القطيعة الدراماتيكية فالتقاطع لبراكماتيكي ..!

اثنين, 03/21/2016 - 09:54
الدكتور محمد ولد الخديم ولد جمال

ألاّ يتقاطع مستقيمان فتوازِِ في الإصطلاح الرياضي، تضادُُّ في العرف اللغوي؛ أن يلتقيا في نقطة وحيدة فهذ تقاطع؛ أن يتماهيا توافقاً فذاك عين الإلتباس .. ولئلا يستدرجَنا تفصيل المقدمات للوقوع في كمائن الإنشائية المحكمة فإليكموها مُسقطةً واقعياً:

حمل المشروع " الإسلاموي" برنامجا لا تناصَّ فيه -على الأقل في مراحله الأولى- مع الرجعيات مُثبِّتاً مواقعه في وجدان الأمة التواقة حينها للتحرر من براثن الاستعمار والاستبداد، الثائرة ضد التخلف والإنكفاء، الباحثة عن هويّتها الدينيَة الضائعة ..!

 

وفي ذات يوم عاصف شعر المشروع بتهديد كيّانه لتنكشفَ له " الحُجُب " عن المشتركات الكثيرة مع "إيران الثورة " فتجاوز "عقدة المذهبية " واخترق حواجز اللغة والجغرافيا، وأدار ظهره لعمقه القومي المنغمس في الحرب مع الجارة الفارسية، ارتمى في الأحضان يتدلّلُ ويتذلّلُ، يترعرع ويشبُّ ويصلب عوده، تروِّضه الدولة الإسلاميّة قبل أن تتحوّل في وجهة نظره الحسير إلى فارس - بلاد عبدة النار - تتعهده رعايةً وحمايةً من عاديّات الزمن وظلم ذوي القربي ..! عادى الجميع رغم سُنيّة الجميع، واختار محور الممانعة سنداً وبئةً حاضنةً، بل ومُقامآ.

 

تمضي الأيام سراعاً ليلوح في الأفق برق الربيع العربي المشؤوم، فيقرِّرَ خبراء المشروع ومنظِّروه الالتحاق بركب " الثورة" ممتطين مشاعرَ الجماهير المُضلّلة بفردوس الفوضى الخلاّقة، فيغمر المدى صدى أصوات تلك الحناجر وهي تردِّد بايقاع ملتهب حماساً: "الشعبْ أيْدْ وحدهْ، الشعب يريد إسقاط النِّظام ولبّيك يا سوريّه"، دون أن نفهم نحن البسطاء أن يداً واحدةُُ أو رجْلاً واحدةُُ، أو ترمُّلاً، أو أسراً، أو سبْياً ستكون بالمُحصِّلة قطافاً لحصاد الربيع الموعود، ودون أن نفهم كذلك حينها أن هذ " الشعب" يريد فعلا إسقاط النظام ونشر الفتنة وإثارة الفوضى، ودون أن نستوعبٓ أن " التّلْبيّةَ" لسوريّة  أعظم قُربة منها للأقصى والقدس ..!

 

أخذ الفصيل المتعطش للسلطة زمام المبادرة وله في ذلك الحضور المشهود عديد المآرب: خطف الأضواء، استخدام العلمانيين والأقليّات " جُنّةً " تقيه شرّ المترصِّدين، تحطيم الحاجز النفسي المتولد - تراكميّاً - عند الشعوب منه، مغازلة آمريكا وربيباتها وصغار خدمها وحشمها، الخضوع للمسات " الماكيير - العم سامْ - "التجميليّة" ..!

 

نجح في الوصول للحكم في تونس مكبّلاً بعشق السلطة، مُحيّداً عن التّأثير، مستسلماً لنظام تربيّة المزارع المُغلقة، وفي مصر لينقلب على ثوابته قبل أن ينقلب عليه الشعب الثائر، ليتلقّى الضّربات تلو الضربات في اليمن وسوريا والعراق في أوج فُلوليّته، فينتهيَّ به المطاف في اختزال رقمه في مجرد ذراع ثانويّة للأخطبوط الامبريالي الرجعي، ولسان حاله"الجحشَ لمّا فاتني الأعيار"، يُستغل حينا كجماعة مسلّحة، ووسيط "فدية " أحياناً أخرى ..!

 

وطبيعي وبموازاة انهزام محور " مقاومة المقاومة " أن يسعى المنظرون وعلى عجل للحصول على "الكفيل" للعمل في حراسة الواحات أو الهُجّن أو اسطُبُلاّت خيول السباق في تلك البلاد "الغيورة على الدين وثوابت الأُمة"...!