بعد أن كان الاعتماد لعدة حقب زمنية على محتوى الكتب المدرسية الأجنبية؛ سواء تلك المعتمدة في الدول العربية أو الإفريقية أو الجمهورية الفرنسية في ما بعد الاستقلال مباشرة؛ مرورا بالتحول الحاصل بفعل إنتاج الكتب المدرسية بأخيلة وطنية و إخراج أجنبي، بعد ذلك كله؛ تطور الاهتمام الوطني بالكتاب المدرسي الذي يعد حجر الزاوية في العملية التربوية، وتوج ذلك الاهتمام حينها بإنشاء مطبعة مدرسية وطنية، ستشكل لاحقا دعامة أساسية في هيكلة المعهد التربوي الوطني.
لقد ظلت المطبعة المدرسية تقدم إسهامها الكبير في توفير الكتاب المدرسي الوطني من خلال طباعة العناوين و التقليل بذلك من تكاليف الطباعة في الخارج و تواصل هذا العمل بالاعتماد على التمويلات الأجنبية عن طريق صناديق الدعم و البرامج الإنمائية و استمر ذلك ردحا من الزمن رغم شح الموارد و بدائية الوسائل؛ ومع التطور الكمي و النوعي و ما ترتب عليه من تولد الاحتياجات المصاحبة؛ أصبح من الضروري استحداث وسائل و أدوات قادرة على مواكبة التحولات المتلاحقة و سد الثغرات الملاحظة؛ وهنا بالذات ظهرت الحاجة الملحة إلى تطوير وحدة المطبعة المدرسية بالمعهد التربوي بوصفها الرافد الأساسي للكتاب المدرسي لكي تستجيب لتحديات المرحلة الصعبة كما كيفا.
لقد تم العمل على حصول هذه المتطلبات السالفة الذكر بجهد ودعم خارجي أساسا وبدعم حكومي ظل خجولا إلى أن جاءت اللحظة المميزة و المنعطف البارز المتمثل في تبني الحكومة الحالية الدعم المطلق للكتاب المدرسي وتوج ذلك الاهتمام باهتمام الرئيس من خلال الزيارة الأخيرة و الإشادة و التمكين.
لقد اعتمدت الحكومة الموريتانية في عام 2016 من خلال المرسوم -0173/2016- بتاريخ 27/09/2016 - إنشاء صندوق لدعم النشر المدرسي ورصدت لذلك الغلاف المالي المحيط به؛ ويعتبر هذا الإجراء ترجمة حقيقية للاهتمام الرسمي بهذه المنشأة العلمية المناط بها إعداد وتوفير الكتاب المدرسي الذي يعد المدرس الصامت الذي تتركز جهود ومعارف ومهارات المدرس الناطق حول استنطاقه واستخراج مكنونه بطريقة نموذجية لكي تتحقق الأهداف والغايات التي بنيت عليها المنظومة التربوية التي تذوب كل عناصرها من أجل أن يصل المحتوى العلمي الموجود بين دفتي الكتاب المدرسي إلى ذهن التلميذ بالشكل الأمثل.
لقد بلغ الدعم الرسمي مداه من خلال الزيارة التي أداها فخامة رئيس الجمهورية الأسبوع الماضي للمعهد التربوي الوطني و التي بعثت بعدة رسائل غير مشفرة من أهمها الاعتراف بأهمية ومحورية المعهد التربوي في العملية التربوية وكذا حجم الاهتمام الرسمي المتمثل في العناية والمتابعة المباشرة من طرف فخامة رئيس الجمهورية و وقوفه ميدانيا على كل التفاصيل المتعلقة بإنتاج الكتاب المدرسي من أولى المراحل وصولا إلى الإخراج و التوزيع ولقد توجت تلك الرسائل بالتهنئة التي بعث بها فخامة الرئيس من خلال مجلس الوزراء الموالي للزيارة؛ وهنا لابد من الإشارة إلى أهمية هذه المرحلة التي تقتضي من كل الإدارات الأخرى المشكلة للمنظومة التربوية إلى جانب المعهد التربوي فهم المقاصد واستخلاص العبر واستيعاب الرسائل وجعل يد العون و التنسيق الإيجابي هي العنوان البارز و الخط العريض للعمل المشترك في المستقبل بعيدا عن عهد الإعاقة و الاحتكال السلبي و التنافر المعيق و المبدد للجهود.