الخليل النحوي وبدي ابنو يتصدران قائمة المشيدين بأول ديوان من الشعر الحساني يصدر في أوروبا

خميس, 10/04/2018 - 00:57

قٌلت..! 132 صفحة و50 قصيدة وشهادة أساطين الأدب في موريتانيا

 

 

أصدرت الدار البريطانية للنشر "أي – كتب"، ديوان "قلت..." للشاعر الموريتاني عبد الله ولد أمون، وهذا هو أول ديوان من "الشعر الحساني" يصدر في عاصمة الضباب (لندن) وفي القارة الأوروبية.

وعمدت دار "أي – كتب" (e-Kutub Ltd) إلى إصدار ديوان "قلت" في طبعة من ثلاثة أشكال: طبعة ورقية، وطبعة ألكترونية، وطبعة ورقية فاخرة.

ويقع الديوان الجديد في 132 صفحة من الحجم المتوسط، وتصدرته شهادات لأربعة من أكبر الأدباء والمثقفين الموريتانيين من أمثال العلامة المؤسس د. الخليل النحوي، ووزير الثقافة السابق الشاعر الكبير عبد الله السالم ولد المعلا، والشاعر والمستشار محمد ولد الميداح الملقب "دمبه".

بينما حمل الغلاف الأخير كلمة كتبها المفكر والمثقف الموريتاني الكبير د. بدي أبنو، والذي يعلق لأول مرة بشكل مكتوب على مؤلف حساني.

وضمت صفحات الديوان الجديد خمسين (50) نصا إبداعيا موزعا بين ثلاثة أبواب رئيسية هي "باب المديح النبوي"، و"باب التوسل والدعاء"، و"باب مجموعة السدنة".

ومن أسماء قصائد الديوان "على خطى الشعراء"، و"صراع العمالقة"، و"ملحمة الروهينغا"، والرزق"، و"الصداقة الحقيقية"، و"إنتــبه لنفسك"، و"ريـال وبرشلـونا"، و"گفـــان الهنــد"، و"گفان (المجانين)"، و"اگطاع (الفلانتاين)"، و"گـفان النيلة"، و"المنقبون عن الذهب"، و"تونــــس"... إلخ.

كما ضم الديوان، المتعدد الأغراض، قصائد في ذكرى شخصيات أدبية ووطنية راحلة من أمثال: الرئيسان: المختار ولد داداه واعلى ولد محمد فال والشاعران: محمد كابر هاشم والشيخ ولد بلعمش، والفنانة ديمي بنت آب.

واعتبر الشاعر العلامة الخليل النحوي قصائد ديوان "قلت...": "دروسا في الأخلاق والسياسة والتاريخ والاجتماع، كساها حسن السبك وقرب المأخذ طلاوة هي سر الشعر وسحره"، واصفا ولد أمون بأ،ه "الشاعر الترجمان الأمين المتحدث باسم الإنسان".

أما وزير الثقافة السابق رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين سابقا شاعر الكبير عبد الله السالم ولد المعلا فقد أكد أن "سر إبداع الأديب المتمكن عبد الله بن أمون يكمن في طول نفسه الشعري وغزارة مادته اللغوية وتحكمه فيها وتطويعه لها كل ذلك في سلاسة أسلوب وسلامة من التكلف فهو حسب رأيي أديب بارز يعد في طليعة أدباء العصر".

من جانبه، قال المستشار محمد ولد أحمد الميداح (دمبه)، أحد أكبر الأدباء الموريتانيين المعاصرين، إن الشاعر ولد أمون "يعالج المواضيع الشعرية معالجة من يعرف أن وراءه نقادا ولا يريد أن يسهل عليهم المهمة"، وفق تعبيره.

أما د. بدي ابنو، مدير معهد الدراسات والأبحاث العليا في بروكسيل، والأستاذ بجامعة باريس – دوفين، فقد رأى في الكلمة التي كتبها عن ديوان "قلت"، ووضعتها الدار على غلافه الرابع أن نصوص هذا الديوان "في علاقتها مع القارئ تستثمر بجدارة اللغةَ اليومية المتداولة والمباشرة للشعر الشعبي. والأهمّ أنّها، إلى ذلك، تكثفُّ مفرداتها وتمنحُ القارئ مستويات متعدّدة حسب ممكناته القرائية. وفي سبيل هذا التكثيف توظّفُ عنصرين إضافيين. إنها من ناحية تنتقي بعناية مفرداتها فتتفادى جزءا كبيرا من القاموس العتيق للشعر الشعبي. فقاموس "البادية" مثلا يتراجع بنسبة معتبرة أو يخضع لمستوى من التحديث. اللغة الشعبية المتداولة راهنياً هي التي تجدُ بشكلٍ معتبر تعميدَها في هذا الديوان، هي التي توفر للشاعر المادّة الجمالية الأولية التي ينتقي منها مفرداته. يمنحها اعتمادها الشعري ويمتاح من شعريتها الحية التي تقترب أحيانا من الفصحى المعاصرة بفضل الراهنية واليومية لا بالتخلّي عنهما. أي أنه بعبارة أخرى يأخذ شعريا يوميتَها على محمل الجِدّ".

وضيف "أن هذا الديوان يجمع بين جانب معيّن من الموروث الشعبي وبين ما يمكن أن تمنحه اللغة اليومية من تمنّع خلف قناع المباشرة وقناع المنبرية".

ولد أبنو يعتبر أن الشاعر ولد أمون "يستدعي بهدوء تلك السخرية العذبة والذكية في آن والتي تسمح للغة الشعبية أن تخلق المعنى بل الصورة والإيحاء دون أنْ تتورّط إلا بما يشبه التلميح، أي تسمح لها أنْ تقول دون أن تقول".

هذا، والشاعر عبد الله ولد أمون (45 عاما) من مواليد الجنوب الموريتاني (مدينة "تكند")، يقيم بالإمارات العربية المتحدة، حفظ القرآن الكريم صغيرا وحصل على إجازة في علوم الشريعة، ويحمل شهادة الدراسات المعمقة (الماجستير) في القانون العام (المالية العامة) من جامعة تونس 1998، وحصل على شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة بيكر بالولايات المتحدة الأمريكية 2014.

ولد أمون، الذي يجيد أربع لغات عالمية، يحمل شهادة مُحَكَّمْ دولي في مجال منازعات الإستثمار وعقود البنوك من جامعة القاهرة 2015 وشهادة مُحَكَّمْ دولي في مجال الجرائم الألكترونية وحماية الملكية الفكرية من المركز المصري للإستشارات والتحكيم الدولي. 2015.

هو أيضا عضو مؤسس في مجموعة "سدنة الحرف" الأدبية الموريتانية، وقد أنتج بحوثا عديدة في مجالات السيرة النبوية والسياسة والإدارة والقانون، فضلا عن أعماله الأدبية النثرية، له مجموعتان شعريتان مخطوطتان "فداك نفسي" و"ظلال الواقع"، وأعمال فصيحة مخطوطة مثل رواية "الأفق الصامت"، وقصائد وقصص قصيرة ومقالات في أدب الرحلات.

ولد أمون، وبضغط من كبار الأدباء الموريتانيين، قرر أن يبدأ رحلته مع النشر وأن يواجه الجمهور بتجربة أدبية سامقة، وكان ذلك أولا بديوان "قلت,..".

 

____

 

مواد ذات صلة:

 

(شهادة)

ولد أمون.. الشاعر الترجمان الأمين المتحدث باسم الإنسان

أطلعني أخي الأديب الكبير الأستاذ المختار السالم على شذرات من شعر شعبي بديع للأستاذ عبد الله بن أمون.

راقت لي هذه الشذرات شكلا ومضمونًا فقد وجدت الشاعر ترجمانا أمينا لشعب يتحدث باسمه، بل لأمة مكلومة، يستبطن همومها ومشكلاتها، يتحدث عن الإنسان من حيث هو ابن مجتمع مخصوص، ومن حيث هو مواطن في بلد معين، ومن حيث هو امرؤ مسلم، ومن حيث هو إنسان؛ فتجده ابن مجتمعه راثيا باكيا، وفي المجتمع من هذا الباب تنطوي قيم الإسلام ويلخص الإنسان إنسانيته، وتجده موريتانيا في نقده الاجتماعي والسياسي الموزون، حين يتحدث عن  الدستور وعن الواقع والمتوقع المطلوب، وعن التحزب لهذا الفريق الرياضي الأجنبي أو ذاك، وهنا أيضا يبدو لك المجتمع المقصود عينة ممثلة لكل مجتمع بشري، وتجده مسلما متوهج المشاعر حين يضرع إلى اللـه ويتوسل بنبيه الأكرم صلى اللـه عليه وسلم، مستدعيا شمائله المنيفة، وحين يخرج من الخلاف التقليدي حول الاحتفاء بذكرى المولد النبوي فيعلن أن هذه الذكرى أكبر عنده من الأعياد، ويهنئ المحتفين بها، ثم حين يتحدث بُحرقة عن مأساة الإنسان في مينامار. أقول الإنسان وليس الإنسان المسلم المضطهد فقط لأن مأساة من تجرد من إنسانيته وهوى سحيقا في دركات البهيمية المتوحشة هي مأساة مضاعفة. والشاعر في ذلك مترجم عن الإنسان أي إنسان كما يترجم عن تلك المعاني والقيم الكونية الناظمة في بيانه لمقتضيات الصحبة.

في تلك الشذرات وجدت دروسا في الأخلاق والسياسة والتاريخ والاجتماع، كساها حسن السبك وقرب المأخذ طلاوة هي سر الشعر وسحره.

وقد قر بعيني من وراء ذلك كله أن تصدر هذه الشذرات من معدن من معادن الشعر والعلم والأدب بمعنييه، وأن يكون لها في ذلك وفي ذاتها ما يدفع عن شهادتي هذه سهام التجريح وأنا المعتز بعلاقة ود خاص خالص بين والدي ووالد الشاعر، علاقة نستبقيها ونستحييها وإن بعدت الشقة وطال العهد شيئا ما.

تحية إلى الشاعر الداعية عبد اللـه بن أمون وإلى ذلك المعدن النفيس من معادن الفضل والعلم والمودة.

 

العلامة  د. الخليل النحوي (*)

_____

(*) شاعر كبير ومثقف موسوعي كبير، مؤسس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، ومؤسس أول جريدة يومية في موريتانيا، ورئيس "مجلس اللسان العربي في موريتانيا".

 

 

(شهادة)

سر إبداعه.. طول النفس الشعري وعدم التكلف

 

لقد اطلعت على نماذج من الشعر الحساني (لغن) للأديب المتمكن عبد الله بن أمون فوجدتها على مستوى عال من الإجادة في أغراضها المتعددة، ويكمن سر إبداعه حسب ما أرى في طول نفسه الشعري وغزارة مادته اللغوية وتحكمه فيها وتطويعه لها كل ذلك في سلاسة أسلوب وسلامة من التكلف فهو حسب رأيي أديب بارز يعد في طليعة أدباء العصر.

 

عبد الله السالم ولد المعلا (*)

____

(*) وزير الثقافة السابق

والرئيس السابق لاتحاد الادباء والكتاب الموريتانيين

 

(شهادة)

ولد أمون.. شاعر لا يسهل مهمة النقاد

 

أطلعني الأخ الأديب عبد الله ولد أمون على نصوص شعرية جميلة حقا وهي من إنتاجه الخاص. وكنت أتضايق من الاستشارات الشعرية لكثرة ما يرد الى من غثها وقلة سمينها، ولكني هذه المرة، وقفت على ما يرقى الى مستوى الأدب الرفيع، ولاحظت تناغما بديعا الشكل والمضمون لا يمكنه أن يصدر إلا عن قامة أدبية من نوع خاص.

الأديب عبد الله أمون يعالج المواضيع الشعرية معالجة من يعرف أن وراءه نقادا ولا يريد أن يسهل عليهم المهمة.

ولا شهادة أكبر، في نظري، ولا أكثر مصداقية من تلك الشهادة التي نالها من القامة الأدبية الفارعة، أخي وصديقي ووزيري الأستاذ عبد الله السالم ولد المعلا.

محمد ولد أحمد الميداح (دمبه) (*)

____

(*) أحد أكبر الأدباء الموريتانيين

ومستشار بوزارة الثقافة الموريتانية

 

كلمة الغلاف الأخير:

في علاقتها مع القارئ تستثمر نصوص هذا الديوان بجدارة اللغةَ اليومية المتداولة والمباشرة للشعر الشعبي. والأهمّ أنّها، إلى ذلك، تكثفُّ مفرداتها وتمنحُ القارئ مستويات متعدّدة حسب ممكناته القرائية.

وفي سبيل هذا التكثيف توظّفُ عنصرين إضافيين. إنها من ناحية تنتقي بعناية مفرداتها فتتفادى جزءا كبيرا من القاموس العتيق للشعر الشعبي. فقاموس "البادية" مثلا يتراجع بنسبة معتبرة أو يخضع لمستوى من التحديث. اللغة الشعبية المتداولة راهنياً هي التي تجدُ بشكلٍ معتبر تعميدَها في هذا الديوان، هي التي توفر للشاعر المادّة الجمالية الأولية التي ينتقي منها مفرداته. يمنحها اعتمادها الشعري ويمتاح من شعريتها الحية التي تقترب أحيانا من الفصحى المعاصرة بفضل الراهنية واليومية لا بالتخلّي عنهما. أي أنه بعبارة أخرى يأخذ شعريا يوميتَها على محمل الجِدّ.

أما العنصر الثاني فيتجسّدُ في أن هذا الديوان يجمع بين جانب معيّن من الموروث الشعبي وبين ما يمكن أن تمنحه اللغة اليومية من تمنّع خلف قناع المباشرة وقناع المنبرية. إنّه يستدعي بهدوء تلك السخرية العذبة والذكية في آن والتي تسمح للغة الشعبية أن تخلق المعنى بل الصورة والإيحاء دون أنْ تتورّط إلا بما يشبه التلميح، أي تسمح لها أنْ تقول دون أن تقول.

 

د. بدي ابنو

_____

مدير معهد الدراسات والأبحاث العليا في بروكسيل، الأستاذ بجامعة باريس – دوفين.