رسائل تكانت رغم الإستقبال الحار!

أربعاء, 11/16/2016 - 13:27
عبد الفتاح ولد أعبيدن

بين عدم الإرتياح وغياب عنصر الجرأة للدخول في معترك نشدان التغيير الحقيقي، استطاع بعض أطر إدوعلي تكانت إرسال المساج الرئيسي في الزيارة، حيث حضروا اجتماع الأطر مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز، واكتفوا بمداخلة امرأتين، إحداهن لم تتكلم باستحياء، وإنما طلبت لقاءا على انفراد مع الرئيس!.

لم يتكلم الرجال من هذه المجموعة المحورية، في ولاية تكانت، فاستطاعوا التعبير عن مساندتهم الظاهرة القوية ولو شكليا، وفي المقابل من خلال إحجامهم عن المداخلات، ربما أربكوا مشهد هذه الزيارة وذكروا الأوساط الخلفية القبلية المنظرة للنظام القائم بامتعاضهم مما يتردد في الأوساط الخاصة للنظام، بما مضمونه حرفيا أحيانا، أن نظام 03 أغسطس 2005 لن يثق مطلقا في قبيلتين بوجه خاص، إدوعلي واسماسيد.

إدوعلي تكانت أرغمتهم المصلحة فحضروا وأغضبتهم بعض مواقف النظام الحقيقية، فصمتوا صمتا تكتيكيا مبهرا (استخليط).

أبقوا شعرة معاوية مع النظام القائم، والمحتمل الإنقضاء على مشارف نهاية سنة 2019 بإذن الله، وأبقوا اليد مفتوحة نسبيا، لما هو قادم من بدائل غامضة، لكن غير مستبعدة على الأرجح، لأن الخيارات والفرص بدأت تضيق على ولد عبد العزيز ونظامه، على رأي البعض.

ومن الجدير بالذكر أن مجمومة "تيمل" ذات الوزن في ساحة أطر إدوعلي، أقل تمثيلا بالمقارنة مع غيرها في تعيينات وتكليفات نظام ولد عبد العزيز، على مستوى القبيلة المذكورة.

وفي صباح يوم الثلاثاء سجلت الجهات المعنية، أمنيا ورسميا، ولاحظت صمت هؤلاء.

أم أن بلقيس إن صح الإطلاق وصاحبتها، تكفي لتمثيل قومها، أم الأقرب، لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.

ترى هل ارتكب هؤلاء غلطا تاريخيا لم يفت على السلطة على وجه التأكيد، أم الأمر عن دراسة فائقة لأغراض متعددة، حاضرة ومستقبلية، في سياق التذكير بالذات وتعزيز المكاسب في الوقت الراهن والأفق المرتقب.

وكانت مشكلة الماء حاضرة غائبة، حيث لم تبد رئيسية محورية في حساب النخبة المتحدثة أمام الرئيس، رغم أن بعض المتحدثين لا يناسبهم هذا الإطلاق.

مشكلة الماء في تكانت وتجكجة بشكل خاص، في غاية الإستعجال وخصوصا إذا احتسبنا ضحايا الماء الأجاج، أي شديد الملوحة، والذي أدى أحيانا إلى وفيات، حسب مصادر إعلامية ميدانية.

نخبة تكانت في اجتماع الأطر بتجكجة، عبرت عن مستوى من التنظيم الغالب والفوضى المحدودة، أكد المستوى المعتبر لتمدرس وتعلم أبناء الولاية وتميزهم، لولا سقوط عدة متدخلين في حمأة ولوثة الدعوة لخرق الدستور ومواده المانعة لتجاوز العهدتين الرئاسيتين.

صراعات أبناء الولاية تمحورت بشكل خفي غير علني تماما، في قصة السدود وصراعاتها المناطقية المتعددة، مما يؤكد أن مشكلة الولاية مائية بالدرجة الأولى، رغم وجود مياه معتبرة في عدة مناطق، إلا أنها إما مالحة لا تصلح للشرب أو دون تسيير معقلن.

وسيبقى رهان الولاية التنموي الأول في العقد القادم، مائيا بالدرجة الأولى.

كما كانت من وجه آخر، في مستهل الزيارة، الفوضى الخلاقة في المطار سياسة مزدوجة الدلالات، عبرت عن بقايا البداوة، رغم الثقافة ودعاوي المدنية الناقصة، كما يمكن أن تعبر عن الاضطراب الداخلي وعدم الإرتياح بصورة كبيرة للنظام القائم.

بدا ولد عبد العزيز في هذه الزيارة، في مطلع كلامه عند لقاء الأطر، شاكيا من "اتوشويش" بعض الإعلاميين في صحافة انواكشوط ، بعد اختتام الحوار المزعوم، لكن هذا الرجل في هذه الزيارة، وبوجه خاص عند اجتماع الأطر، بدا أكثر هدوءا ورزانة طيلة اللقاء، مما يدل على تحول ذهني ونفسي نسبيا، ينبغي الحساب له من الآن، وقد لا يكون سلبيا على الإطلاق.

فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمان يقلبها كيف يشاء، وإن لم يمنع هذا التأويل المتفائل، من أخذ الحيطة والحذر، فالطبع أغلب، وإن كان لكل قاعدة شذوذ.

وباختصار كانت الطرافة أيضا حاضرة لإيصال رسائل لم تكفي الجدية لإبلاغها ربما.

فعندما سلم ولد عبد العزيز على بوه ولد المصطاف الكبير، في قرية بضواحي تجكجة، على هذا الشيخ الروحي الذائع الصيت، تدخل الدح ولد مولود المدير السابق للمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، همسا عن قرب لولد عبد العزيز، قائلا هذا الشيخ هو الذي أرقى (حجب بالحسانية) لمدير ديوانك ولد باهية، وقت إصابته بالجنون سابقا، فضحك ولد عبد العزيز ضحكة عريضة، ربما لتفاجئه بهذه المعلومة المثيرة وطرحها في حضور الحجاب المعني.

فهل أراد الدح القول بأن نظام ولد عبد العزيز نظام المجانين السابقين بالدرجة الأولى، ولغيرهم من زملائهم في نفس المنحى، الحق في التعيين، بعد طول انتظار وتصفيق فج أحيانا، أم الغرض القول بأن رأس النظام بحاجة للرقيا، والفرصة متاحة لدى نجل "كلام آدلكان" (الصالح الولي رحمه الله سيد محمد ولد المصطاف العلوي الآدراري).

وفي باب آخر لم تكن قضية المعاقين والتذكير بإمكانية علاج مرض التوحد الخطير، غائبة عن لقاء الأطر، فقد استطاعت إحدى الأخوات، عرض تجربة رائدة إنسانية مفحمة في هذا الصدد، كادت أن تسيل الدمعة الصادقة على خدها، تقبل الله جهدها، وليكن للسطان المتغلب قلب وإشفاق ليساعدها في منشطها المتميز الملح، الأخلاقي الرفيع.

وبوجه عام كان الإستقبال حارا ومتنوعا، ولم يخل من التذكير بالعلماء والمشايخ والمقاومة والجهاد ضد المستعمر الفرنسي، وقد استطاع إدوعيش عبر إهداء الرئيس الخيل (الحرة) على دعوى هاديها أن يذكروا بذكاء وأدب رفيع، بدورهم التاريخي، المعروف المشهود، في المقاومة ضد المستعمر، وبسالتهم وشوكتهم وفروسيتهم.

كما التحمت جميع مكونات الولاية تقريبا بروح تنافسية بسلبية أقل، مشكلة استقبالا من الناحية الظاهرية أكد على الأقل مدى رسوخ فضيلة الضيافة لدى شعبنا عموما وتكانت في هذه الجولة، بغض النظر عن شطرنج السياسة، الذي قد يصعب علينا فك بعض رموزه، خصوصا إذا تعلق بأهل العلم والصلاح من سكان هذه الولاية العريقة، سواءا تعلق الأمر ب "كنت" أو "إدوعلي" أو "إدوعيش" الشجعان الأمراء الأشاوس، وغيرهم من سكان تلك الربوع الغالية الأصيلة.

ولنا عودة للموضوع بعد تجميع أكبر قدر من أخبار هذه الزيارة المعبرة ودلالاتها المبهرة، دون أن يعني ذالك مدى خدمتها للنظام أو إضعافه، فتلك قصة أخرى أغمض وأعوص!.

ولله الأمر من  قبل ومن بعد، رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه.

حرر بنواذيبو، ليلة الأربعاء، الموافق 16 نوفمبر 2016 بشقق شاطئ الراحة (حي دبي)