لعل من أكبر الجرائم في التاريخ بإسم التكفير والجهل إلى تصفية الحساب هي محاكم التفتيش التى أقامتها المحاكم الكاثوليكية في العصور الوسطى الأروبية. كانوا يفتحون الصدور فعلا لا مجازا بحثا عن " الإيمان" . وكانوا يقتلون الشيوخ والنساء والأطفال بإسم المسيح، ويحرقون الدور بمن فيها باسم الكنيسة أو الصليب أو البابا. في هذا الوقت كان الأساقفة و القساسوة يبيعون صكوك الغفران للناس البسطاء الذين ينشدون الإفلات من المحارق . وكانوا يبيعون الأمتار المربعة في الجنة لمن يفكر في النجاة من المذابح بأي ثمن وقد سميت هذه الأزمة بالعصور المظلمة لأنها أطفأت شموع التقدم والفكر والتطور والمعرفة، حتى أن الكنيسة لم تتورع عن احراق بورنو - العالم الفذ- حيا. وأن تحكم على جاليليو بالإقامة الجبرية في بيته حتى فقد البصر ومات .. وبالطبع كانت الكنيسة على خطأ بل خطيئة في العلم والدين معا، بينما كان العلماء والمفكرون والعظماء شهداء بمقياس زمانهم. ولكن هذا لم يتوقف هنا فحسب فلقد ورثت بعض الانظمة الرجعية هذه الهمجية ولم تستفد من دروس التاريخ. لقد استخدمت هذه الأدات الجهنمية في بعض المذاهب السياسية حتى الذي يرتدي ثياب الوسطية والاعتدال .. كان كل من يختلف معه بنظامه الفاسد هو سارقا أو مريضا و قتيلا اذا ساءت الأحوال !
ليست الأرض وحدها كروية فهاهو التاريخ يعيد سيرته الاولى .. كانت التهم التحريفية التي وجهت لولد عبد العزيز و دخوله السجن معزولا وحده دون أن يرى الشمس أشبه بالعصور المظلمة وكان اعفاء المشمولين معه مرادفا لصكوك الغفران لمن أراد النجاة من السجون وكانت نتيجة وجود ولد عبد العزيز اليوم في المستشفي أشبه بالاقامة الجبرية التي فرضت على جاليليو في بيته حتى فقد البصر ومات. وكانت قرارات القضاء ولهجة وزير العدل وتصريحات الناطقين بإسم الحكومة وفيلق المنافقين أشبه بالكهنة وأحبارهم في العصور المظلمة حيث كانوا بمثابة المفتي الذي تحال إليه أوراق المظلومين فيوقعون على اعدامهم ويقدمون الحيثيات الايدولوجية الكفيلة بطمئنة الضمير العام إلى أن المجتمع قد تخلص من الأشرار إلى الأبد ، وأن الدولة ستظل طاهرة نقية من التلوث.
يجد اليوم ولد الغزواني نفسه حائرا على مفترق طرق.. ويؤرق مضجعه تسارع الأحداث هذا إذا كان للإحساس معنى .. أما نظامه فقد تسبب في نكسة تاريخية وهي علامات للضعف العام الذي يصيب جسد وطن أدمته الجراح وروح أمة أمضتها المحن!
القاظى مولاي أحمد.