يقول خبير مغربي في العلاقات الدولية، إن تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية شرط أساسي لنجاح المفاوضات حول إقليم الصحراء، المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو".
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول، مع سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي (خاصة)، للتعليق على اللقاء الرباعي المرتقب الذي يجمع كل من المغرب وجبهة البوليساريو، والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان) في الربع الأول من العام الجاري.
ويوضّح "الصديقي"، أنه لا فرصة لنجاح أي لقاءات أو مفاوضات حول إقليم الصحراء، قبل التطبيع الكامل في العلاقات المغربية الجزائرية وإعادة الثقة بينهما.
ويلفت إلى أن "الطاولة المستديرة"، التي جمعت بلاده والبوليساريو، والجزائر وموريتانيا في وقت سابق من العام المنصرم، "لم تفض إلى أي نتيجة مشجعة أو إيجابية".
وشارك كل من المغرب وجبهة البوليساريو (طرفا النزاع)، والجزائر وموريتانيا (دولتان مراقبتان) في اجتماع "الطاولة المستديرة" لبحث قضية الصحراء، في ديسمبر/ كانون الأول 2018.
وأفضى الاجتماع، الذي دام يومين في مكتب الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، إلى اتفاق على عقد لقاء في الربع الأول من العام 2019، وفق ما أعلنه المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء "هورست كوهلر".
ويتوقع الصديقي أن "تلي الجولة الثانية جولات أخرى، وقد يصل الأمر إلى مرحلة الدخول من جديد في جولات مفاوضات مباشرة".
وتعود آخر جولة مفاوضات بين المغرب و"البوليساريو" إلى العام 2012، ومنذ ذلك التاريخ، لم يطرأ شيء يذكر.
وبدأ النزاع حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول الخلاف بين المغرب و"البوليساريو" إلى نزاع مسلح توقف عام 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، برعاية الأمم المتحدة.
وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح كحل حكمًا ذاتيًا موسعًا تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تؤوي عشرات الآلاف من اللاجئين من الإقليم.
** لا نجاح بدون تطبيع العلاقات
ويرى الصديقي، أنه "لن يحدث أي انفراجة مهمة في مسار التسوية السلمية لقضية الصحراء، ما لم توفر الشروط الملائمة لنجاح هذه المفاوضات".
وشدد على ضرورة تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر من أجل التقدم في أي لقاءات أو مفاوضات.
وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعا العاهل المغربي الجزائر إلى إنشاء لجنة مشتركة لبحث الملفات الخلافية العالقة، بما فيها الحدود المغلقة.
وشدد الملك على أن الرباط "مستعدة للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين".
وفي 22 من الشهر ذاته، دعت الخارجية الجزائرية إلى عقد اجتماع لوزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، في "أقرب وقت"، لبحث إعادة بعث التكتل الإقليمي.
لكن الرباط أعربت في 26 نوفمبر، عن أسفها "لغياب رد رسمي من الجزائر" على الدعوة، وطلب وزير الخارجية ناصر بوريطة، من الجزائر "بوضوح" ضرورة الرد رسميًا على مبادرة العاهل المغربي.
وكان اتحاد المغرب العربي قد تشكل عام 1989، بعضوية الجزائر والمغرب وليبيا وتونس وموريتانيا، لكن خلافات بينية (أبرزها قضية الصحراء) تسببت بتجمد عمل المنظمة الإقليمية، ولم تعقد أي قمة منذ العام 1994.
ويعتبر الصديقي أنه "في ظل الوضع الراهن، حيث لا تزال كل الأطراف متشبثة بمواقفها التقليدية لاسيما الجزائر والبوليساريو، الذين يرون أن الحل فقط في انفصال إقليم الصحراء، لن ينظر المغرب بإيجابية وتفاؤل إلى هذا المسار".
ويتابع: "كل ما سيحدث أن تتوالى جولات وجولات من اللقاءات قد تتطور إلى مستوى المفاوضات المباشرة، لكن لن يحدث انفراجة أو تحوّل في مسار قضية الصحراء ما لم تكن هناك ظروف ملائمة لنجاحها، والمتمثلة في تطبيع كامل للعلاقة بين المغرب والجزائر".
** ما بعد المفاوضات
ويتوقع الخبير أن "يساير المغرب - من جانبه - مبادرات الأمين العام للأمم المتحدة، ويستجيب لدعواته للمشاركة في الجولات القادمة للطاولة المستديرة".
ويعتبر الصديقي أن بلاده "لا تعوّل كثيرًا على هذا المسار ما لم يكن هناك حوار شامل وعميق وصريح مع الجزائر".
ويرى أن "ذلك ما يفسر دعوة الملك محمد السادس إلى إنشاء آلية مشتركة للحوار بين الدولتين".
ويشدد على أن "هناك اقتناعًا في المغرب بأن أي مبادرات لحل قضية الصحراء بعيدًا عن انخراط كامل للجزائر باعتبارها طرفا في النزاع وليس مجرد ملاحظ (مراقب)، مآلها الفشل".
وقضية الصحراء بمثابة جهاز تقاس به درجة حرارة العلاقات المتذبذبة بين الجارتين المغرب والجزائر.