تبييض الفساد

خميس, 03/29/2018 - 12:30
الولى ولد سيدى هيبه

"يُعرَف تبييض الأموال أيضاً باسم غسيل الأموال، وهو من المفاهيم الخاصة بأحد أنواع الجرائم التي ظهرت نتيجةً لتنوع مصادر المال غير القانوني، وتعدُّد أساليب تبييضه؛ لذلك كان لتبييض الأموال تعريفات مُتنوّعة، اهتمّ صناعو القرارات الماليّة والاقتصاديّة والسياسيّة بمتابعتها".

إذ كان هذا التعريف المقتضب ينطبق على الأموال المحصلة عن طريق الجريمة العابرة للقارات، فكيف نصف تلك الحاصلة في داخل البلدان بفعل آيادي النهب التي تعيث فسادا في مقدرات و خيرات الشعوب بلا رحمة و لا شفقة بكل الأساليب الملتوية و المفاهيم المغلوطة. عصابات، بكل منطق سيئ، تسرق و تتحايل و تظلم و لا تكترث لضمان انفلاتها من قبضة المساءلة و المحاسبة و العقاب و قدرتها على تبييض هذا المال الفاسد المحصل بالاحتيال و النهب.

و هو التبييض الذي من علاماته التي لا تخطئها العين:

·        ظهور المصارف الثانوية بكثرة مذهلة لا تتماشى و حجم الحركة الاقتصادية و المالية و التجارية و الصناعية للبلد، لكل جهة أو قبيلة أو عشيرة مصرفها لمعاملاتها و مبادلاتها و ستر إيداعاتها رجال أعمالها، و وجهائها، و رائداتها، و أطفالها الباذخين، و كبار المسؤولين منها في الوظائف التي تقوم على تسيير مشاريع كبيرة و إدارات كبيرة بماليات ضخمة، بلا مساءلة عن المصدر أو تحقيق في الحجم،

·        تطور الأعمار عموديا و الذي لا يستجيب لحاجات ملحة و واردة، ليصبح ديكورا نشازا في أرضية تفتقد إلى البنية التحتية القاعدية،

·        العيادات الطبية التي تنبت في كل مكان و لا تستقبل إلا الأصحاء ماليا من طبقات:

 

§        موظفي الدولة المتربعين على عروش التسيير،

§        ضباط سامين يديرون مؤسسات كبيرة،

§        سياسيين اعتلوا صهوات النظام المجتمعي الجائر بوجاهات بالية ليصلوا إلى مآرب مادية أنانية،

§        نساء المسؤولين و الوجهاء،

§        متملقين يميلون حيث الريح مالت، لا يهمهم فصل و لا زمن،

 

·        انتشار لا حدود له عموديا و أفقيا للأسواق و المحلات و الفضاءات الكبيرة في كل الأرجاء و شحنها بالبضاعة المترفة، الكاسدة في حقيقة أمرها و انعدام قيمتها، لا تتناسب و مستوى العيش لغالبية السكان لفرط ما يعانون من الفقر و الفاقة و الحرمان و من لسعات سياط الغبن و التباين و الإقصاء و من بقايا عسف النظام الطبقي العصي، فلا يشكلون يدا شرائية تلجها و لا لهم إليها إلا وجهة المستنكر.

·        تعدد البورصات الملية الغير مرخصة بأيدي محميين تتعامل بالعملة الصعبة من كل مصدر في سوق حرة موازية في وضح النهار.

·        تكاثر بورصات السيارات الفارهة مملوكة من نفس طبقات الفساد حيث تستورد لتدفن في رحابها بعض الأموال.

هنا في كل هذه المظاهر تغسل هذه الأموال التي تجنى من الفساد على حساب التنمية الشرعية و العدالة الاجتماعية الملحة لمحاربة الفوارق الكبيرة.

إذا لم يكن هذا تبييضا للفساد فما عساه يكون؟