أين القبول الطوعي للآخر؟

اثنين, 06/06/2016 - 11:51
باباه ولد التراد

حضرت مساء البارحة  5/ يونيو 2016 حلقة نقاش نظمها المركز العربى الافريقى للاعلام والتنمية تحت عنوان : " الحوار بين الموالاة والمعارضة... مبررات المشاركة والمقاطعة " ، وقد أثرى هذا النقاش نخبة من خيرة المثقفين والسياسيين الموالين والمعارضين والمستقلين ، غير أن الفريق السياسي بشقيه ، لم يقدم رؤية تقتضي التعايش الاجتماعي بين مختلف الفرقاء أوممهدات مشجعة يمكن الركون إليها ، باعبار أن أحداثا ضخمة في تاريخ البشرية ما كان لها أن تتحقق وتحدث لولاإجماع كلمة النخب والمفكرين .

كذلك فعند ما تبرز على السطح قضية أو أكثر تمس مصالح الأمة أو قيمها الأساسية وتؤثر على عدد كبير من المواطنين فتصبح بالضرورة موضوعا مطروحا للمناقشة الحرة والمناظرة ، ويدور الجدل حولها إلى أن يصل الناس إلى إجماع ، ويتم الاتفاق على السبل التي يمكن اتباعها لتحقيق هذه الأهداف ، عند ذلك يتبلور موقف عام ، بعد أن تجاوز مراحله الأولى التي تتسم بالغموض وعدم وضوح الرؤية .

غير أن هذا يستدعي قدرا من التضحية والإيثار ، والاعتراف بالآخر كشريك سياسي نضالي ، حيث الوطن يتسع للجميع ، لأن كل مكون سياسي يسعى للوحدة الوطنية ويضع مصلحة الوطن فوق الحزب عليه أن يبرهن على ذلك من خلال التفاعل الإيجابي والاستعداد الكامل للتضحية .

وإذا كان منهج الجدل والحوار قادرا على احتواء جميع الصراعات والاختلافات فإنه يجب علينا أن نتقيد بالأصول والقواعد الرئيسة التي تضبط مسارهذا الحوارالتي من ضمنها :

1ـالتركيز أولا على النقاط المشتركة وتحديد مواضع الاتفاق لأن ذلك يساعد على تقليل الفجوة، ويوثق الصلة  بين الطرفين .

2ـ التدرج والبدء بالأهم ، فمعرفة الأهم والبدء به يختصر الطريق.

3ـ التفريق بين الفكرة وقائلها، وإبداء المحاورإعجابه بالأفكارالصحيحة

4ـ الإخلاص وصدق النية ،والكلمة الطيبة ،وحسن الاستماع ،والاحترام المتبادل.

5ـ الحلم والصبر، لأن " الحلم سلاح القوي "، " والصفح أبلغ من كظم الغيظ ".

6ـ التسليم بالخطأ والرجوع إلى الحق فالعاقل هو الذي يسلم بخطئه، ويعود إلى الصواب إذا تبين له، ويفرح بظهوره .

7ـ عدم الأخذ بالمواقف المسبقة التي لا تقبل النقاش ولا تغيرها الحقائق الدامغة .

 

وبما أن الشعب الموريتاني يتطلع إلى البناء والقدم فإنه يرفض تماما المناكفات السياسية والتنافس السلبي بين الأحزاب المعارضة أوالموالية ،على أساس ما سيحصل عليه قادتها من مزايا ذاتية ، من خلال ذلك الحوارالذي شغلوا به أنفسهم عن هموم الوطن وتطلعاته ، بدلا من أن يكون هذا التنافس يستهدف في الأساس بناء الوطن ، والحرص على مكتسباته .

ومع ذلك فان نتائج أي حوار تأتي عادة ثمرة لجهود مكثفة من الضغوط والنقد واقتراح الحلول الملموسة أو البديلة ، وتمكين المواطنين من الاختيار بين برامج ومبادئ متعددة ، تسمح بتجديد النخب السياسية ، وتجعل من المجتمع شريكا مساويا للدولة ، ليس في الجانب المادي فحسب ، وإنما في الجانب الأخلاقي الذي تتم من خلاله مراقبة سلوك المسؤولين أثناء تأديتهم لمهامهم ، والمساهمة في علاج أي أزمة طارئة أو التقليل من انعكاساتها السلبية على الجماهير ، وبذلك تتحقق الوظائف العامة المنوطة بالطبقة السياسية ، وهي التعبئة ، والتنمية، والاندماج القومي، ودعم الشرعية ، والتجنيد السياسي ،  وعلى هذا النسق ستتجه هذه الطبقة إلى التجذر بعمق في مجتمع حر وعادل ، وعند ذلك يمكنها قيادة وتوجيه الجماهير وكافة عناصر المجتمع المدني .