منتدي النصرة ينظم أمسية في المديح النبوي

جمعة, 03/11/2016 - 11:57

احتضن مساء الأربعاء 09/03/2016 فندق وصال وسط العاصمة نواكشوط، أمسية أدبية حول المديح النبوي الشريف، منظمة من طرف منتدى الآداب الوطنية، بالتعاون مع المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وشهدت الأمسية التي استمرت ثلاث ساعات مشاركة عشرات الشعراء والأدباء، إلى جانب حضور عدد من المثقفين والنقاد وفرسان الكلمة، إضافة إلى جمهور شبابي واسع.

وأشاد رئيس منتدى الآداب الوطنية محمد الأمين ولد أحمد ديه، خلال كلمة الافتتاح، بالتعاون مع المنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أنه تلقى مؤخرا رسالة من الشيخ الرضى يبلغه فيها حبه له في الله، وإعجابه بإطلالاته المديحية، مؤكدا أن نفس مشاعر المحبة متبادلة اتجاه الشيخ وآل البيت من بعده.

وأضاف ولد أحمد ديه أنه للشاعر حيث كان، أصابع وحي ذهبية تجرد القلوب من أغشيتها إذ تأتي عبارته متجانسة كأنها لوحة فنان قام فيها اللسان بدور الريشة والخيال بدور الورقة، وقد طرق شعراء البلاد كافة أغراض الشعر الفصيح والشعبي، إلا أن المديح كان له نصيب الأسد من هذه الأغراض، فهو ربع عزتهم وبيت قصيدهم ولا غرابة، حسب قوله.

بدوره قدم الأمين العام للمنتدى العالمي محمد محمود ولد بدي، قراءة في خاتمة كتاب “تحقيق العبودية لله رب العالمين”، لمؤلفه الشيخ علي الرضا ولد محمد ناجي الصعيدي.

وقد تفاعل الجمهور بقوة مع الإلقاءات التي قدمها نخبة من شعراء وأدباء البلاد، قبل حفل عشاء أقيم على شرف الحضور، وسط تغطية إعلامية لعدد من المؤسسات التلفزيونية والإذاعية المحلية.

وسبق للمنتدى العالمي لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن قام مؤخرا برعاية عدة أنشطة لمبادرات إعلامية ونقابات ناشطة في مجال المجتمع المدني، وذلك ضمن أنشطتها المتعلقة بنصرة الله ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام.

وإليكم الكلمة التي ألقاها الأمين العام للمنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم محمد محمود ولد بدي نيابة عن رئيسه الشيخ على الرضى:

بسم الله الرحمن الرحيم    صلى الله وسلم على نبيه الكريم

 

                   

خاتمة:

في فضل الأمر بالمعروف والــنـهــي عـن الـمـنـكــر

 

قال الله تعالى: ﴿ وَلْتَكُن مِّنْكُمُ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ وقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُومِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ وقال تعالى :﴿ وَالْمُومِنُونَ وَالْمُومِنَاتُ بَعْضُهُمُ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ﴾

وقال تعالى : ﴿ لُعِنَ الذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِيسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ وقال تعالى :     ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ التِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَاتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَاتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتُ امَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمُ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةٌ اِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾.

      قال القرطبيُّ : قال جُمهورُ المفسِّرينَ: إنَّ بَنِي إسرائيلَ افترقتْ ثلاثَ فِرَقْ، وهو الظاهرُ من الضمائر في الآية؛ فرقةٌ عَصَتْ وصادتْ وكانوا نحواً من سبعين ألفاً، وفِرقةٌ نَهَتْ واعتزلتْ وكانوا اثنيْ عَشَرَ ألفاً، وفِرقةٌ اعتزَلتْ ولم تَنْهَ ولم تَعْصِ، وأنَّ هذه الطائفةَ قالت للناهيَة: لِمَ تَعِظُون قوماً- تُريد العاصيَةَ- اللهُ مُهلِكُهمْ أو مُعَذِّبُهُم على غلبةِ الظَّنّ، وما عُهِدَ مِنْ فِعْلِ اللهِ تعالى حينئذٍ بالأُمم العاصيَةْ، فقالت الناهية: مَوْعظتُنا مَعذرةٌ إلى اللهِ لعلهم يَتَّقُون.

ولو كانوا فِرْقَتَين لَقالتْ الناهيَةُ للعاصيَة: ولعلكُم تَتَّقُونَ (بالكاف)، ثم اختُلِفَ بعدَ هذا؛ فقالت فِرقةٌ: إن الطائفة التي لم تَنْهَ ولم تَعْصِ هَلَكَتْ مع العاصيَة عقوبةً على تَرْكِ النَّهْي، قالَه ابنُ عباسْ، وقال أيضا: ما أدري ما فُعِلَ بهم. وهو الظاهرُ من الآية.

      وقال عِكرِمةُ: قلتُ لابن عباسٍ لَمَّا قال: ما أدري ما فُعِل بهم، ألا تَرَى أنهم قد كَرِهُوا ما هُمْ عليه وخالَفوهُم، فقالوا: {لِـمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ}؟ فَلَمْ أَزَلْ به حتى عَرَّفْتُه أنَّهُم قد نَجَوْا، فَكَسَاني حُلَّةْ. انتهى من تفسير القرطبي.

وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن رَأَى منكم مُنكَرًا فليُغَيِّرْهُ بيده، فإن لم يَستطِعْ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم.  

 قال ابن دقيق العيد: أورد مسلم هذا الحديث عن طارق بن شهاب قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره» ... إلى آخره.

 في هذا الحديث دليل على أنه لم يعمل بذلك أحد قبل مروان، فإن قيل: كيف تأخر أبو سعيد عن تغيير هذا المنكر حتى أنكره هذا الرجل؟ قيل: يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضرا أول ما شرع مروان في تقديم الخطبة، وأن الرجل أنكره عليه ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام، ويحتمل أنه كان حاضرا لكنه خاف على نفسه إن غير حصول فتنة بسبب إنكاره، فسقط عنه الإنكار، ويحتمل أن أبا سعيد هم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد، والله أعلم.  

 وقد جاء في الحديث الآخر الذي اتفق عليه البخاري ومسلم وأخرجاه في باب صلاة العيدين أن أبا سعيد هو الذي جذب بيد مروان حين أراد أن يصعد المنبر، وكانا جميعا فرد عليه مروان بمثل ما رد هنا على الرجل، فيحتمل أنهما قضيتان.

وأما قوله : فليغيره، فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق الكتاب والسنة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين، وأما قوله تعالى : ﴿ عَلَيْكُم أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ فليس مخالفا لما ذكرنا، لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية الكريمة : أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله: ﴿ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ﴾ وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك،  فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول، والله أعلم.

 ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقي، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو ولده أو غلامه على منكر ويقصر.  

قال العلماء : ولا يشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون كامل الحال، ممتثلا ما يأمر به ، مجتنبا ما ينهى عنه ، بل عليه الأمر وإن كان مرتكبا خلاف ذلك، لأنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها، ويأمر غيره وينهاه، فإذا أخذ بأحدهما لا يسقط عنه الآخر .

قالوا : ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الولاية، بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين، وإنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه،  فإن كان من الأمور الظاهرة مثل الصلاة والصوم والزنى وشرب الخمر ونحو ذلك ، فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال وما يتعلق بالاجتهاد ولم يكن للعوام فيه مدخل فليس لهم إنكاره بل ذلك للعلماء. 

والعلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه لأن على أحد المذهبين أن كل مجتهد مصيب، وهو المختار عند كثير من المحققين، وعلى المذهب الآخر أن المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا والإثم موضوع عنه، لكن على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن مندوب إلى فعله برفق، قال الشيخ محي الدين رحمه  الله : واعلم أن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا، وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم  يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعذاب : ﴿ فَلْيَحْذَرِ الذِينَ يُخَالِفُونَ عَنَ اَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ اَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ ﴾ فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب، فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه، ولا يهابَنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته، فإن الله تعالى قال : ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَّنْصُرُهُ ﴾.

 واعلم أن الأجر على قدر النصب، ولا يتركه أيضا لصداقته ومودته، فإن الصديق للإنسان هو الذي يسعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب آخرته أو نقصها وإن حصل بسببه نفع في دنياه. 

وينبغي للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون من ذلك برفق، ليكون أقرب إلى تحصيل المقصود، فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية  فقد فضحه وعابه.

ومما يتساهل الناس فيه من هذا الباب ما إذا رأوا إنسانا يبيع متاعا أو حيوانا فيه عيب ولا يبينه، فلا ينكرون ذلك ولا يعرِّفون المشتري بعيبه، وهم  مسؤولون عن ذلك، فإن الدين النصيحة، ومن  لم ينصح فقد غش .

قوله صلى الله عليه وسلم :« فليغيره بيده،  فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه » معناه فليكره بقلبه وليس ذلك بإزالة وتغيير، لكنه هو الذي في وسعه.

 وقوله: « وذلك أضعف الإيمان » معناه والله أعلم : أقله ثمرة. وليس للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر البحث والتفتيش والتجسس واقتحام الدور بالظنون، بل إن عثر على منكر غيره.

 وقد جاء في رواية أخرى : « و ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل » أي لم يبق وراء ذلك مرتبة أخرى، والإيمان في هذا الحديث بمعنى الإسلام .

وفي هذا الحديث دليل أن من خاف القتل أو الضرب سقط عنه التغيير، وهو مذهب المحققين سلفا وخلفا ، وذهبت طائفة من الغلاة إلى أنه لا يسقط وإن خاف ذلك. انتهى ملخصا من شرح ابن دقيق العيد للأربعين النووية.

قال المواق في شرحه عند قول خليل في باب الجهاد: (والأمر بالمعروف) قال إمام الحرمين : قد جرى رسم المتكلمين بذكر باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأصول، وهو بمجال الفقه أجدر، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بالإجماع على الجملة إلا ما اختص مدركه بالاجتهاد، فليس القول فيه أمر ونهي، بل الأمر فيه موكول إلى أهل الاجتهاد، ثم ليس لمجتهد أن يعترض على مجتهد آخر في موضع الخلاف، إذ كل مجتهد في الفروع مصيب عندنا، ومن قال : المصيب واحد، فهو غير متعين، ثم الأمر بالمعروف فرض على الكفاية، وللآمر بالمعروف أن يصد مرتكب الكبيرة بفعله إن لم يندفع عنها بقوله ، ويسوغ لآحاد الرعية ذلك ما لم ينته الأمر إلى شهر السلاح، فإذا انتهى الأمر بذلك إلى ذلك ربط الأمر بالسلطان، وليس الأمر بالمعروف البحث والتنقير والتجسس واقتحام الدور بالظنون، بل إن عثر على منكر غيره جهده، فهذه عقود الأمر بالمعروف. انتهى من الإرشاد.        

وقال مالك : ينبغي للناس أن يأمروا بطاعة الله، فإن عُصوا كانوا شهودا على من عصى، قيل له : أيأمر الرجل الوالي بالمعروف وينهاه عن المنكر؟ قال : إن رجا أن يطيعه فليفعل، ويأمر والديه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر ، ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة. انتهى من شرح المواق على مختصر خليل.  

 وقال عليش في منح الجليل على مختصر خليل في نفس المحل : والقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشرط معرفة كل، وأن لا يؤدي إلى ما هو أعظم منه مفسدة، وأن يظن الإفادة، والأولان شرطان للجواز أيضا ؛ فيحرم عند عدمهما والثالث شرط للوجوب فقط ، فإن لم يظن الإفادة فلا يجب، ويجوز إن لم يتأذ في بدنه أو عرضه وإلا فلا يجوز، وهذا علم من الثاني، وشرط المنكر الإجماع على تحريمه،   أو ضعف مدرك القائل بحله. انتهى من منح الجليل على مختصر خليل.

وفي شرح المواق عند قول خليل في فصل استقبال القبلة: "ولا يقلد مجتهد غيره" قال  أبو عمر: سئل أحمد ابن حنبل عن رجل صلى وعليه جلد ميتة، فقال : لا بأس بالصلاة خلفه إذا تأول، قيل : فتراه أنت يطهر ؟ قال: لا، قيل: فكيف يصلى خلفه وهو مخطئ ؟ قال: ليس من تـأول كمن لم يتـأول، ثم قال : كل من يتأول شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من أصحابه فيذهب إليه فلا بأس أن يصلى خلفه، وإن قلنا نحن بخلافه من وجه آخر. انتهى من شرح المواق على مختصر خليل.

        وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : « بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ». وفي رواية : « وأن لا ننازع الأمر أهله، قال : إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان » متفق عليه.

     قال في رياض الصالحين :المنشط والمكره : بفتح ميميهما أي في السهل والصعب، والأثرة : الاختصاص بالمشترك، بواحا بفتح الباء الموحدة بعدها واو ثم ألف ثم حاء مهملة أي : ظاهرا لا يحتمل تأويلا. انتهى.

 وعن زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا : يا رسول الله ألا نقاتلهم ؟ قال : لا، ما صلوا » رواه مسلم.

     قال النووي : معناه من كره بقلبه ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان فقد برئ من الإثم وأدى وظيفته، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضي بفعلهم وتابعهم فهو العاصي. انتهى.

 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر» رواه أبو داود والترمذي.

      وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا» رواه البخاري. استهموا: اقترعوا.

      وفي رواية للبخاري : « مثل المُدهِن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة، فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها، فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها، فتأذوا به، فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة، فأتوه فقالوا : مالك ؟ قال : تأذيتم بي ولا بد لي من الماء، فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجّوا أنفسهم، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم ».

      قال في فتح الباري : ( قوله مثل المدهن ) أي المحابي، وهذا يشمل الفرق الثلاث وهو الناهي عن المعصية والواقع فيها والمرائي في ذلك، وبيان وجود الفرق الثلاث في المثل المضروب، أن الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع في حدود الله، ثم من عداهم إما منكر، وهو القائم وإما ساكت وهو المدهن. ( أنجوه ونجّوا أنفسهم ) وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه، وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها، وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف، وتبيين العالم الحكم بضرب المثل. انتهى ملخصا من فتح الباري.

  وعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول :« لا إله إلا الله ويل للعرب، من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها، فقلت : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: نعم إذا كثر الخبث » متفق عليه.

 وعن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه وقال: يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده» فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به، قال :لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.   

وعن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» رواه الترمذي وقال حديث حسن.

 وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل فيقول : يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه  من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ثم قال: ﴿  لُعِنَ الذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِيسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الذِينَ كَفَرُوا لَبِيسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُم أَنْفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُومِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيءِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُم أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ثم قال : كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يدي الظالم، ولتأطِرنه على الحق أطرا، ولتقصُرنه على الحق قصرا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننَّكم كما لعنهم » رواه أبو داوود والترمذي، وقال : حديث حسن. 

هذا لفظ أبي داود ولفظ الترمذي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون قال : فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا فقال :  لا والذي نفسي بيده حتى تأطِروهم على الحق أطرا». قال النووي في رياض الصالحين : قوله: « تأطِروهم » أي : تعطفوهم « ولتقصرنه» أي:  لتحبسنه. انتهى.

 وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية :﴿ يَا أَيُّهَا الذِينَ ءَامَنُوا عَلَيْكُم أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾ وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» رواه أبو داود والترمذي، قال : وهذا حديث صحيح.

 وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا : يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا نتحدث فيها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه ؟ قال : غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» متفق عليه.

وقد تم بفضل الله وعونه جمع هذه الورقات ليلة الاثنين لأربع ليال خلت من شهر ذي الحجة سنة سبع وعشرين وأربعمائة وألف من هجرة خير الخلق صلى الله عليه وسلم، الموافق 25 دجمبر سنة 2006 للميلاد.