ينتمي الرجلان لنفس القبيلة، لكنّ الخلاف بينهما يتجاوز مجرد شجار أسري. فعلى مدى عدة أشهر، وفي سريّة تامّة قام محمد ولد عبد العزيز، رئيس الدولة بإعداد ملف قضائي سميك ضد ابن عمه الثري محمد ولد بوعماتو.
وقد تم إصدار مذكرة قبض في حق رجل الأعمال في موريتانيا وأرسلت بعد ذلك إلى الإنتربول، لكنّ الأخير لم يقم يتوزيعها. ويعتقد المحققون الموريتانيون أنها هناك صلة مالية بين مجموعة شركات ولد بوعماتو ومحمد ولد غده وهو برلماني متهم بشراء ذمم أعضاء مجلس الشيوخ حتى يصوتوا ضد مشروع التعديل الدستوري الذي تقدّم به ولد عبد العزيز.
وقد اعتمد المحققون على وثائق كان موجودة في سيارة الساعد الأيمن لولد بوعماتو محمد ولد الدباغ وهي الوثائق التي صودرت أثناء تفتيش الجمارك لهذا الأخير أثناء خروجه من البلاد.
لم تعد الحرب بين الرجلين خفيّة. لكن قبل وصول ولد عبد العزيز للسلطة لم تكن بين الرجلين علاقة شخصية رغم انتماءهما لنفس القبيلة. فولد بوعماتو كان مرتبطا في عمله بأحمد ولد الطائع شقيق الرئيس الأسبق معاوية ولد الطائع الذي كان ولد عبد العزيز يعمل مديرا لأمنه الرئاسي بعيدا عن شؤون القبيلة.
لكنّ السياسة هي التي جعلتهم في خندق واحد. ففي عام 2006، اندلع صراع صامت بين ولد بوعماتو وحليفه القديم الرئيس اعل ولد محمد فال. حيث اتهم ولد عماتو اعل بمضايقته من خلال الترخيص لشركة اتصالات ثالثة (ولد بوعماتو مساهم في شركة ماتال) وكذلك تشجيعه إنشاء فرع لسوستيه جنرال ينافس بنك ولد بوعماتو بنك موريتانيا العام. ولم تكن العلاقات أفضل مع الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله.
لكن عندما استولى عزيز على السلطة في عام 2008، قدم له ابن عمه دعمه. فاوض للسلطات الفرنسية لكي تدعم الانقلاب باستخدام مهارات روبرت بورجي (الذي التقى معه بتنسيق من السنغالي كريم واد) كما قام بتمويل حملة ولد عبد العزيز للانتخابات الرئاسية في عام 2009. لكنّ الحضور البارز لولد بوعمّاتو أزعج ولد عبد العزيز فنقل مقر حملته من منزل بوعماتو إلى فندق الأطلسي، ثم هدّده بنشر قائمة رجال الأعمال الذين يُتهمون باختلاس أموال عمومية، ومن بينهم بوعماتو.
وبعد عودته إلى السلطة، رفض ولد عبد العزيز تعيين المقربين من ابن عمه في الحكومة (باستثناء عثمان كان) وسحب الامتيازات التي كان يتمتع بها بنك ولد بوعماتو. وفي يوم توليه منصبه، لم يدع بوعماتو إلى حفل التنصيب.
هذه التوترات دفعت رجل الأعمال للانتقال إلى مراكش في عام 2010، التي غادرها إلى بروكسل في أواخر عام 2017. من خلال العديد من الصحف والمواقع (بما في ذلك Cridem، الذي هو المساهم الرئيسي فيه)، ندّد ولد بوعماتو "بالفساد" و "المحسوبية" "والاستبداد" التي تنتشر في البلاد على نحو متزايد"، كما اتهم ولد عبد العزيز بمحاولة البقاء في السلطة بعد انتهاء ولايته الثانية في 2019.
لكن انتقام ولد عبد العزيز جاء على أرضية قانونية. ففي منتصف ديسمبر، في باريس، قدّم محاموه شكاوي تشهير ضدّ موقع "موندافريك"، الذي يموله بوعماتو. كما دفع كلا من الجنرال المتقاعد انجاكا جينغ ورئيس اتحاد أرباب العمل زين العابدين إلى تقديم شكاوى ضد جمعية شيربا التي يترأسها محامي ولد بوعماتو ويليام بوردون.
ترجمة الصحراء
لمتابعة الأصل أضغط هنا