من المعلوم أن المدرس: هو الشمعة المضيئة؛ التي تُنير الطريق للآخرين، وهو الجسر المتين الذي يعبرون عليه متجاوزين بحر الجهالة المتلاطم؛ ناجين به من جحيم التخلف والشقاء؛ طارقين بذلك جنان التقدم والرفاه والرخاء..
ومعلوم أيضا أن الكتاب المدرسي: هو المدرس الصامت؛ الذي يرجع إليه الطلاب للنهل من معينه متى أرادوا ذلك، وهو أحد أهم ركائز العملية التربوية، وهو دُرَّةٌ ثمينة يتعلم منها الإنسان كيف يواجه الحياة بمختلف متطلباتها، وهو منهل تُستقى منه العلوم بوصفه المصدر الأول للمعلومات، وهو رفيق درب الطلاب، وجليسُهم المؤنس.
ولا يخفى على ذي بال أن مضلع التعليم مبنيٌ على ثلاثية تشاركية غاية في الأهمية والترابط بدءًا بالمدرس -ناطقا كان أم صامتا- كما تقدم، والتلميذ -نابهًا كان أم غافلا- والأهالي -مدركين لدورهم ومضطلعين به أم قاصرين عنه إدراكا وتفعيلا-
إن التطلع لتعليم ناجح دون الرجوع إلى المدرس والاستثمار فيه بوصفه العنصر الأهم وحجر الزاوية في العملية التربوية؛ سيظل ناقصا وعديم الجدوائية ..إن علينا أن نرفع من مستوى المدرس ماديا ومعنويا بمواصلة النهج الذي بدأ بتعميم علاوتي النقل والسكن بالإضافة إلى زيادة الأجور في فترات ماضية -غير بعيدة عن يوم الناس هذا- ؛ الشيء الذي ينبغي أن يُتبع بزيادة العلاوات الموجود ورفع سقفها تثبيتا للمدرسين في القطاع وتحسينا من ظروفهم؛ سبيلا إلى جودة التعليم، ونضج مخرجاته، وعلى الجهات الوصية الوفاء بكل الوعود التي قعطت على نفسها في هذا المجال بالذات وعلى رأس ذلك علاوة *الطبشور* لمن يباشرون التدريس من *المديرين* -في التعليم الأساسي- بوصفهم يستحقون؛ لأن العلاوة تصرف مقابل خدمة هم يؤدونها ونُظراؤهم في التعليم *الثانوي* يستفيدون منها ؛ وسبق وأن أكد *وزير الدولة* على أحقيتهم بها.
كما أن الحفاظ على الكتاب المدرسي لا يقل أهمية عما سبق ذكره بخصوص الرفع من مستوى المدرس وتحسين ظروفه؛ فالكتاب المدرسي-كما أسلفنا- مدرس صامت ودُرَّةٌ ثمينة وكنز الكنوز وأُنس الجليس..
وبالحفاظ عليه تستفيد-منه- أجيال وأجيال وتوفر للدولة أموال وأموال؛
هناك بعض الممارسات الضارة بالكتاب المدرسي؛ يجب التنبيه عليها من قبيل :
- عدم تغليف الكتب
- تمزيق الصفحات
- كثرة الكتابة والتخطيط والرسم على صفحات الكتاب
- قص الصورة والرسومات التوضيحية وعزلها خارجا عن الكتاب
- وضع الكتب في أماكن تجعلها عرضة للتلف؛
ينبغي أن تقابل هذه الممارسات بخطوات عكسية لها من شأنها المحافظة على الكتاب المدرسي ك:
- تغليف الكتب
-عدم تمزيق أو تقطيع صفحات الكتاب
- تجنب الكتابة والرسم داخل الكتاب
- عدم قص الصور والرسومات التوضيحية
- الحفظ في مكان مناسب
- الابتعاد عن الأماكن المسببة للتلف
- إبعاد الكتاب عن الماء
- استخدام الحقائب المدرسية .
وينبغي أن تصاحب عملية التدريس بحملة واسعة بخصوص النقاط الآنفة الذكر؛ كي تعم الفائدة وتوفر الجهود، حتى وإن استدعى الأمر بيع الكتب بأسعار رمزية من أجل إشعار الأهالي بقيمتها وبمستوى تكاليفها الباهضة التي لا تعود أتعابها على الدولة ممثلة في الحكومة بقدر ما تعود عليها بمفهومها الأوسع الذي يدخل فيه -أولا- عموم المواطنين دافعي الضرائب المتطلعين لثمار المشاريع التنموية، وكلنا يعرف أن هذه الكتب توزع مجانا ويقدر لها عمر افتراضي -ثلاثة إلى خمس سنوات- لكنها مع كامل الأسف لا تمر عليها سنة التوزيع دون تلف وكامل خراب؛ نظرا لقلة وعي الأهالي بأهميتها ونظرا لغياب التوعية والتحسيس ؛ مما يستدعي تطبيق ما ذكرنا بحثا عن عموم الفائدة وترشيدا على الدولة والمواطن .
بالإضافة إلى ما سبق يعد التلميذ أحد أهم عناصر العملية التربوية بوصفه المستهدف الأول بها إذ يعد المسرح الذي تعرض عليه فنونها، وثمرتها المنتظرة، ومُخْرَجَها المحكوم على نجاحها أو فشلها من خلاله.. وهنا لا بد من البحث عن الوسائل الكفيلة بإنضاج هذه الثمرة وحصول جودة المخرج وتَتَبُّع الخطوات المُحقِّقَة لذلك على أحسن وجه وأتم صفة؛ وسنذكر من ذلك مثالا -استئناسا لا حصرا- يتمثل في وجوب ضبط تحركات المدرسين الفوضوية من المدارس النظامية إلى تلك الخصوصية ؛ حيث تعمد غالبية المدرسين - خاصة المتميزين والمشهورين- إلى الارتباط بالمدراس الحرة على حساب النظامية التي يُدَرِّسُونَ بها ويتقاضون على ذلك رواتبهم غير منقوصة؛ والأدهى والأمر في هذه النقطة بالذات هو أنهم يُجِدُّون ويجتهدون للمدارس الحرة فقط، ويهملون النظامية! ؛ نظرا لغياب أو هشاشة الرقابة والمتابعة..
صحيح أن إدارة المصادر البشرية بوزارة التهذيب في السنة قبل الماضية حاولت ضبط الموضوع بعدم السماح للمدرسين النظاميين بالتدريس في المدارس الحرة وألزمت تلك المدارس بتقديم لوائح مفصلة ووافية عن الذين يُدَرِّسُونَ فيها؛ لكنها فشلت في مواصلة الموضوع؛ وتحقيق النتائج الإيجابية فيه بفعل تزوير المدارس الحرة لتلك اللوائح؛ وتَكَتُّمِهَا على المستهدفين، وتحويلها للجداول الزمنية هروبا من الضبط والرقابة والمتابعة!؟ ؛ وفعلا توقفت الوزارة هنا وواصلت قاطرة المدارس الحرة تجر أذيالها على ما تبقى من ذكر التعليم روحا ومعنى، وهي التي كان يناط بها الإسهام في تقدمه، وازدهاره وجودة مفرزاته.
كما أن علينا القيام بحملة توعوية كبرى تستهدف الأهالي وتشعرهم بدورهم الريادي في تأطير العملية التربوية بمتابعة الأبناء والإشراف على مراجعتهم في المنزل وإنجاز فروضهم بعد متابعة حضورهم المنتظم للمدارس وانسجامهم التام والإيجابي مع المساطر التربوية والنظم المدرسية ومدى تفاعلهم مع المدرس وصيانتهم للكتاب.