عبد الفتاح قيمة علمية.. ملأ الرجل فراغا كبيرا، نَجَمَ عن الهوة بين الثنائي: المريض - الطبيب، لانشغال الأخير "السي الحكيم" وبحث المريض عن أجوبة لاستشكالاته !ومعلوم أن غياب أهل المجال يجعل البيئة جاذبة لغيرهم: فلاسفة، سحرة، مشعوذين ودجالين ..
ولعل أفضل من يدخل المعترك هو الخبير- فلست بوارد ولا بموقع تجريده أو وصفه
بأية ألقاب! - إلا أنني لم أفهم سر هذ الاستقطاب الحاد الذي غمر مساحات كبيرة
من جغرافيا شبكات التواصل الاجتماعي، لجهة النيل والمس والقدح والتشكيك والسخرية بقدرات هذ الرجل وخبرته !
همزٌ هنا ولمز هناك وبطيخة على عاتق الرجل وكأنه كان ملزماً بالظهور مع تفاح
أو زيتون مما لانستنبته ولا نحصده !!
عُرف الرجل بحضوره الإعلامي الوقور وغزارة معلوماته الإنسيابية الدقيقة وإرشاداته الإنسانية العلمية الشافية، ليصبح فجأة وبدون مقدمات مدار التهكم والتهجم
وكأنه لم يعرفه الجميع إلا الآن !!
لم نعرف نحن المتعطشون للحقيقة الأسباب الخفية لاختيار هذ الوقت لتفجير هكذ بالونات هُلامية وفُقاعات هوائية واهنة واهية في وجه الخبير المرموق !؟
أم أن "المورتانية" خط دفاع أخير يجب ألا يخترقه الرجل كما اخترق القنوات الأخرى ؟؟!!
من يقف وراء هذه الحملة؟ ومن المستفيد بعد أن تجاوز "الخبير" عقبات وعتبات وتحديات الشهرة ونال تقدير الجميع ؟!
أية أجندات تشحن مفاعيل هذه الزوبعة التي لن تتجاوز في ثورانها الباهت عنق زجاجةِ الإرتكاس الأخلاقي والحيف الانتقائي في تطبيق المعايير؟!
فمعلوم ضرورة أن الشهادة - على افتراض انتحال المعني صفة لايحملها - لاتعني الكثير لكثافة المعلومات وسهولة الحصول عليها من جهة، ولانتشار مراكز الغش والتي توزع الشهادات كسلعة "بكل المقاييس ولكل الأذواق والأوزان والأعمار" من جهة أخرى !
فكثيرون سلكوا أقصر الطرق لنيل شهادة ما، مقابل مبلغ من المال بعد أن فشلوا في تحصيلها بالطرق الشرعية: باكلوريا في دولة مجاورة، دكتورا في دولة إفريقية غير مجاورة ...
وآخرون تجرعوا كأس الفشل المتكرر عقودا من الزمن على ذات الكرسي وفي نفس القسم ليشفع لهم حظهم المتأخر بأن يُدرسهم زملاء لهم فيساعدوهم في التجاوز !!
وختاما فنعتقد نحن - العاديين - أنه ليس طبيبا:
- من لا يأخذ الحرارة والضغط والوزن .
- من لا يشخص المرض .
- من يملأ الوصفة دون مراعاة التداخلات الدوائية أو حالة المريض !!
وليس قطعا من الطب أن يقطع الاتصال بالمريض، وليس منه أن يقود علاج بثرة إلى قرحة أو سرطان، وليس من الطب أن يقود علاج السكري إلى البتر والضغط والعمى، وليس منه أن يقود علاج التهاب بولي بسيط إلى فشل كلوي فتصفية فموت!!! وليس منه... وليس من الطب تغييب الطب الوقائي والطب الغذائي، وليس منه ألا يُردع كل من يتمادى في الأخطاء القاتلة، فأخطاء عبد الفتاح نظرية و"على الهوا" ومجالها آمن، أما أخطاء الطبيب فتطبيقية و تتعلق بالحياة ومجالها حرج !!
وليشفع للخبير أن ابن سينا وأبو كراط وغيرهم من فحول الطب وفطاحلته لم ينالوا شرف الحصول على الشهادة !.