابع المادية للشعب بشكل عام وللمعارضة بشكل خاص، وانتهاء بإجهازه على الصحافة وحرية التعبير، التي أضحت كابوسه الأول، بعد أن كان متجاهلا لها، بل مفاخرا ب"حريتها".
المتتبع بحياد و موضوعية للحالة السياسية في البلد لا بد أن تسترعي انتباهه حالة اليأس الواضحة لدى كل أحزاب المعارضة إلا من أتى "الواقعية" القسرية بـ"قلب سليم" من الطموحات المفرطة و وقف عند عتبة الرّضا بالتمتع بالبقاء في حيز الوجود، و حالة الإحباط المزمنة لدى أكثر أحزاب الأغلبية من الدرجتين الثالثة و الرابعة بحساب ضعف الربح من قيمة "المشتهى" الأصلي في الانخراط و التأييد و الولاء.
يصل الرئيس السنغالي ماكي صال موريتانيا، وهو معزز بدعم معنوي فرنسي، ومسلح برسالة استراتيجية أمريكية، فماذا سيغنم الرجل؟ وما هي مكاسب نواكشوط من هذه الزيارة، التي حظيت بمواكبة مختلفة عن نظيراتها، لدى الإعلام الرسمي والصحافة المقربة من دوائر السلطة؟
ليس من مصلحة بلد يعرف احتجاجات جهوية تاريخية، وأزمة فقر باتت ترمي بالعشرات إلى القبور تدافعا على لتر من الزيت، واحتقانا سياسيا معقدا، أن يعمل على توسيع دائرة التأزيم بالتعنت على رفض حل مشكل تـُهَدّدُ ديمومتُه المصالح الاستراتيجية للمنطقة بأسرها وللشركاء الدوليين.
من المعلوم أن المعارضة السياسية -بشكل عام- حلقة هامة في جسم الدولة؛ لما يفترض في وجودها من التعاون الإيجابي و الدفع بالمؤسسات العاملة إلى الجودة الخدمية، والمضي قدما نحو التحسن وتجاوز الأخطاء، و التركيز على حصول التأثير و الفاعلية الإيجابية.