في تطورات مثيرة للزلزال الذي شهدته قيادات جهوية للدرك الملكي، كشفت أبحاث الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية التابعة للجهاز، مع مجموعة من الضباط السامين ودركيين آخرين برتب مختلفة ضمنهم رؤساء مراكز ترابية وبحرية، الذين أودعوا الثلاثاء الماضي رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن المحلي الأول بالعرجات ضواحي سلا، عن أرصدة مالية وعقارات ومنقولات في ملكية بعض المشتبه فيهم وزوجاتهم وبعض من أفراد عائلاتهم، راكموها في ظروف غامضة، ويشتبه في تحصيلها عن طريق ربط علاقات مع البارون الدولي (موسى. ب) الذي يحمل الجنسية الهولندية.
وأوضح مصدر مقرب من دائرة التحقيقات أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، أمر المحققين بالتحقيق في ثروات المسؤولين، موازاة مع الأبحاث التمهيدية والإدارية، وتوجهت الضابطة القضائية منذ شهر إلى المحافظة العقارية وبنك المغرب للاطلاع على حجم أموال المشتبه فيهم، قصد مقارنتها مع رواتب وتعويضات المسؤولين، وظهر من خلالها ثراء واستثمارات بعض الموقوفين، بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، وهو ما شكل مؤشرات قوية على استغلال المسؤولين الدركيين لمهامهم الحساسة التي أنيطت بهم، وربطهم علاقات مع مشتبه في تهريبهم المخدرات، من أجل مراكمة ثروات.
واستنادا إلى المصدر ذاته، شملت الأبحاث كذلك زوجات الدركيين قصد الاستعانة بهن في التحقيقات التمهيدية التي أجريت قبل شهر، وهو ما وضع الضباط السامين والدركيين المختلفين في موقف محرج مع وفاء الزويدي، قاضية التحقيق بالغرفة الخامسة المكلفة بجرائم الأموال، التي أمرت بإيداع المشتبه فيهم السجن المحلي بالعرجات في انتظار استنطاقهم في الاتهامات المنسوبة إليهم في جرائم الارتشاء واستغلال النفوذ وإفشاء أسرار مهنية والمشاركة في تسهيل ونقل المخدرات، بعدما استمعت إلى المشتبه فيهم حوالي خمس ساعات.
وعلمت “الصباح” أن العقل المدبر للاتجار الدولي بالمخدرات البارون (موسى. ب) الذي يحمل الجنسية الهولندية، والذي جر عددا من الدركيين، هو نفسه الذي أطاح بـ 21 مسؤولا أمنيا برتب مختلفة ضمنهم الرئيس السابق للمنطقة الإقليمية للأمن بالفنيدق المضيق والرئيس السابق لأمن أنزكان، ورئيس المصلحة الولائية للاستعلامات العامة السابق بطنجة، ومسؤولين أمنيين آخرين يشتغلون بالعرائش وولاية أمن طنجة وولاية أمن تطوان ومصالح أمن العرائش ووزان.
وستباشر الفرقة الوطنية للأبحاث القضائية للدرك الملكي أبحاثها في ملفات مشتبه فيهم آخرين، كانوا موضوع تقارير من قبل المكتب المركز للأبحاث القضائية بسلا، بعدما فكك شبكات للاتجار الدولي في المخدرات قبل سنتين، وأطاح بعدد من رجال الأمن على الصعيد الوطني، ودل بعض من تجار الممنوعات على علاقات لهم كذلك بأفراد من جهاز الدرك، وأحيلت تقاريرهم على القيادة العليا للدرك الملكي قصد مباشرة الأبحاث فيها. وفي سياق آخر، تم فتح تحقيقات موازية في ثروات مجموعة من المسؤولين السابقين بالقيادة المركزية، وثروات أفراد عائلاتهم، من قبل أجهزة خاصة. وتروم هذه التحقيقات والتحريات، التي تجري في سرية تامة، كشف مصادر ثروات المسؤولين، وكيفية مراكمتها على مدى سنوات ظلوا فيها في هرم المسؤولية، والتي تتشكل أساسا من عقارات وضيعات ومقالع ومعامل، يسجل أغلبها في اسم الزوجات والأبناء.