قال ضابط استخباراتي أفريقي الذي فضل عدم الكشف عن هويته أنه في إطار التصميم الأمريكي لظهور حكم تعسفي في الجزائر ومنذ بداية عام 2017، وسع الأميركيون علاقاتهم مع المعارضة الجزائرية وفي ذات الوقت، ركزوا بشكل رئيسي على الجنرال توفيق، أحد أبرز جنرالات الجيش الجزائري الذي تم عزله في عام 2015 من قبل الرئيس الجزائري حيث التقى مع الأمريكيين في تونس وبعض الدول الأروبية وتوصل الجانبان إلى أن يعمل الجنرال توفيق كبديل لحكومة بوتفليقة في الجزائر.
وأوضح هذا الضابط على حد قوله أن الجنرال توفيق يتمتع بعلاقات قوية وصلات تربطه بالجيش الجزائري حيث أنشأ مع العديد من المسؤولين الآخرين الذين تم فصلهم من الجيش في عام 2015، خلايا سرية داخل الجيش الجزائري للانقلاب العسكري ضد حكومة بوتفليقة والإمساك بزمام الأمور بعد انطلاق ساعة الصفر وبالإضافة إلى العسكريين المذكورين أعلاه، كان للأمريكيين اجتماعات عديدة مع الانفصاليين الأمازيغيين في الجزائر ?ما حضر هذه الاجتماعات عملاء من الموساد.
وأضاف أن جهاز الإستخبارات الإسرائيلي (الموساد) كثّف نشاطه بعدة مدن تونسية بعد ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق بن علي وعمل بالتعاون مع المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه) على تجديد نشاط شبكة جواسيسه في تونس وشمال أفريقيا موضحا أن فرع تونس العاصمة لجهاز (الموساد)، اهتم برصد الأهداف في الجزائر، فيما اهتم فرع جزيرة جربة (500 كلم جنوب شرق العاصمة) برصد الأهداف في ليبيا، بينما قامت الحكومة الإسرائيلية بشكل مباشر وأيضا بمساعدة عدة عناصر تونسيين بإرسال مساعدات مالية للقادة الأمازيغين، وكان محسن مرزوق، زعيم الحركة الشرعية في تونس، حلقة الوصل بين القادة الأمازيغيين وإسرائيل. وخلال عامي 2014 و2015، دخلت الجزائر كميات ضخمة من الأسلحة والمتفجرات من الحدود التونسية والليبية والنيجرية حيث وجد الجيش الجزائري كمية كبيرة من هذه الأسلحة في المناطق الجبلية، ولاتزال كميات كبيرة من هذه الأسلحة والمتفجرات في أيدي المعارضة الجزائرية.
وكشف ضابط المخابرات عن دخول عدد كبير من عناصر داعش والقاعدة من ليبيا وتونس إلى الجزائر. وفي الوقت الذي عززت فيه الأنظمة الصهيونية والغربية نفوذها على العديد من البلدان الأفريقية مازالت الجزائر تعتبر المعقل الوحيد التي صمدت أمام النفوذ الغربي والإسرائيلي لذلك يبدو من الطبيعي أن يوجه إليها رأس الحربة وتتوالى عليها الهجمات الاستعمارية كما يبدو أن جميع المعارضين الجزائريين والجماعات الإرهابية، فضلا عن الانفصاليين الأمازيغيين، ينتظرون وفاة بوتفليقة لاستغلال الوضع والفوضى التي تحدث بعد وفاته، ليتولوا السلطة ويمسكوا بزمام الأمور. ولكن يعتقد بعض الباحثين أنه يمكن أن تبدأ المعركة في المستقبل القريب وتنطلق حركت المعارضة قبل وفاة بوتفليقة.
إذ نرى بوادرها بدأت تظهر إلى العلن كما تقول المعارضة أن "النظام يعيش آخر عهده، لكنه لم يستنفد كل مناوراته السياسوية من أجل ضمان بقائه واستمراريته وإننا لا يمكننا أن نعطي صكا على بياض، ولا نغتر بوعود الحكومة ودعوتها إلى المفاوضات، فقد رأينا مثل هذا في فترات سابقة، ثم وجدنا أنفسنا أمام وهم كبير استعمل لتهدئتنا، وتمرير مرحلة صعبة كان يمر بها النظام الجزائري، ورجعت الأمور إلى ما كانت عليه فساداً".
وأن "من طبائع النظام السياسي تدوير السلطة داخله ليتجنب التداول على السلطة مع غيره من الأحزاب والقوى السياسية، هو يريد بهذه الممارسات أن يلغي الديمقراطية وأن يلغي الأحزاب والمجتمع المدني".
وكل هذه التعليقات جاءت ردا على تعهد رئيس الحكومة عبد المجيد تبون بمحاربة المال السياسي، وجملة القرارات التي اتخذها ضد الكارتل المالي المهيمن على الاقتصاد، حيث ألغى قرار منح المزارع والضيعات الصناعية للمستثمرين بشكل عشوائي، ووجه "إعذارات" إلى رجال أعمال.
وأعلن رئيس الحكومة القطيعة مع منتدى رجال المؤسسات، الذي يمثل تجمعاً لرجال الأعمال، حيث طلب مغادرة فورية لرئيس المنتدى رجل الأعمال النافذ علي حداد، وهو الأمر الذي أثار حفيظة منظمات الكارتل المالي، التي اجتمعت في العاصمة الجزائرية، وأصدرت بياناً نددت فيه بتصرفات رئيس الحكومة وتصريحاته.
لكن رئاسة الحكومة الجزائرية ردت سريعا على البيان، وجددت إصرار الحكومة على محاربة المال السياسي، بالاستناد إلى دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "كمصدر وحيد للشرعية" لخطتها ومصادقة البرلمان على هذه الخطة.
وتعتبر وسائل الإعلام المؤثرة أيضا احدى أدوات القوة، التي تستعملها المعارضة ضد الحكومة هذه المنصات التي خاضت غمارها مجموعة من الشباب أزعجوا بها السلطة، لدرجة دفعت الرئيس شخصيا للتحذير من آثار هذا النوع من الإعلام، من يمنع المعارضة من ولوجها واستغلالها وصناعة رأي عام مساند لها.
فيمكننا القول بأن هنالك جهات عدة تترصد وفاة الرئيس الجزائري منها الحكومة الإسرائيلية وذلك بسبب دعم الرئيس الجزائري لحركة حماس والشعب الفلسطيني، والولايات المتحدة الأمريكية بسبب عدم اتباعه من السياسات الأمريكية، والمملكة العربية السعودية بسبب مخالفته مع سياساتها في جامعة الدول العربية وعدم مشاركته في التحالف ضد يمن وقطر وسوريا والعراق كما لا ننسى الجماعات التكفيرية والقاعدة وداعش في هذا السياق إذ يعتقدون بأن المملكة العربية السعودية لها وجهات نظر دينية أكثر اعتدالا. فإذا النخب والمثقفين في الجزائر لم يتداركوا الأمر بعد وفاة بوتفليقة فستصبح الجزائر ساحة تجول وتصول فيها الذئاب المترصدة لسلب هوية الشعب الجزائري واستقلاله.