الفريق محمد إلخ... وعدالة الكيل بمكيالين

ثلاثاء, 05/15/2018 - 17:52
العقيد متقاعد اعمر ولد ابيبكر

كان الفريق الركن، قائد الأركان العامة للجيوش يحمل اسما طويلا هو محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، يوم كنا في إعدادية كيفه، هو في السنة الخامسة وأنا في السنة السادسة وكان أستاذنا المتألق للرياضيات با ممادو بوكار المنحدر من بوڭي، يناديه محمد إلى آخره... واليوم بعد أن وصل إلى قمة هرم القيادة العسكرية بدهاء وليس باستحقاق، فإن الفريق محمد الخ مسؤول للأسف عن الكثير من الظلم في الجيش الوطني، ظلم على جميع مستويات القيادة.

 

الأسوأ أنه أصبح عقبة حقيقية أمام العدالة منذ توليه قيادة هذه المؤسسة العسكرية ويتصرف كمستبد لدرجة أن السؤال بات مطروحا عما إن كان قد فقد مرونته.. وسأستعرض اثنتين من تجاوزاته العديدة في مجال العدالة. أولها حالة الظلم الصارخ الذي تعرض له ضابط في الجيش الوطني ارتكب "جنحة قرابة" بسبب رابط النسب بينه وبين رئيس سابق للجنة العسكرية للخلاص الوطني يحمل نفس اسمه العائلي، ثم الترقية بأمر الواقع إلى رتبة عقيد لصالح جندي من الدرجة الثانية من طرف الفريق، في خرق للنصوص المعمول بها، رغم أن الجندي المذكور مطرود بسبب التمرد بموجب حكم قضائي صحيح الشكل والإجراءات.

 

حالة الدكتور المهندس النقيب أفلواط ولد هيداله ـ الرقم الاستدلالي 89730

بعد اكتتابه بتاريخ 23 يوليو 1992 كتلميذ ضابط وتعيينه ملازما بتاريخ فاتح أغسطس 1994 عند تخرجه من التكوين بالمدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بأطار EMIA استفاد هذا الضابط من دورة تدريبية لمهندس في المعلوماتية بألمانيا مدتها خمس سنوات، من 1 أكتوبر 1995 إلى 26 مارس 2001، وحصل على دبلوم مهندس في المعلوماتية مع تقدير جيد جدا وحل في المرتبة الثانية من دفعته، وبهذه المناسبة بعث له قائد الأركان الوطنية رسالة تهنئة رقم 575/EMN بتاريخ 2 أغسطس 2001.

 

قبل ذلك طلب هذا الضابط وحصل من قيادة الأركان التي يتبع لها، يوم 18 أغسطس 1999، على الإذن بمواصلة تكوينه من أجل دكتورا من السلك الثالث والذي بدأ يوم 31 مارس 2001 لينتهي يوم 31 مارس 2004، ونظرا لأهميته تم تمديد فترة هذا التكوين لغاية يونيو 2006، وكانت المدرسة قد أبلغت قيادة الأركان الوطنية بذلك عبر رسالة بتاريخ 3 مارس 2004 عن طريق الملحق العسكري الألماني بالرباط، واعتبرت أن الحكومة الموريتانية أعطت موافقتها ضمنيا.

 

غير أن قائد الأركان الوطنية، وبدلا من إعطاء رد من أي نوع على تلك المراسلة لصالح هذا الضابط اللامع الذي شرف بلادنا وجيشنا الوطني بتحقيقه هذه النجاحات الاستثنائية في تلك المدرسة المتميزة، أمر دون إشعار مدرسته بالموضوع، بتعطيل رواتبه على الفور منذ 31 مارس 2004 وأطلق بحقه مسطرة إجراءات جنائية ظالمة بكل المقاييس، متهما إياه بالهروب بينما من العرف أن الهروب لا يقع إلا داخل البلد.

 

لم يكن قائد كتيبة القيادة والخدمات الذي أبلغ عن وجوده في حالة هروب منذ 24 ديسمبر 2004 ضمن تقريره بتاريخ 27 فبراير 2005 والذي يتهمه، دون تقديم دليل بالتخطيط للهجرة في ألمانيا، غير معني بوضعية هذا الضابط الذي وضعه تحت تصرف المكتب الثالث منذ سبتمبر 1995.

 

المكتب الثالث هو المسؤول الوحيد عن تسيير هذا المتدرب، وهو لم يتخذ أي إجراء قط لفرض قطع دورته التدريبية أو بطلب عودته إلى البلاد، بل على العكس عندما تقدم إليه هذا الضابط في نهاية تكوينه مصحوبا بشهادة دكتوراه من السلك الثالث تحمل تقدير "جيد جدا" وتكلل مسارا لامعا من التكوين كلفه أكثر من عشر سنوات من العمل المضني كي يخدم الجيش الوطني بشكل أفضل، قام العقيد أحمدو بمب ولد بايه قائد المكتب الثالث على الفور بتحرير الكشف رقم SSE/33/0090 بتاريخ 29 ديسمبر 2006 من أجل الدفاع عنه دون جدوى.

 

قبل ذلك، في يوم 28 سبتمبر 2005 وجه النقيب أفلواط هيداله طلبا لقائد الأركان الوطنية بهدف تسوية وضعيته الإدارية، وقد خضع هذا الطلب لكشف بالدراسة بتاريخ أكتوبر 2005، أعده العقيد التراد ولد الشيخ قائد المكتب الأول تبرئ المعني الذي لم يستطع إقناع قائد الأركان المصر فيما يبدو على قطع المسار المهني لهذا الضابط اللامع.

 

ولو أن قيادة الأركان الوطنية أرادت، بشكل جدي، إزعاج هذا النقيب لأمرت المكتب الثالث بإنهاء دورته التدريبية عبر الطرق والمساطر المعمول بها أو تنذره عند الحاجة بأن عليه العودة خلال أجل إذا تجاوزه سيتم اعتباره في حالة عصيان وهي المخالفة التي ينص عليها ويعاقبها القانون 132 - 62 بتاريخ 29 يونيو 1992 حول الاكتتاب في الجيش الوطني، شأنها شأن الهروب الذي يمكن أن يتسبب في متابعات قضائية محتملة.

 

غير أن قائد الأركان الوطنية، غير المهتم كثيرا باحترام المساطر القضائية، أصدر يوم 3 مارس 2005 أمرا بالمتابعة ضد المعني وأحاله بذلك أمام المحكمة العسكرية وصدر حكم أولي رقم 01/2007 بتاريخ 11 يوليو 2007 غيابيا في جلسة ابتدائية عن ضابطين عضوين بهيئة قضائية بشروط يحظيان بصوتين مداولين أدانه بينما برأته محكمة الاستئناف.

 

خضع هذا الحكم الأخير لالتماس بالطعن لدى المحكمة العليا التي أكدت بقرارها رقم 08/35 بتاريخ 4 نوفمبر 2008 حكم محكمة الاستئناف رقم 04/2008 بتاريخ 11 فبراير 2008، وبما أن هذا الحكم النهائي لم يعد قابلا لأي إجراء بالطعن وحاز بذلك على قوة الشيء المكتسب، فقد أصبح تنفيذه إلزاميا دون تأخير، لكن وزارة الدفاع وقيادة الأركان الوطنية، للأسف، بعد إبلاغهما من قبل ضبطيات مختلف الهيئات القضائية ومحامي النقيب المتدرب منذ نوفمبر 2008، بضرورة تنفيذ هذا الحكم القضائي، لم تبديا أي اعتبار لهذا الأمر بسبب الطبيعة الاستبدادية الموروثة عن الأنظمة الاستثنائية وقامتا بحفظه دون متابعة.

 

في يوليو سنة 2009، وتحت ضغط الكثير من المراسلات كانت آخرها من أحد محامي الضابط الضحية قدمت وزارة الدفاع، بتوقيع أمينها العام، رسالة جوابية تحمل الرقم 1384 / و. د. و/ أ.ع بتاريخ 27 يوليو 2009.

"ردا على رسالتكم المبنية مرجعيتها أعلاه، أتشرف بأن أرفع إلى علمكم أن الملف القضائي المذكور يوجد قيد الاستغلال على مستوى المصالح المختصة بوزارة الدفاع الوطني، وإذ أتمنى لكم حسن الاستلام أرجو أن تتقبلوا مشاعر تقديري".

 

وفي نهاية سنة 2009، رد قائد الأركان الوطنية ـ أخيرا ـ على المراسلة رقم 740 / و. د. و. بتاريخ 27 نوفمبر 2008 التي أحالت له الحكم القضائي النهائي لصالح النقيب مع السؤال عن الإجراء الوارد اتخاذه، وارد من وزير الدفاع الذي يعتبره بمثابة سكرتيره الخاص.

 

وفي رسالته الجوابية العائمة وغير المقنعة يضرب الراهب الجنرال عرض الحائط بالحكم القضائي الذي لا يعيره أية مصداقية ويعتبر أن النقيب في حالة هروب منذ ما يزيد على أربع سنوات وبالتالي ينبغي فصله من المؤسسة العسكرية لردع أي محاولات من هذا النوع.

 

انصاع الوزير السكرتير الخاص لطلب الجنرال دون تردد ولا همس من خلال فصل الدكتور المهندس أفلواط ولد هيداله طبقا للمرسوم رقم 195 / 2009 بتاريخ 24/12/2009 بذريعة التمرد بأثر رجعي اعتبارا من 27/12/2004 ودون إبلاغ المعني بهذا الإجراء التعسفي وفي تناقض صارخ مع الحكم القضائي النهائي الصادر عن المحكمة العليا.

 

وهكذا وفي استهزاء بالقضاء واجه جنرال الكتيبة ووزير الدفاع وقائد الأركان العامة قرار المحكمة العليا بعقلية تمرد حقيقية.

 

مر ثلاثة عشر عاما والنقيب أفلواط ولد هيداله ينتظر مرتباته الموقوفة منذ 31 ديسمبر 2004. ثلاثة عشر عاما مرت وهذا الضابط ضحية تعسف صارخ.

 

ومع ذلك فإن النقيب أفلواط ليس في حالة احتياج وليس مهاجرا غير شرعي في ألمانيا، إنه يتلقى راتبا شهريا يفوق الراتب الشهري للفريق الركن قائد الأركان العامة للجيوش، إنه واحد من الأطر المميزين لإحدى الشركات العملاقة جدا في مجال المعلوماتية والتطوير ويقدم دروسا في واحدة من أكبر جامعات ميونيخ بصفته أستاذا لتقنيات المعلوماتية.

 

غير أن الدكتور المهندس النقيب أفلواط ولد هيداله، الذي يرفض الجنسية الألمانية، يفضل العيش في ظل الكرامة والبؤس في بلده على الرفاهية مع الإحباط في أوروبا. لا يطلب أكثر من العدالة، ولا شيء غير العدالة، والعدالة فقط، علما أنه لرفع الظلم عن هذا الضابط تكفي مطالبة وزارة الدفاع الوطني بالتنفيذ الفوري للحكم القضائي المذكور أعلاه وصرف مرتباته من خلال تسوية وضعيته الإدارية عبر إلغاء المرسوم المتضمن فصله. من أجل تحقيق عدالة حقيقة للدكتور المهندس أفلواط، الذي أحرز رتبة نقيب بتاريخ الأول من أكتوبر 2003، يتعين أن تتم ترقيته بأثر رجعي لرتبة رائد بتاريخ الأول من أكتوبر 2009، ورتبة مقدم بتاريخ الأول من أكتوبر 2013 ورتبة عقيد اعتبارا من الأول من أكتوبر 2017 قبل توشيحه بوسام فارس في نظام الاستحقاق الوطني.

 

إن عودة هذا العبقري في مجال المعلوماتية المتعلم باللغة العربية إلى بلده، لا يمكن إلا أن تكون ذات فائدة كبرى لموريتانيا، فهذا الأستاذ البارز سيساهم دون شك في العصرنة والتسيير الأفضل للجيش الوطني الذي يفتقر إلى أطر بمستواه، كما سيشرف بالتأكيد طلبة المعلوماتية في جامعات ومعاهد نواكشوط.

 

حالة الجندي من الدرجة الثانية بابي حسينو، الرقم الاستدلال 014 72

كان الضابط التلميذ العامل بابي حسينو رفيق اعل ولد محمد فال في المدرسة العسكرية التحضيرية التقنية ENPT في مانس بفرنسا منذ دخول الجندية حتى حصولهما على رتبة ملازم في الجيش الوطني، طبقا للمرسوم رقم 38 - 77 بتاريخ 4 ابريل 1977 اعتبارا من فاتح أغسطس 1976، وبما أنه تمت ترقيتهما في أوج حرب الصحراء فقد تم، بطبيعة الحال، إرسالهما معا إلى ساحة المعارك.

 

في سنة 1985 حين كان برتبة نقيب، ورفيقه مديرا عاما للأمن الوطني دفع به هذا الأخير كضابط تموين للجيش، وهي الوظيفة التي شغلها إلى غاية 3 مارس 1998، حين تم تعيينه ملحقا عسكريا لدى سفارة موريتانيا بباريس، وفي بداية إقامته الباريسية أبلغ السفير عن نشاط مشبوه يقوم به هذا العسكري مع أوساط المغتربين الزنوج الموريتانيين في العاصمة الفرنسية وطلب تحويله خارج فرنسا.

 

أفضى هذا الطلب إلى تحويل العقيد بابي حسينو ملحقا عسكريا بالجزائر العاصمة اعتبارا من فاتح مايو 1999 وعند إبلاغه بالتحويل طلب وحصل على الموافقة بالبقاء في فرنسا حتى نهاية العام الدراسي.

 

وبعد وضعه في حالة هروب بتاريخ 10 يونيو 1999 أرسل عبر الفاكس يوم 20 يوليو من نفس السنة طلبا بالاستقالة إلى قيادة الأركان الوطنية بتاريخ سابق هو 10 مايو 1999.

 

كان الدافع وراء ردة فعله غير المفهومة على الأقل هو، بالتأكيد، خشيته من التعرض لنفس مصير أخي وصديقي الملازم أول با عبد القدوس الذي ألمح إليه في طلبه الإحالة للمعاش أدناه، الموجه لرئيس الدولة، والذي يتحدث فيه عن أسباب تتعلق بالشرف والأمان وكذا عن وجود خطر بين. ذلك أن الملازم المتدرب في الجزائر العاصمة، تم اقتياده على جناح السرعة مكبلا في أكتوبر 1987 من طرف الحكومة الجزائرية وتسليمه للسلطات الموريتانية بطلب منها قبل أن ينهي أيام حياته في سجن الموت بولاته، وقد روى مأساته أمام المحكمة التي حاكمته في اجريده والتي كان من ضمن هيئتها النقيب بابي حسينو.

 

وهذا هو النص اللاذع والقادح لرسالة الاستقالة، حتى لا أقول إعلان التمرد من طرف العقيد بابي حسينو، بما فيه من عبارات غير لائقة وجهها للسفير وقائد الأركان:

"يشرفني أن أقدم لكم استقالتي من الجيش الوطني ومن سلك الضباط اعتبارا من هذا اليوم 10 مايو 1999، أتنازل عن كل امتياز واعتبار مرتبط بوضعي الوظيفي، وأتحرر بالتالي من أي التزام ينتج عن ذلك، اعتبارا من وقت الإشعار بهذه الاستقالة، أرفض الاستمرار في خدمة جيش لئيم، حيث يتم إذلالي، بعد ثلاثين عاما من الخدمة والولاء دون أدنى عقوبة بسبب مخالفة مهما كانت بسيطة في ملفي، وذلك بتصديق الأكاذيب الملفقة والتآمرية لكل من مولاي ولد بوخريص والداه ولد عبدي حيث يتهماني، وهذه مفارقة، بالولاء لأجهزة المخابرات الفرنسية ويمنحان نفسيهما حق الاعتراض على جنسيتي الموريتانية ليجعلا مني مواطنا سينغاليا (حجة تقليدية لدى الأوساط العنصرية الموريتانية).

أرد على كل هذا، ببساطة، لهما ولمن يدعمهما في الظلام، بأن الوقت بات قريبا جدا حيث ستتم مساءلة كل واحد عن أفعاله وتجاوزاته؛ فالتاريخ ذاكرة لا تمحى تسائل مرتكبي الظلم عاجلا أو آجلا، أمام الإنسانية.

 

إن أي سلطة أسست على الظلم والاستبداد مصيرها الفشل الحتمي وتاريخ البشرية حافل بالعبر في هذا المجال، أنا أعرف تماما أسباب هذا التلفيق مثلما أعرف مرتكبيه، وهو يندرج ضمن إستراتيجية بائسة لدى أصحاب الانتماءات القومية الإقصائية الضيقة، العنصريين والقبليين ذوي النفوس الطفيلية البدائية، من أمثال مولاي ولد بوخريص وآخرين معروفين جيدا، سيتم كشف أسمائهم في الوقت المناسب، لذا فإن مخططات هؤلاء الأشخاص المنبوذين تماما تستوجب إجراءات عقابية صارمة من قبل السلطة وإلا فليسمح لنا بالتعبير عن استغرابنا الشديد أمام هذا السكوت غير المفهوم والذي يفهم منه أنهم يخطون بتزكية لا لبس فيها.

 

لقد عادت دوامة المطاردة والإقصاء في موريتانيا وظهرت وحوش سنوات 89 - 90 عندنا لكن هذه المرة بإستراتيجية أوسع بكثير وأكثر راديكالية، إذ يتم، بالإضافة لضحايا 89 – 90، استهداف لحراطين وقبائل البيظان المصنفة غير متعاونة، وعليه فإن من العاجل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بعزل هؤلاء الأفراد من أجل تفادي مأساة أخرى أكثر دموية من مآسي السنوات الماضية، وأعتبر نفسي في حل من أي التزام لا من الناحية الوظيفية أو التعاقدية أو الأخلاقية".

 

في العاشر من شهر يونيو 1999، أعلنته قيادة الأركان الوطنية في وضعية هروب لعدم الاختصاص، بينما في حالته الأمر يتعلق بوضعية عصيان مكتمل الأركان، وأصدرت أمرا بمتابعته أمام محكمة عسكرية. وفي 17 مايو 2001، أصدرت محكمة ولاية نواكشوط حكما ابتدائيا، غيابيا، يحط من رتبته إلى جندي من الدرجة الثانية ويشطبه من منتسبي الجيش العاملين وذلك اعتبارا من تاريخ الحكم المذكور.

 

تضمن المرسوم رقم 073 – 2004 بتاريخ 7 يونيو 2004 إقرار فقدانه لرتبته وشطبه من قوائم الجيش، إضافة لستة ضباط آخرين لنفس السبب. ويتعلق الأمر بالضباط التالية أسماؤهم: اعتبارا من 15 مايو 99 الملازمان مانغان آبو الرقم الاستدلالي 73238 وسيكو غانديغا الرقم الاستدلالي 77547 والملازم أول اعل ولد معيوف الرقم الاستدلالي 86480 والملازم أول الشيخ ولد عبد الله ولد السيد الرقم الاستدلالي 85416؛ اعتبارا من 22 مايو 2003، الملازم سيد أحمد ولد محمد الرقم الاستدلالي 85591، والملازم أول محمد الأمين ولد أحمد سالم الرقم الاستدلالي 95371.

 

مساعي جندي التموين

نظرا لمعرفته الجيدة بمزاج الثنائي المتآمر الذي عرفه عندما كان مسؤول التموين بالجيش الوطني وبالخصوص الميكانوقراف (خبير الآلة الكاتبة) الذي تقاسم معه الكثير من الصداقة انتهز جندي التموين فرصة حملة الرئاسيات في يونيو / يوليو 2009 لتحديد موقعه من خلال الدعاية العلنية لقائد كتيبة الأمن الرئاسي الذي كتب عنه في الصحافة "أقنعني عزيز لسببين أولهما مرتبط بشخصه والآخر ببرنامجه، فالرجل الذي أعرفه تمام المعرفة يتحلى بصدق وصراحة نادرين حيث يصمت حتى لا يخل بتعهد قطعه أو بالتزاماته، وهذا ما يشهد عليه رفاقي في السلاح جميعا، إنه يحمل طموحات كبرى ونبيلة لبلده؛ وقد عرفته عن قرب واستمعت إليه وخبرته، وصدقوني هذا ليس مجرد كلام يلقى على عواهنه. يولد في كل مرة داخل المجتمعات، نوع من الرجال من طينة خاصة: يقودون الرجال ويبنون، وقد أنجبت كل القارات أجيالا منهم عبر تطورها التاريخي، وأعتقد من وجهة نظري المتواضعة أنه واحد من هؤلاء".

 

عند نهاية 2009، أعيد الاعتبار للجندي من الدرجة الثانية بابي حسينو ضمنيا وعين من طرف الثنائي المتآمر في منصب رئيس للجنة تنسيق هيئات الأمن الخصوصي المدرة للمال. وتتكون اللجنة التي يرأسها هذا الجندي من الدرجة الثانية من عقيد كان قائدا سابق للأركان الوطنية ومن عقيد قائد سابق لأركان الدرك الوطني ومن عقيد قائد سابق لأركان الحرس الوطني، ومن ضابط سام من الدرك ومفوض شرطة مع أمين عام هو النقيب بريكه ولد أمبارك.. منتهي السخافة!

 

بعد ما أصبح طليق اليد في الشارع وجه الجندي من الدرجة الثانية بابي حسينو، يوم 11 سبتمبر 2011، رسالة إلى جنرال الكتيبة وكأن شيئا لم يكن، يطلب فيها تسوية معاش تقاعده، وهذا أهم ما جاء فيها: "قبل التعبير عن أي مطلب، أود، وبشكل علني تماما أن أشيد بعمل فخامة رئيس الجمهورية الذي أتاح للكثير من أبناء وبنات هذا البلد استعادة كرامتهم وحقوقهم. أعرب أمام الله وأمام العباد عن عميق امتناني لإعادة تأهيلي على الوجه الأمثل من خلال تعييني رئيسا للجنة تنسيق هيئات الأمن الخصوصي.

 

ولإكمال إنجازكم الجبار والسخي، أتقدم لأطلب من مقامكم السامي السماح بتسوية معاشي التقاعدي الذي يشكل الحصول عليه مواساة عظمى، سواء من الناحية المعنوية أو من الناحية المادية، فعندما كنت أتولى وظيفة ملحق عسكري في باريس، وإثر اتهامات باطلة من طرف قادتي آنذاك، ولأسباب تتعلق بالشرف والأمان، قررت أن أطلب مغادرة جيش لم يعد كما عرفته؛ قام بعض قادته من خلال إجراء ظالم بإنهاء العقد الأخلاقي الذي كان يربطني به، وفوق هذا، شمل قراركم الشجاع والجدير بالتقدير، القاضي بتسوية الوضعية الإدارية للعسكريين ضحايا التعسف بين 1981 و2004، بسماحته رجالا ارتكبوا أفعالا مدانة إلى أقصى حد بحق بلدهم وأهلهم، الأمر الذي لا يقارن بحالتي التي هي نتاج منطقي للمساس بشرفي كإنسان وكضابط، مصحوب بردة فعل طبيعية بشرية في مواجهة خطر داهم.

 

كذلك باسم حسن السلوك والعدالة، أتقدم لأطلب من القائد العادل الذي يتجسد فيكم إبطال ذلك القرار الجائر من بعض الأشخاص الذين تمنعني الأخلاق من ذكر أسمائهم. ولأنني على قناعة دائما بأن بإمكاني التعويل على حرصكم العميق على العدل أرجو أن تتفضلوا، فخامة السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقبول أسمى آيات الاحترام وعظيم الامتنان".

 

لم يتأخر الرد الذي جاء في رسالة جوابية بتاريخ 16 نوفمبر 2011 من قائد الأركان، بعد التشاور قطعا مع رئيس الدولة. ومع أن الجندي من الدرجة الثانية قدم نفسه على أنه السيد بابي حسينو، إلا أن الراهب الجنرال أسماه، بشكل غير قانوني، العقيد متجاهلا الحكم الصادر عن محكمة نواكشوط ومرسومه التطبيقي الذي ذكر مساره في رسالته التي ختمها على النحو التالي:

 

"من حيث المبدأ قرار الفصل مطابق للترتيبات والنصوص المعمول بها، وفي المقابل توجد في ناحية ما، ثغرة غير مكشوفة في الإجراء المقام به؛ بمعنى أن القيادة في تلك الفترة تسرعت في شطب اسم ضابط رفيع الرتبة دون أدنى جهد لإعادته للصواب أو حرص على الحفاظ على حقوقه وحقوق أطفاله فهذا الأمر يثير التساؤل حول الدوافع الحقيقية لمثل هذا القرار.

 

لهذا فمن الواضح أن المعني كان ضحية مؤامرة تجسدت في تصفية حساب خفية، ويبدو ذلك جليا خاصة وأن الأمر يتعلق بضابط ذي خبرة وكفاءة في ميدان عمله.

 

بناء على ما سبق ونظرا للخدمات التي قدمها للمؤسسة العسكرية طيلة 29 عاما و09 أشهر و09 أيام حيث شغل وظائف هامة، فإن قيادة الأركان تقترح منحه إعفاء خاصا يتم عبر ملتمس طعن في الحكم آنف الذكر بما يتيح تسوية قانونية للحق في معاش التقاعد، ذلك هو موضوع هذه الرسالة المحالة إلى عنايتكم لاتخاذ القرار بشأنها" أي انعدام للكفاءة! أي احتقار للقانون، للانضباط العام وللمؤسسة العسكرية!.

 

كان يملك للأمور أن تعود إلى نصابها لولا ما تحدث عنه أخي وصديقي النقيب اعل ولد كرومبلي الذي أوضح في مقال على موقع Cridem بتاريخ 14 أكتوبر 2013، مخاطبا الجندي من الدرجة الثانية: "أخيرا، لا يسعني أن أختم دون الحديث عن المظلمة التي طالتنا معا، فقد تم تصنيفنا، نحن الاثنين، كهاربين في سجلات الجيش، مع اختلاف الأسباب طبعا. ومن أجل الاستفادة من التقاعد وجهنا طلبين في نفس الوقت إلى القائد الأعلى للجيوش الجنرال عزيز، وقد كسب القضية بينما لم أكسبها أنا بعد".

 

من أجل إنصاف حقيقي للجندي من الدرجة الثانية بابي حسينو يتعين إعادة معاشه كجندي من الدرجة الثانية اعتبارا من 17 مايو 2001، تاريخ شطبه وخفض رتبته إذ أن المرسوم المتضمن فصله لا يحرمه من حق المعاش. فهذا الجندي المدان غيابيا، وليس في حالة احتياج، وبإمكانه توكيل محامي على نفقته ويشكل طرفا مدنيا ليرفع دعوى لدى المحكمة المختصة. ليس من واجب المؤسسة العسكرية التي هي الطرف المدعي أن تتقدم بطعن ضد حكم قضائي لصالحها فتلك سخافة.

 

مستندا إلى قوة الدعم الكامل، حتى لا نقول التواطؤ، من لدن الثنائي المتآمر، كان يكفيه الشروع في إجراءات الطعن ليكسب قضيته، ذلك أن الراهب الفريق سيتصل هاتفا على الفور، بتعليمات من جنرال الكتيبة، على رئيس المحكمة العليا الذي سيقف لأداء التحية العسكرية قبل اتخاذ كافة الترتيبات الضرورية لإعادة الاعتبار إلى هذا الجندي الذي يمكن أن يرقيه إلى رتبة لواء على أساس رجعي.

 

كان بابي حسينو مقرر اللجنة المثيرة للجدل التي عينها رئيس اللجنة العسكرية للخلاص الوطني من أجل تسليط الضوء بشكل كامل على المجازر التي تعرض لها الزنوج الموريتانيون من أفراد القوات المسلحة خارج القانون؛ والتي ارتكبت بدافع العنصرية داخل الثكنات العسكرية في الفترة 1990 – 91، وكانت تلك اللجنة المتعددة برئاسة العقيد سيدي ولد يهيى، القائد المساعد للأركان الوطنية وضمت علاوة على الرائد بابي، الرائدين انجاكا جنيغ والحافظ ولد المامي.

 

ويحتفظ جندي التموين بنسخة من ذلك التقرير الثمين يتخذها سيفا مسلطا على رؤوس المتورطين في تلك المجازر ومن يحمونهم الذين يعرفهم تمام المعرفة وسبق أن هددهم بوضوح في رسالته المذكورة أعلاه. إنه يستمد قوته من تلك الوثيقة التي كانت سببا في الخلاف مع سفارتنا في باريس، حيث اتهم بتسليم نسخة منها للمخابرات الفرنسية.

 

تبين مما تقدم أن تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء مرهون بالمزاج الرائق لهذين الجنرالين بالمحاباة، اللذين يسخران من الجمهورية: الراهب الجنرال محمد الخ... وجنرال الكتيبة محمد ولد اعليه الملقب دودو سك. وعلى العدالة السلام!

 

 

المصـــــــــــــــدر