من محمد العرب إلى موريتانيا...

أربعاء, 08/31/2016 - 22:58
محمد العرب صحفي عراقي

ها أنتِ تضعين اليوم تاج التفرد كما عهدناكِ حبيبتي، وها أنتِ اليوم تجعلين خبراء الجمال يقفون عاجزين أمام حُسنك وبهائك، فلا يجدون سبباً واحداً يمنعهم من منحكِ قلادة التفرد، مبروك يا حلوة، تاج الفخر الجديد ، مبروك يا جميلة، فوزكِ المستحق، فأنتِ شنقيط بلا ألقاب ولا نعوت واسمك يكفيكِ حبيبتي.

60 دولة في قاموس رحلات عاشقكِ الصغير محمد العرب، و 24 سنة من الترحال المرّ بين الموانئ والمطارات، ولم تعلق في مخيلتي ووجداني إلا القليل من المدن، وأنتِ بلا شك في مقدمتها، أنتِ يا حبيبتي موريتانيا الأجمل ، أنتِ يا موريتانيا البلاد التي لا أتعبُ من الضياع فيها، بل وجعلت الضياع في “شوارعك” أجمل هواياتي، وأنتِ يا معشوقتي التي لا أخجل من البكاء أو الفرح في حضرتها، وأنتِ يا حلوتي البلاد الخالدة التي أتمنّى أن أُدفن فيها.
آه يا شنقيط لقد كانت قصتي معكِ قدَرية، لم أخترها ولم أسعَ لرسم ملامحها، ولا ضير من تذكيركِ بها حبيبتي، أتذكرين يا شنقيط مجد اللقاء الأول بيننا؟
نعم بالتأكيد تذكرين ذلك ، فالبلاد العظيمة لا تنسى عشاقها، وكيف للوردة أن تنسى عطرها، هيهات أن ينسى الجبل قمته ، أو يهجر البحر عمقه، أتذكرين عندما كنتُ أترجَّل قبل سنين طويلة من سلم الطائرة في مطار نواكشوط ، وكانت عقارب الساعة حينها تُشير إلى ما بعد منتصف الليل بقليل؟ ومن حُسن الحظ كان من ينتظرني أحد عشاقكِ القدامى، فقال لي “هذه هي شنقيط هل سمعتَ بها سابقاً”، قلتُ له “نعم لكنّي لأول مرة أراها”، توقفتُ عن الكلام حينها قبل أن أقول له بعفوية “لكنّها أروع بكثير مما حكى لي عشاقها”، فضحك الرجل قائلاً “الجميع يقول هذا عندما يشاهدونها أول مرة”، الرجل كان كريماً مثلكِ تماماً، وكيف لا وهو أحد أبنائك لذلك لم يتردد في القول: “ما رأيكَ أن نتناول العشاء في أحد مطاعمها الشعبية القديمة؟”، فأعلنتُ الموافقة بلا تردّد لأنّي كنتُ حينها تحت سيطرة حُسنكِ أيتها الأبيّة، وفعلاً حدث اللقاء الأول مع مفاصل حُسنكِ حبيبتي، لقد تشرّفتُ بالمشي في شوارعك لأول مرة، وكنتُ أشعر حينها كما يشعر ويتمنّى الأطفال، نعم كنتُ أتمنّى وقتها ألا يراني أحد حتى أركض حافياً ، أيتها الحلوة أصبحتُ عاشقاً صغيراً يُضاف إلى طوابير عشاقكِ وقرّرتُ أن أسكن فيكِ، وقرّرتُ أن أُحبكِ كلَّ يوم أكثر، وأن أكتشف حُسنكِ كلَّ يوم أكثر، ومنذ ذلك اليوم، وأنا أشعر بسعادة عندما أستيقظ على عبق عطركِ وذكرياتك ، الذي يجعل عواطفي تتدفّق متأججة، وأشعر كلَّ صباح وكأنني أجلس معكِ، وآخذكِ بين راحتي، لأستمدَّ منكِ دفئاً مُثيراً يجعلني أتمنّى الانصهار معكِ، حتى أصلَ إلى إدمانكِ حتى الارتواء، حبيبتي شنقيط، أعلمُ أني لستُ العاشق الأول، ولست العاشق الأخير، وأعلمُ أني لست بحجم بهائكِ وجمالكِ، وأعلمُ أن عشاقكِ ممن أبصروا النور في رحابكِ، أكثر أحقيّة مني في مديحكِ، لكنّي أعلمُ أيضاً أن أهل شنقيط ، لا يمانعون أبداً في أن يكون لهم شركاء في عشقكِ، فأنتِ اليوم إحدى البلاد الخالدة .
أيتها الجميلة، لن أعدل فيكِ وصفاً، لا في الشرق ولا في الغرب، فشوارعك مملكةُ عشقي، وعشقي لك عشقُ صبّ، والحكايةُ معكِ تطول ولا تتلاشى في الذروة، إن حبّي يا شنقيط لم ولن يكون نزوة.
هذه رسالة من قلبي إلى من أحبَّها قلبي.