الصراع الموريتاني السينغالى 1989 بعيون الأمين العام الأسبق للأم المتحدة

أربعاء, 04/10/2019 - 18:39

نشر بطرس غالي يومياته  ” من القدس إلي النيل ” قبل  وفاته بفترة وجيزة . تمتد هذه اليوميات  من  الفترة الممتدة   من اغتيال السادات في السادس من اكتوبر 1981 إلي الثلاثين من دجمبر 1991  حين أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة .

وقد خصص  بطرس غالي فقرات من هذه اليوميات للنزاع الموريتاني السنغالي الذي اندلع  سنة  1989 والمحاولات التي بذلتها مصر  للتوسط بين البلدين .

انواكشوط – الخميس 23 مارس 1989 .

أنشئت انواكشوط  في العام 1957 وأطلقوا عليها اسم” ابرازيليا الرمال” لكن لا يوجد أي وجه للمقارنة بينها وبين العاصمة  الحديثة للبرازيل ، فنواكشوط ليست سوي قرية كبيرة .

رئيس الجمهورية سيدي ولد محمد ما يزال يرتدي الزي العسكري ،  هو رجل  ضئيل الحجم ونحيف  ويتحدث العربية مع أنه يتقن الفرنسية علي ما اعتقد .تحدث معي عن مشكلة الصحراء  التي تسمم علاقات المغرب بالجزائر وما لها من عواقب تقع علي كاهل موريتانيا . طلب مني أن يضغط الرئيس مبارك علي ملك المغرب لكي يجدا معا حلا لهذه المشكلة .

حصلت علي تأييده لانتخاب مبارك لرئاسة منظمة الوحدة الأفريقية .

داكار: الجمعة 24 مارس 1989

غادرت انواكشوط في الصباح متوجها إلي دكار حيث استقبلني ابراهيم فال والسفراء العرب المعتمدين في دكار . ياله من فارق كبير يبدو  ظاهرا للعيان بين انواكشوط العاصمة الفقيرة والتي تحتاج للكثير من التنمية ودكار العاصمة الغنية والمليئة  بالحيوية .

داكار: الجمعة 26 مايو 1989

اختتام لأعمال مؤتمر رؤساء الدول والحكومات الفرانكفونية

 

عشاء لدي ليوبولد سنجور بصحبة  موريس دريون  ومصطفي نياس . احتفلنا بميلاد الجامعة ( الجامعة الفرنكفونية في الأسكندرية )، اقترحت علي ليوبولد سنغور  اطلاق اسمه عليها .

 

بعد ذلك تحدثنا عن النزاع بين السنغال وموريتانيا . يري مصطفي نياس أن كلا من الحكومتين لديها مصلحة في استمرار  التوتر كحل لمشاكلهما الداخلية ، وتوقع استمرار الخلاف حتى حلول فصل الشتاء .

 

بلجراد – انواكشوط – دكار :  الأربعاء 6 سبتمبر 1989

 

في الفجر طرنا من بلجراد إلي نواكشوط . درجة الحرارة  عالية إلي درجة لا تحتمل . المباحثات تبشر بانها ستكون سهلة بخصوص نص القرار التحكيمي بن موريتانيا والسنغال . تجنبنا ذكر موضوع  ترسيم الحدود بين البلدين . أصر الموريتانيون علي ذكر هذه النقطة . وعد الرئيس مبارك بتسوية هذه المشكلة مع عبده ضيوف .

 

وصلنا إلي داكار . نزل الرئيس مبارك في القصر الجمهوري . تفاوضت مع السنغاليين الذين أصروا علي ضرورة الإشارة إلي موضوع ترسيم الحدود .

 

تبادلت المكالمات الهاتفية مع الموريتانيين حتى منتصف الليل . ما يزال هذا الموضوع  مصدرا للخلاف بين الدولتين .

 

داكار – الجزائر: الخميس 7 سبتمبر 1989

 

الرئيس مبارك في حالة مزاجية طيبة . استدعاني واقترحت عليه الإتصال هاتفيا بالرئيس الموريتاني معاوية لإقناعه بإرجاء موضوع ترسيم الحدود إلي وقت لاحق. وبقبول البيان المشترك . هذه أول خطوة علي طريق المصالحة . اتصل مبارك هاتفيا بالرئيس الموريتاني الذي تمسك بموقفه . فشلت جهود الوساطة .

 

لامني المقربون من الرئيس  لحدوث هذا الفشل قائلين :

 

” لقد ورطت الرئيس .لم يكن ينبغي أن ينتقل أو يتدخل لحل هذه المشكلة طالما أن طرفي النزا ع لم يتوصلا لأتفاق تحكيمي .لقد أسأت لصورة  مصر “.

 

أجبتهم بضيق قائلا :

 

” كم مرة جاء الرئيس كارتر إلي الشرق الأوسط قبل أن ينجح في الحصول علي التوقيع علي اتفاقية  السلام بين مصر وإسرائيل ؟ إذا أردنا النجاح  فيجب علي الرئيس أن يسافر إلي هناك مرة  أو اثنتين قبل التوصل لعقد اتفاقية نهائية ” .

 

انفجر الوفد المرافق للرئيس بالضحك ، إنهم يعتقدون أن هذه هي المرة الأولي والأخيرة التي  يتدخل الرئيس فيها لحل هذه المشكلة .

 

باريس :   الجمعة 22 سبتمبر 1989

 

مباحثات في قصر الأليزيه مع هوبير فيدرين وجاك أتالي حول الديون الإفريقية  والعلاقات بين الشمال والجنوب . غداء مع  رولان ديما وزير الخارجية  ومدير مكتبه  السفير جاك أندرياني . تركز النقاش حول النزاع المورتاني-السنغالي .وزارة الخارجية تتابع باهتمام وساطة مبارك نظرا لتعقدها .وتخشي من إطالة أمد هذا الصراع .

 

نيويورك : الأربعاء27 سبتمبر 1989

 

….

 

قابلت أبراهيم فال  في محاولة لتشجيع تقدم فرص الحل السلمي للصراع الناشب بين السنغال وموريتانيا .

 

نيويرك :  السبت 30 سبتمبر1989

 

استئناف المفاوضات بين موريتانيا والسنغال . قدم لي الموريتانيون اتفاق مبادئ يقضي بالإعتراف بعدم المساس بالحدود المرسومة بين البلدين خلال  سنوات الإستعمار الفرنسي لكل منهما .

 

نيويورك : الأربعاء 4 اكتوبر 1989.

 

حوار تلفزيوني لمدة ساعة كان الموضوع عن فلسطين . فلسطين دائما ، وعن المشاكل الإفريقية . تجنبت ذكر المباحثات التي أجريتها هذا الصباح  مع الموريتانيين والسنغاليين .

 

نيويورك :  الخميس 5 اكتوبر 1989

 

اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بتسوية الصراع بين السنغال وموريتانيا .

 

اشعر بأن الوزراء الأفارقة يميلون أكثر للأخذ بوجهة نظر السنغال .ولم أكن واثقا  ما إذا كان السبب في ذلك هو براعة ممثل السنغال بالمقارنة مع نظيره الموريتاني  أم لأن الوزراء الأفارقة ينظرون إلي موريتانيا بوصفها بلدا عربيا والسنغال بلدا إفريقيا. قررت اللجنة عقد اجتماع غدا صباحا .

 

نيويورك : الجمعة 6 اكتوبر 1989

 

اجتماع جديد للجنة الوزارية الإفريقية . إن الجهود الهادفة لحل الأزمة بين السنغال وموريتانيا أصبحت شبه ميتة .

 

القاهرة :  الأربعاء الأول  من نوفمبر 1989

 

استقبل الرئيس مبارك  ابراهيم فال . بعد المقابلة تحدث ابراهيم فال إلي الصحفيين  وانتقد موريتانيا انتقادا مريرا وعنيفا .طلبت من صفوت الشريف أن تمنع الرقابة نشر هذا التصريح في الصحافة المصرية  فقد يعتقد الموريتانيون أن مصر تؤيد السنغال وتتخذ موقفا عدائيا لموريتانيا .

 

باريس : السبت 23  ديسمبر 1989

 

في الصباح غادرت  مستشفي ” بيجن ” ( التابع لفال دي  غراس ) تعافيت تماما  وشعرت كما لو كنت أغادر السجن (….)

 

قررت الاستفادة من وجودي في فرنسا لإجراء مباحثات سرية مع السنغاليين والموريتانيين .

 

باريس :  الثلاثاء –  26 ديسمبر 1989

 

أخبرني وزير خارجية موريتانيا  بأنه سيكون مستعدا للقائي يوم 2 ينايرفي باريس بفندق الكريون لإجراء مفاوضات سرية . اما إبراهيم فال وزير خارجية السنغال  فسيحدد لي الموعد غدا. بدأت أقرأ مجددا في ملف هذا النزاع  وشعرت بالفرحة لعودتي للعمل .

 

باريس:  الخميس 28 ديسمبر 1989

 

تلقيت مكالمة من ابراهيم فال الذي اقترح مشاركة وزير خارجية توغو في المفاوضات. لم أكن أحبذ هذا الإقتراح  لكن كان يجب التشاور مع الرئيس مبارك الذي شاركني هذا التقدير .

 

باريس : الجمعة 29 ديسمبر 1989

 

تلقيت مكالمة من ابراهيم فال لمعرفة رأي مبارك . قلت له :”  لقد رفض رفضا باتا “.

 

هاتفني للمرة الثانية ، وأخبرني بأنه لن يستطيع المشاركة في المباحثات السرية بفندق الكريون وذكر لي أسبابا كاذبة ومخادعة .

 

باريس الأثنين :  الأول من يناير 1990

 

قدم لي ابراهيم فال تبريرا مطولا  لشرح أسباب عدم اقتناعه  بجدوي المفاوضات مع موريتانيا في الوقت الحالي : فحكومة انواكشوط تستفيد من حالة التوتر الراهن مع السنغال لكي تحتفظ بالسلطة ، وبالتالي فإن لها مصلحة تامة في المحافظة علي  حالة التوتر علي ما هي  عليه . وفي الوقت نفسه فإنها تحافظ علي هيمنة عنصر المور العربي علي العناصر الإفريقية في التركيبة السكانية  بمورتانيا . لم أعلق بشيئ علي ما قاله ، لأنني كوسيط لم يكن ينبغي لي أن آخذ طرف جانب علي حساب الجانب الآخر .

 

باريس:  الثلاثاء 2 يناير 1990

 

أعلن ولد بابا وزير خارجية موريتانيا استعداده للمشاركة في مفاوضات غير رسمية. مكالمة هاتفية من الرئيس مبارك لعبده ضيوف . سيشارك ابراهيم فال ايضا في المفاوضات الثنائية .

 

باريس :  الأربعاء 3 يناير 1990

 

(….)  استقبلت الوزيرين الذين لم يلتقيا ببعضهما البعض منذ بداية الصراع  ( في فندق الكريون ).

 

في البداية كان جو اللقاء باردا  ثم سرعان ما تحسنت الأجواء ، كنت أرتدي الروب دي شامبر ، وبدأت الحديث متعمدا بإلأشارة إلي مشاكلي الصحية ، قبل الدخول في صلب الموضوع ، بعد فترة قليلة شعرت بتعب شديد ، فأنسحبت إلي غرفة نومي وتركت الوزيرين بمفردهما .

 

وبعد فترة طويلة أخبرهما  العقيد الحفناوي ( الحارس الشخصي ) بأنني لست في حالة طيبة وأن الطبيب  سيحضر لفحصي . شعر الوزيران بالإرتباك ، فبقيا برهة ثم انصرفا.

 

بعد الظهر امليت علي السفير أحمد صدقي ( مدير ديوانه ) مذكرة عن هذا اللقاء المبدئي في المفاوضات :

 

ما العناصر الأساسية في هذا الصراع ؟  :

 

(…………………………………….).

 

يختم بطرس الغالي تلك المذكرة   التي  تتكون من صفحة ونصف بقوله :

 

”  إن الحديث عن ترسيم الحدود وعودة الاجئين وتعويض الضحايا هي المصادر الرئيسية لهذا الصراع  الذي يدورعلي خلفية عرقية .”

 

باريس : الخميس 4 يناير 1990

 

أجريت مفاوضات مطولة مع ولد بابا وإبراهيم فال  طلب كل منهما الرجوع إلي رئيسه  وأقترحا عقد لقاء جديد في 22 يناير. بدوري قمت بإبلاغ الرئيس مبارك بالوضع . وافق علي التأجيل .

 

جشتاد :13 يناير 1990

 

انعزلت عن العالم  وقضيت فترة نقاهة حقيقية  لم تقطعها سوي المكالمات التي تصلني  من مختلف عواصم العالم .

 

تلقيت مكالمة هاتفية من باريس حيث قرأ علي السفير أحمد صدقي  رسالة وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر لتهنئة مصر علي دورها في التوفيق بين موريتانيا والسنغال .

 

باريس : السبت  27 يناير 1990

 

عدت إلي باريس حيث تم استئناف المفاوضات بين السنغال وموريتانيا . في هذه المرة دارت المفاوضات في مقر إقامة السفير المصري ، حيث كنت أريد أن يلتقي المفاوضون في أجواء أقل رسمية . عقدت جلسة صباحية لم يقطعها سوي  تناول وجبة غداء  في جو ودي . في نهاية النهار وجدت أننا ما زلنا بعيدين عن التوصل إلي أي حل ، حتى ولو كان حلا جزئيا .

 

القاهرة : الأحد 11 فبراير 1990

 

عقدت جلسة  مفاوضات مطولة  بين أحمد ولد بابا وأبرهيما فال . دارت المفاوضات في حلقة مفرغة .لم أعد أشعر بنفس القدر من الثقة  إزاء مصير هذه المفاوضات ، مع أني أعرف تماما أن المفاوضات تعني الصبر وطول الوقت .

 

القاهرة : الأربعاء 14 فبراير 1990

 

التقى الرئيس مبارك بطرفي النزاع . تحدث الرئيس حديثا مقنعا ، وطلب منهما تحكيم العقل . لا أعتقد أن حسم هذا الصراع  يمكن أن يتم علي مستوي الوزراء ، بل ينبغي تدخل رئيسي الدولتين مباشرة .

 

أديس أبابا : الجمعة 23 فبراير 1990

 

لامني أعضاء اللجنة الدولية المكلفة بتسوية النزاع بين السنغال وموريتانيا لأني لم أخبرهم بأمر المفاوضات السرية غير الرسمية التي دارت في باريس فقد كانوا يريدون الإشتراك فيها .

 

أديس أبابا : السبت 24 فبراي 1990

 

الإجتماع الثاني للجنة الوزارية السنغالية الموريتانية  من دون أحراز تقدم حقيقي .

 

القاهرة : الأحد 4 مارس 1990

 

وصل عبده ضيوف إلي القاهرة ومعه زوجته ووزراؤه . حالته المزاجية ممتازة وبدا عليه  أنه قرر إيجاد حل للصراع بين السنغال وموريتانيا . لكن وزراءه بدءوا أكثر تحفظا . لم أستطع أن أبرر لنفسي وجود  هذا الإختلاف  بين  الموقفين  ، علي الرغم من معرفتي الجيدة بهذا الملف .

 

القاهرة : الأثنين 5 مارس 1990

 

نجح مبارك في الحصول علي موافقة عبده ضيوف علي استعادة العلاقات بين السنغال وموريتانيا ، وإعادة  تشغيل الخطوط الجوية بين دكار وانواكشوط ، وكذلك علي عقد لقاء بين الرئيسين علي هامش  مؤتمر القمة الإفريقية  .

 

أبلغ الرئيس مبارك المقترحات السنغالية إلي الرئيس معاوية الذي أصيب بالدهشة ولم يقدم   ردا واضحا  أو محددا .

 

القاهرة : 11 مارس 1990

 

استقبلت أمس مبعوثا موريتانيا  جاء حاملا رسالة من رئيسه . استقبله الرئيس مبارك الذي بدا حاسما جدا ، فالمقترحات السنغالية هي كل لا يتجزأ إما أتقبل كلها أو ترفض كلها .

 

باريس : السبت 16 يونيو 1990

 

مفاوضات بين السنغال وموريتانيا في مقر إقامة السفير المصري  حضرها وزير خارجية السنغال الجديد الذي كان يحمل رسالة للرئيس مبارك ، إنه ذكي ومتزن ويتحدث برصانه ولا يرفع صوته أبدأ . كما حضرها ايضا وزير الخارجية الموريتاني الذي عين حديثا في منصبه هو الآخر ، كنت آمل أن يؤدي هذا التغيير إلي دفع المفاوضات قدما ، لكن يبدو أن الموريتانيين لا يسعون لتهدئة الأمور، فقد اعترضوا علي بيان يفهم منه  أن المفاوضات التي ترعاها مصر تسير في الإتجاه الصحيح .

 

لابول الثلاثاء 19 يونيو1990

 

مثلت الرئيس مبارك في مؤتمر فرنسا – افريقيا  الذي يعقد هذا العام في مدينة لابول.  أثرت مع عبد اللطيف لفيلالي  موضوع المفاوضات التي جرت يوم السبت الماضي  في باريس ، فعلي الرغم من تغيير فريقي أعضاء المفاوضات إلا أنها ما تزال راكدة . أشعر أن موريتانيا ترتاب في نفوذ السنغال علي القبائل الإفريقية  فيها  ، خصوصا تلك المقيمة عند ضفاف نهر السنغال .

 

قابلت رئيس توجو الجنرال أيادما  وهو أيضا ممن يهتمون بالمفاوضات بين السنغال وموريتانيا . وكانت نصيحة الرؤساء الأفارقة  أنه : ” علي الرئيس مبارك أن يثابر “.

 

لابول : الخميس 21 يونيو 1990

 

رئيس وزراء تونس له وجهة نظر محابية لموريتانيا ويبررر ذلك بوقوع مذابح ضد صغار التجار من  ذوي الأصول  العربية المقيمين في داكار . الصراع كامن  بين المور والأفارقة الذين تدعمهم سنغال  خصوصا القبائل التي تعيش علي ضفتي نهر السنغال . لم أعرض عليه  وجهة النظر السنغالية المعارضة لكي  لا  أخل بالحياد المطلوب توافره في الوسيط .(….)

 

عودة إلي مدينة سان نازير برفقة ملك المغرب الذي كان يريد معرفة آخر تطوات المفاوضات بين السنغال وموريتانيا . ألحَّ علي أن تستمر مصر في الوساطة بين البلدين.

 

أديس أبابا : الجمعة 6  يوليو 1990

 

مناقشة حادة  بين مندوبي موريتانيا والسنغال . كان المندوب الموريتاني عدوانيا وعنيفا.  أما المندوب السنغالي فكان أكثر هدوءا وإقناعا من نظيره الموريتاني .

 

من الواضح أن الوساطة المصرية  لم تعط  نتائج حاسمة .

 

مكالمة هاتفية من الرئيس مبارك . مصر ترفض استئناف وساطتها بين موريتانيا والسنغال نظرا لعدم  توافر الإرادة السياسية  لدي الطرفين للوصول إلي اتفاق .

 

أديس أبابا : الإثنين 9 يوليو 1990

 

أثناء جلسة الإفتتاح الرسمية اقترح الرئيس مبارك الرئيس الأغندي لرئاسة منظمة الوحدة الإفريقية .(….)

 

حاولت إقناعه  بعدم انسحاب مصر من الوساطة بين موريتانيا والسنغال ، دون أن أنجح . أشتكي الرئيس مبارك أمام نظيريه ( منجستو – عمر البشير ) من الموقف السلبي للرئيس الموريتاني .

 

أديس أبابا : الثلاثاء 10 يوليو 1990

 

(..)

 

في جلسة بعد الظهر عرضت الجهود التي قدمتها مصر بناء علي التفويض الذي تلقته  لتسوية الصراع بين السنغال وموريتانيا . فوجئت بمداخلة من مندوب موريتانيا تتسم بعدوانية شديدة  وأعقبها مندوب السنغال برد ممتاز لكنه اتصف أيضا بالعدوانية .

 

تساءلت إذا ما كان الرئيس مبارك محقا في سحب وساطته .

 

أديس أبابا :  الأربعاء 11 يوليو 1990

 

لأول مرة يحدث نقاش علني لأزمة الثقة بين العرب والأفارقة في منظمة الوحدة الإفريقية .

 

بدأ الرئيسان منجستو وموسفليني هذا الجدل . تناول وزير خارجية تونس الموضوع ببراعة . ولدهشتي الشديدة تحدث باللغة الإنجليزية . ثم تدخل الصوراني ممثل فلسطين.

 

أخذت  الكلام ، وقلت إن إفريقيا عانت بما فيه الكفاية من الضعف بسبب هذه العصبيات القبلية ، فلا داعي إذن لإضافة عامل فرقة  عرقية  جديد .

 

إن الإسلام وأسلمة إفريقيا والدور الذي لعبته مصر لتحرير إفريقيا من الإستعمار، قد أسهمت إلي حد ما في تجاوز هذه  التفرقة العرقية .

 

القاهرة : الجمعة 20 يوليو 1990