"مجابات" الإخوان...

أربعاء, 01/12/2022 - 12:31

صحراء المجابات الكبرى موحشة ومخيفة. مهمه مترامي الأطراف يتيه فيه الخريت، ويغري سرابه الغر عديم التجربة. على منوال هذا الربع الخالي نسجت صفحة "مجابات" استطلاعها حول أداء الحكومة. يغتر من لا يعرف القوم، وليس لديه إلمام بتقنيات الاستطلاع بالعبارات المنمقة التي استخدمتها الصفحة الالكترونية في إعلانها الممول... يتكون مجتمع الاستطلاع من "جمهور مواقع التواصل الاجتماعي..." دون تحديد الحيز الجغرافي. يتكون جمهور مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا، وهو المقصود، من عشرات آلاف الصفحات، والحسابات، والمجموعات، يتفاعل عبرها مئات آلاف الأشخاص من مستويات عمرية واجتماعية وثقافية ومعرفية مختلفة كل الاختلاف.. في هذا "المحيط" غمست "مجابات" مخيَطا علقت به 2000 نفس من فسابكة الإخوان اتخذت "عينة عشوائية"..." وفقا للنظم العلمية المعمول بها في هذه الاستفتاءات." فأي نظم علمية تجيز اتخاذ 2000 شخص منظمين في نفس التوجه السياسي لوحدة البحث، عينة عشوائية لمئات الآلاف من البشر مختلفي المشارب الفكرية والتوجهات السياسية؟
 لا تعرف "وحدة البحث" التي أشرفت على الاستطلاع "حول أداء الحكومة" من هم أعضاء الحكومة بدليل أنها عدت منهم الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والوزيرة المستشارة برئاسة الجمهورية. "وحدة البحث" الطامحة "للمساهمة في بناء قاعدة علمية، تساعد الدارسين والباحثين وصناع القرار." تعد كل من حمل صفة وزير عضوا في الحكومة، بل إنها تعد رئيس الحكومة عضوا فيها بأمارة أنه يحمل صفة الوزير.. ولا عبرة لما بعدها.. بل لا عبرة للإجراءات القانونية المتبعة في تعيين أعضاء الحكومة، وإقالتهم، وتلك المتبعة في تعيين الوزير الأول، والوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والوزيرة المستشارة في رئاسة الجمهورية...
 لم تنتبه "وحدة البحث" مجهولة التكوين، أن الوزير الأول عين قبل الحكومة، وأن الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية هو من قرأ التشكيل الوزاري، فهل هما عضوان استحقاقيان؟ ولم تخبرنا "وحدة البحث" عن الطرائق العلمية التي قيم بها 2000 من فسابكة الإخوان على الوضع المجاني، أداء الوزيرة المستشارة في رئاسة الجمهورية، وهي لا تدير قطاعا حكوميا، وإنما تقدم استشارات لرئيس الجمهورية؟ لقد أبدى المستطلعون، حسب رواية "وحدة البحث" مجهولة التكوين استياء بالغا من أداء الوزيرة المستشارة، فلم يمنحوها سوى 07.20%. وحرصت "وحدة البحث" مجهولة التكوين، على دقة النسب المئوية؛ 43.06 بدون جواب، و49.72، قالوا لا لأداء الوزيرة، فاخترعت قاعدة تقييم خاصة بالوزيرة، من 100.01%. هذه الزيادة استلفتها "وحدة البحث" من حسابها الدقيق للنسب المئوية عند تقييمها أداء وزير الخارجية، فقد منحه المستطلعون، حسب رواية وحدة البحث 31.72% من الآراء الايجابية، ورفض أداءه 28.88، وامتنع عن تقييمه 39.39، لتصبح قاعدة تقييمه 99.99% ، ولا إشكال إحصائيا حسب "النظم العلمية" التي تعمل وفقها وحدة البحث، إذا استلفت وزيرة من وزير...
 تنتقل "وحدة البحث" إلى "تحليل" نتائج الاستطلاع تحت عناوين بارزة: وزير أول ضعيف شعبيا. ليس الهجوم على الوزير الأول وليد اللحظة وإنما دشنه بعض "المؤلفة جيوبهم"، وأربى فيه من الصحّافة من افتخر "بدراعة الأمن"، ولا صلة لأداء الوزير الأول بالموضوع.
ثم تنتقل "وحدة البحث" إلى عنوان مثير آخر: وزراء منبوذون، ولطفت الصفة المستقبحة بمرادف اخترعته؛ الأقل شعبية. وبين "منبوذون" و"الأقل شعبية" مساحة شاسعة من الذوق الرفيع وسلامة الأسلوب. بذلك يتضح أن "استطلاع" صفحة "مجابات" لا قيمة إحصائية له إذ لا يعبر عن الرأي العام الوطني الذي يتفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، فلم تتبع فيه "وحدة البحث" مجهولة التكوين معلومة الهوية السياسية، الإجراءات العلمية للاستطلاع وأولها إشراف متخصصين غير سياسيين على جميع مراحل الاستطلاع، وقراءة نتائجه قراءة إحصائية صحيحة. لا يتعلق الأمر إذن باستطلاع وإنما هي فقاعة من فقاعات الإخوان الإعلامية فاقدة المصداقية عديمة التأثير حين يتم فضح تهافتها، وكشف أهدافها..

د. اسحاق الكنتي