جاء قرار تعيين السماني ولد بهده أمينا اتحاديا للاتحاد من أجل الجمهورية في ولاية إينشيري كالصعقة الكهربائية على الساحة السياسية في الولاية.
جاء القرار مخالفا لجميع التوقعات، فلم تفرز الساحة في الآونة الأخيرة مرشحا منافسا لولد عابدين الذي كان يمسك زمام الأمور بقوة، فقاد حملة انتساب وتنصيب هياكل الحزب الأخيرة بصرامة شديدة وغير مألوفة لدى الأحزاب السياسية أدت في بعض الأحيان إلى مواجهة مفتوحة مع بعض الناشطين المحلين، لكن الفرقاء السياسيين تمكنوا في النهاية من توزيع المناصب الحزبية بشكل توافقي في عموم الولاية، خاصة في أكجوجت وبنشاب.
لم يتمكن المراقبون بشكل قاطع من تحديد القوة السياسية التي تقف وراء تعيين ولد بهده، ولا تلك التي تقف وراء تنحي ولد عابدين بعد أن أعلن تمسكه بالاتحادية في العديد من المناسبات بشكل صريح.
ولد عابدين كان أول من أبلغ بالقرار، وهو الذي بدوره أبلغ به ولد بهده، فهل تكون قد عرضت على ولد عابدين أسماء لخلافته فاختار من بينها ولد بهده، أم طلب منه إبلاغه بالقرار قبل الإعلان الرسمي فحسب ؟ وكان ولد عابدين قد أسر إلى مقربين منه عشية القرار أن لديه مشاغل تمنعه من البقاء في الاتحادية.
لم نتوصل إلى معلومات مؤكدة تعين على تحديد القوة التي تقف وراء هذا التعيين، لكننا وجدنا تفسيرات تجري على ألسنة المتحدثين حول المسألة، وهي مجرد افتراضات يتعذر التحقق منها في الوقت الراهن ؛ فمنهم من يذهب إلى علاقة مفترضة مع بابي ولد اعليه رئيس الغرفة التجارية عبر عزيز ولد الداهي محافظ البنك المركزي حيث يعمل السماني إطارا في إدارة ميزان المدفوعات، ومنهم من يعتقد أن محمد يحظيه ولد ابريد الليل كان قد تدخل لدى ولد عبد العزيز في وقت سابق لصالح ولد بهده، ولا يستبعد بعضهم أن يكون لموريس بنزا دورا ما في الموضوع.
ومهما تكن الجهة التي تقف وراء ولد بهده، فمن المؤكد أنه يحظى بقبول واسع في الأوساط السياسية والاجتماعية في الولاية، ويتمتع بمكانة مرموقة في محيطه العائلي من أسرتي أهل بهدة وأهل بكار في مجموعة أولاد اللب ؛ فعمه أحمد ولد بهده هو آخر أبطال معركة أم التونسي، كما عرف والده لمرابط في جميع مراحل حياته بالصدق والاستقامة.
ومن المؤكد أيضا أن الخارطة السياسية التي يجري رسمها الآن في الولاية من قبل الدوائر العليا للحزب من خلال تحديد قائمة المرشحين للمناصب الانتخابية، قد تأتي هي الأخرى مخالفة لجميع التوقعات.