قال تعالى :((إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)) صدق الله العظيم
بعد أن فشل النظام في تمرير تعديلاته الدستورية، عن طريق المقتضيات الدستورية المعهودة لها في الباب الحادي عشر من الدستور ومواده 99، 100، 101، والتي تقتضي موافقة ثلثي أعضاء كل من الغرفتين، حتي يتسنى عرضها على الاستفتاء.. آثر رأس النظام التملص الصريح وبأسلوب فج الهروب إلى الأمام خلال مؤتمره الصحفي، الذي نظمه للرد على تصويت مجلس الشيوخ، الرافض لتلك التعديلات.
إثر ذلك قرر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة الوقوف في وجه غطرسة النظام وتجاهله لإرادة الهيئة التشريعية..وتوجهه إلى استفتاء لا يستند إلى أي أساس قانوني، فكان رد المنتدى متدرجا، من خلال الخطوتين التاليتين:
الأولى تحت عنوان: إفشال التعديلات الدستورية
والثانية: هي التي سيقرر فيها المنتدى مشاركته أو مقاطعته. بعد أن يصدر النظام مرسوما يستدعي فيه الهيئة الناخبة ليوم الاقتراع.
وبعد انقضاء المرحلة الأولى وتمادي النظام في مشروعه، حصلت نقاشات داخل الاقطاب المشكلة للمنتدى ومن ضمنها القطب السياسي الذي ننتمي إليه، حول خيار المشاركة أو المقاطعة، فلم يحصل إجماع حول أي من الخيارات، وفي غياب هذا الاجماع يكون لكل حزب الحق في أن يتخذ قراره الذي تمليه عليه قناعته.
وحيث أننا لم تحصل لدينا في حزب اللقاء القناعة بمقاطعة هذا الاستفتاء-رغم وجاهة بعض ما يساق من تبريرات لهذا الخيار- فإننا قد قررنا المشاركة فيه لعدة أسباب، منها ما هو متعلق بالوضع السياسي العام للبلد، ومنها ما هو مرتبط بالرغبة الجامحة التي لمسناها لدى الشعب الموريتاني في إسقاط هذه التعديلات، ومنها ما هو متعلق بأهمية الرموز والمؤسسات المراد العبث بها، بحيث لا يمكن تبرير العزوف عن منازلة السلطة للحفاظ عليها، ويمكن إجمالها جميعا في النقاط التالية:
1-إن هذا القرار جاء انسجاما مع إرادة الشعب، التي أكدتها لنا زياراتنا الميدانية للأسواق والجامعات والمعاهد والثانويات وغيرها من الأماكن والتجمعات العمومية، الرافضة للتعديلات اللادستورية، ولتطلع شعبنا في أن تكونالقوى السياسية الحزبية إطارا للتعبير عن هذا التوجه،المدعم بالوضع السياسي العام
المتأزم والمتسم بعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، التي تتجلى في غلاء الأسعار والبطالة المستشرية والقاتلة لطموحات الشباب، وتفاقم مستوى الفقر في صفوف الشعب الموريتاني واليأس من الوضع الحالي، وغياب أي أفق يلوح.
فمادام الدور الأول للأحزاب السياسية، هو: صياغة تطلعات ومواقف مواطنيها والتعبير عنها بصدق وإخلاص، فقد وجدنا أنه لا مناص من مسايرة شعبنا في خياراته الرافضة لمشروع النظام. الذي ستشكل هزيمته فرصة لا تعوض للتخلص منه-رغم ما يدعيه رأسه من أنه لن يستقيل حتى ولو هزمت تعديلاته في الاستفتاء-.
كما أننا لم نجد مسوغا لترك الحبل على الغارب للنظام، لينفرد بإرادة الشعب الموريتاني ويعزوا له ما يروق له من نتائج سوفيتية، تزور نسبة المشاركة والموافقة.
2-اعتبارا لكون المشاركة، هي تعبير صريح عن الموقف، تجعل صاحبها قادرا -من خلال صوته-على أن يساهم في إفشال مشروع النظام، المتمثل في تعديلات لادستورية وغير توافقية وغير مبررة.
3-إننا نؤكد أن المشاركة لا تنهي الأزمة السياسية، التي لا زالت قائمة، وإنما هي مناسبة للكشف عن عمق الأزمة، وهو ما يستوجب منا أن لا نترك النظام ينفرد بالشعب الموريتاني..كما أنهافرصة كذلك لحث شعبنا على رفض عملية السطو على الدستور، التي يريد النظام تحميل وزرها للشعب الموريتاني.
4-مشاركة تعتبر بالنسبة لنا: تجسيدا لرفضنا لمسلمتين غرسهما الاستبداد في الأذهان وعمقتهما بعض النخب، لتبرير هوانها واستسلامها للاستبداد وفشلها في النهوض بمسؤولياتها الوطنية وتبرير فساد بعضها.. والمسلمتان، هما:
- الأولى، تتمثل في: إشاعة تروج أن لا مناص من نفاذ إرادة الحاكم المستبد، وبالتالي تبدو إرادته وكأنها قضاء وقدر.
-والثانية تقول: إن الشعب الموريتاني هو شعب مغلوب على أمره وغير قادر على فعل أي شيء يخرجه من الواقع المزري الذي يفرضه عليه النظام، لذا فهوغير جدير بالتضحية من أجله.
وهنا نذكر بموقف حزب اللقاء الثابت والذي ما فتئ يؤكد عليه من خلال خطاباته وأنشطته المختلفة من أن الشعب الموريتاني كجميع الشعوب يطمح ويسعى إلى العيش الكريم ويريد لبلده الازدهار الاقتصادي والسلم الاجتماعي، وتحقيق العدل والمساواة والاستقرار، وهو جاهز لرفع التحدي إذا ما استنهضته نخبة بلده وقادة رأيه.
وبهذه المناسبة، فإننا واثقون من أنه سيجسد هذه الحقيقة برفضه الكاسح لعملية السطو على الدستور وأنه لن ينخدع بدعاية النظام وسيصوت ب :"لا"
5-الأهمية القصوى التي تقتضيها المشاركة بالرفض في هذا الاستفتاء، الذي يستهدف رموز الدولة ومؤسساتها.
فلا يخفى على أحد أهمية الحفاظ على العلم الوطني الذي يعتبر رمزا لدولة جامعة ما زالت فتية، لم ينجح شعبنا على مدى تاريخه الطويل في بنائها.
كما أنه يجسد الوحدة الوطنية، لما يرمز إليه من دلالات عقدية تجمع كل مكونات الشعب الموريتاني.
6- نرفض هذه التعديلات، لأن النظام يدوس -من خلالها- بأخمصيه كل ما هو سامفي هذا البلد:
* المجلس الإسلامي الأعلى
* الغرفةالعليافي البرلمان
* محكمة العدل السامية
ولأنه أيضا استفتاء يستهدف جميع المؤسسات، ذات الطابع الاستقلالي ويلغيها، بغية تكريس سلطة الفرد وتغول السلطة التنفيذية على حساب السلطتين القضائية والتشريعية.
7-إن قرار المشاركة لا يشكل اعترافا منا بشرعية الاستفتاء، ولن يكون خروجا عن خط المعارضة الذي كان سببا في دخولنا للساحة السياسية.. ولا هو تنازل عن الشروط المطروحة، التي نتمسك بها مع الطيف المعارض، كشرط للمشاركة في الاستحقاقات التشريعية والبلدية والرئاسية المقبلة، لكنه يشكل استجابة للحظة سياسية تعتري رهانا وطنيا وتسمو حتما فوق العمل السياسي الهادف إلى الحصول على مكاسب انتخابية حزبية، وهو استحضار للواجب الوطني، الذي تمليه المرحلة، حتى لا تبقى رموز الدولة ومؤسساتها مسرحا لنزوات صاحب السلطة.
لكن تبقى مشاركتنا في الاستفتاء مرهونة بتوفير كافة مقومات الحرية، ونزاهة الاقتراع، والتي من ضمنها:
الاستفادة المتكافئة بين جميع الأطراف من وسائل الإعلام العمومية.
تمكين الأطراف المشاركة من التمثيل في مكاتب الاقتراع، وعلى كل مستويات تجميع الأصوات والإعلان عن النتائج وضمان الحصول على المحاضر.
ضمان حياد الإدارة والجيش قبل وأثناء الاستفتاء.
9- لهذه الأسباب، ونظرا لخطورة المرحلة ودقة الظرف، فإن حزب اللقاء الديمقراطي الوطني يدعو كافة القوى الحية في البلد(سياسية- اجتماعية- مدنية- نقابية)، الحاملة للواء المشاركة ب : "لا" للتنسيق المشترك وتوحيد الجهود، من أجل كسب رهان رفع التحدي.
وفي هذا الإطار يعلن حزب اللقاء الديمقراطي الوطني عن استعداده الكامل لجعل مقرات حزبه حاضنة للحملة المشتركة، تحت شعار يتفق عليه، بعيدا عن أي يافطة حزبية، كي تأخذ الحملة ب :"لا" بعدها الوطني.
كما يوجه نداء خاصا للشباب للمشاركة الجادة والشاملة والقوية، لرفع تحدي التلاعب بالدستور.
صدق الله العظيم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)
أمانة الاعلام
نواكشوط، بتاريخ: 04/07/2017