جهود المغرب بأفريقيا.. علاقات اقتصادية ومكاسب متبادلة

جمعة, 08/25/2017 - 22:28

تثير السياسة المغربية بأفريقيا اهتماما إعلاميا وسياسيا متزايدا، فقد صار للمملكة رصيد من المصداقية في غرب ووسط أفريقيا، فهي أول مستثمر فيه، ولها حضور قوي على المستوى الدبلوماسي والديني.

ويرى كثير من المراقبين أن الهندسة السياسية لتوجه المغرب نحو أفريقيا تعرف تحولات كبيرة، وتعطي إشارات سياسية واضحة وقوية حسب محللين سياسيين بأن المملكة المغربية تراهن على دورها الاستراتيجي في مد جسور التواصل مع بقية الدول الأفريقية، الأمر الذي يحتم عليها التفكير في إعادة التموقع بالمجال الأفريقي.

رهان مرحلة

خالد الشكراوي الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية بالرباط يرى أن خطاب الملك المغربي محمد السادس يوم 20 أغسطس/آب الجاري بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (ضد الاستعمار الفرنسي)، الذي تحدث عن سياسة المغرب في أفريقيا، سلط الضوء على شراكة المغرب مع البلدان الأفريقية المتمثلة في خطة رابح-رابح من خلال المشاريع التنموية الكبرى وبرامج التنمية البشرية.

ويوضح الشكراوي للجزيرة نت، أن المغرب اختار التوجه نحو عمقه الأفريقي للمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لكل الأفارقة. وأن هذا التوجه تكلل بتعزيز المغرب لشراكاته الاقتصادية، وعودته لحضن الاتحاد الأفريقي في يناير/كانون الثاني الماضي، والموافقة المبدئية على انضمامه للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

ويضيف الباحث أن "المملكة المغربية تقدم للسوق الأفريقية الواعدة تجربتها ومعرفتها، ونموذجها الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الأفريقي"، معتبرا أن تجاوز المغرب لمنطق الربح في علاقاته مع القارة السمراء أصبح يعتمد على الاستثمار المنتج، والنقل الجوي والبحري والخدمات المالية والمصرفية، بالإضافة لتصدير التجربة والمعرفة والخبرة والتقنية.

وتشير بيانات مكتب الصرف (هيئة حكومية) إلى أن استثمارات الشركات المغربية في المنطقة بلغت في السنوات الست الماضية نحو 420 مليون دولار من مجموع استثمارات القطاع الخاص البالغة 630 مليون دولار. وشملت القطاع البنكي والاتصالات، والمجموعات الاستثمارية، وقطاع العقار والصناعة.

مكاسب مشتركة
ويوضح الشكراوي الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية أن انفتاح الرباط على أفريقيا ثلاثي الأبعاد؛ مغربي إفريقي وشريك أوروبي أو عربي أو آسيوي أو أميركي.

خالد الشكراوي: المملكة المغربية تقدم للسوق الأفريقية الواعدة تجربتها ومعرفتها ونموذجها الاقتصادي (الجزيرة)

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة خالد الشيات يعتقد أن الرؤية المغربية لأفريقيا تقوم على إرساء "البعد التضامني" بين البلدان الأفريقية، لأن "أفريقيا يمكن أن تصنع نفسها بنفسها".

ويعتبر الشيات في حديث للجزيرة نت أن المغرب دخل الموجة الثانية من الانفتاح على أفريقيا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، خاصة أنه ثاني أكبر مستثمر في القارة الأفريقية، والشريك الاقتصادي الأول في غربها".

ويقول الشيات إن "الأفق الآن هو أن ينطلق بهذا التدافع الاستراتيجي بين المغرب والقوى الاستراتيجية على مستوى القارة وعلى رأسها الجزائر ونيجيريا"، مشددا على أن "الرباط تستثمر في علاقات جنوب - جنوب (القارة) مع الأخذ بعين الاعتبار قاعدة رابح-رابح، أي مكاسب مشتركة".

ويعتقد الأستاذ الجامعي أن المنطقي -من وجهة نظره- أن يكون المغرب بفضل استقراره السياسي والأمني والاقتصادي مقارنة مع جيرانه من دول شمال إفريقيا، منفتحا على أفريقيا باعتبارها المجال الحضري الوحيد الذي يسمح بإقامة شراكات.

وبخصوص المكاسب السياسية للمغرب من خلال التوجه الاقتصادي، يوضح الشيات أن المغرب "لا يفعل ذلك من أجل المزايا السياسية"، لكن التوافق الاقتصادي "ضرورة سيحقق نوعا من التوافق السياسي، والتقارب في الرؤى حول قضايا مختلفة من بينها قضية الوحدة الترابية للمملكة".

أما الشكراوي فيرى أن التوجه المغربي نحو أفريقيا تمليه متطلبات اقتصادية ملحة في ظل أزمة اقتصادية، تعيشها أوروبا الشريك الأساس للقارة، كما تمليه ضرورة رجوع المغرب لأفريقيته ثقافيا وسياسيا واقتصاديا، إضافة لمشكلة الصحراء في أفق الاتفاق حول حل سياسي للقضية.

أصوات منتقدة

مع الترحيب الواسع بانفتاح المغرب على أفريقيا ظهرت بعض الأصوات تنتقد هذا التوجهودعت لصرف الأموال في مشاريع تنموية بالمغرب. وفي هذا السياق، قال رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام (هيئة غير حكومية) طارق السباعي للجزيرة نت "إن المغرب دولة أفريقية ومن حقه أن يساهم في اقتصادها"، لكن المشاريع التنموية الداخلية تشكل -حسب رأيه- أولوية، لأن الدول الأفريقية تزخر بثرواتها.

وأضاف السباعي "الاستثمارات بأفريقيا يمكن أن تنشأ بها مشاريع تنموية في مجالات التعليم والصحة والشغل، كما أن هناك مناطق بالمغرب لا يصلها الماء وأطفالها بلا مدارس ولا مستوصفات...".

 

الجزيرة نت