"أفلام" تقدم "خارطة طريق نحو الوحدة الوطنية"

سبت, 12/23/2017 - 01:03

إذا كان الرئيس ولد عبد العزيز يحاول أن يخطو خطوات إلي الوحدة والتصالح الوطني.

 بعد مهزلة كيهيدى .فعلى ما يبدو تم التطرق في الآونة الأخيرة من خلال مقال نشر علي موقع اكريدم أنه تم تكليف وزير الدفاع  بملف الإرث الإنساني والذي اقترح كحل  تعويض الأرامل .

حصان طروادة  كما نلاحظ في الاوقات الراهنة  أزمة أخلاقية  تفضل فيها التعويضات المادية على الشرف . وأظن انه حتى لا نضل الطريق يجب أن نحدد معنى الإرث الإنساني وما يتضمنه ولا بد منا اعتبار انه يتجاوز من بعيد الإطار الضيق للأرامل  ليشكل جرحا وطنيا. وإذا كانت الوحدة الوطنية تعاني اليوم من خلال المكونات الوطنية المنقسمة اليوم والتي تعيش معا رغم خلافها بسبب هذا الإرث الإنساني جزئيا, فهو جزء من المشكلة وليس المشكلة في حد ذاتها.

 لنكن حذرين في التفكير أن هذا الإرث الإنساني هو صلب موضوع الوحدة الوطنية وان لا نظن أن حله سينهي المشكلة كليا, انه أثر وليس السبب الأول,  السبب  الاساسي سياسي بامتياز.

 يمكن تلخيص الإرث الإنساني انه مجموعة من الانتهاكات  التي تمت ما بين 1986 إلي 1991, تمثلت في  الابتزاز وكل أنواع التعذيب  والاغتصاب والترحيل الجماعي والسلب والنهب والتطهير العرقي في الوظيفة العمومية وسلك القوات المسلحة وقوات الأمن علاوة علي ذلك الإعدام غير قانوني في الضفة الذي شمل 28   جنديا اسودا يوم 28 نوفمبر 1990 تخليدا لعيد استقلالنا الوطني .

ذالك ما نسميه جزافا الإرث الإنساني والذي هو في الحقيقة إبادة جماعية مخفية .إن هذه السبحة من الأحداث المأساوية لم تأتي من فراغ ولا تشكل في حد ذاتها مأساة الوحدة الوطنية ولكنها النتيجة .

 نتيجة سياسات ظالمة ذات طابع عرقي شوفيني وعنصري.

إن السبب العميق لمشكلة وحدتنا والوطنية هو ذو طابع سياسي بحت ويكمن في القطيعة مع التوازن بين مكوناتنا الوطنية .....

.فعلا إن التعصب في البحث عن مولود بالملقط  لموريتانيا عربية بحتة بحيث يتم  تجاهل شريحة الزنوج الأفارقة و العمل علي شطبها ومحوها كليا ,حيث تم وضع  سياسات  نجم عنها تبييض ممنهج طبق على الإدارة وباتت القوات المسلحة وقوات الأمن أحادية العرق  خاصة و في طاقمها القيادي وكذلك المدارس الخاصة احادية العرق علاوة على ذلك الهيمنة المطلقة للقطاع الاقتصادي ووسائل الإعلام من لدن شريحة واحدة .( وتظهر الصور الحديثة لملتقي رجال الأعمال في البنك المركزي وعيد القوات المسلحة وتلك التي نشاهدها يوميا علي القنوات الوطنية تحدث عن نفسها) .

باختصار فكرنا و بصورة واعية للمشروع وظروف الإقصاء المنهجي للآخرين بغية فرض هيمنة  شريحة عربية بربرية .

في إطار بحثنا عن حل لوحدتنا الوطنية المتضررة, و ان كان علينا حلها يجب أن لا نغالط في المسار بمعني اللبس بين الشجرة والغابة و لانعتبر العواقب (ما نتج عن المظالم) كسبب أول, بل السبب  الاول و  الأساسي لحالتنا المزرية  سياسي بحت وإذا كان علينا يوما ما أن نسلك طريق التصالح الوطني يجب حسب وجهة نظري المرور بمرحلتين :

- المرحلة الأولي : مرحلة التهدئة التي تمر بتضميد  الجراح وتهدئة الآلام و مهاجمة الإرث الإنساني في جميع أبعاده

 تمتاز هذه المرحلة بإعادة ترميم تتجه إلي وضع قواعد صلبة لوحدة وطنية مستدامة قابلة للتعايش وتتطلب المرحلة الأولي تشكيل لجنة للحقيقة والتصالح ذات طابع مدني مستقل تتمتع بسلطات مستقلة تهدف  إلي إعداد لائحة مفصلة للانتهاكات التي تمت بين 1986 و 1991 و تحقيق معمق والاستماع إلي الضحايا ومساءلة المرتكبين. ومن خلال هذه التحريات وحسب الحالة يمكن إصدار عفو على التائبين وتطبيق العدالة علي الحالات المتورطة .....إن عمل هذه اللجنة يتمحور حول احترام أربع واجبات أساسية.

1- واجب الحقيقة (تسليط الضوء علي الانتهاكات والجرائم المرتكبة وتحديد المسؤوليات )-1

2- واجب العدالة ( معاقبة الجناة ) حيث علينا أن نعرف أن عدم معاقبة الجرم يجر إلي تشجيع جرائم أخرى كما يقال .

3- واجب التعويض المالي والنفسي تجاه الضحايا وأصحاب الحق

4- واجب الذكرى الهادف(إلي  إعادة الاعتبار إلي كل الضحايا وتخليد الأموات  عن طريق تمثال تذكاري ) تجدر الإشارة إلي أن الهدف المنشود من هذه اللجنة هو العمل كمتنفس للحقيقة وتحديد المسؤوليات واستتابة الجلادين .

إن علي هذه اللجنة أن تحدد منهجية تنظيمها الخاصة وطريقة عملها وتحديد مدة عملها علي أن لا تتجاوز 12 شهر.

ويجب حتما السهر علي أن تكون هذه الأداة مشكلة من رجال أكفاء شرفاء يتم اختيارهم بناء علي الاستقامة المعنوية والفكرية المشهود بها .

ويجب إقصاء كل الذين شاركوا من قريب أو بعيد في هذه الأحداث الشيء الذي يجعلني أتساءل عن اختيار الشخص الذي  يفترض أن يقود المؤسسة لأن حل الإرث الإنساني أمر مرغوب فيه بل ضروري , لكنه خطأ جسيم  بأن نزعم ان حله يكفي لتصفية النفوس والقلوب كليا لأن الأمر اكبر من ذالك حيث إن هذا الإرث ما هو إلا نتيجة لسياسة خاطئة مرة أخرى .

المرحلة الثانية : مرحلة إعادة تأهيل الوحدة الوطنية التي تتعرض للخطر وإذا كانت الوحدة الوطنية في خطر فان السبب الأساسي هو فقدان التوازن بين المكونات الوطنية بعيد الاستقلال.

أمس كانت مجموعاتنا تتقاسم نفس المناصب العامة ولديها تقريبا نفس مستوى العيش واليوم لا يخفى على احد أن السلطات العمومية الاقتصادية العسكرية الدبلوماسية الثقافية الإعلامية في قبضة شريحة واحدة و لها كل الحقوق و هي التي تهيمن على جميع القطاعات الحياة العامة    بسبب الدولة او بتواطؤها. هاهي الحقيقة المرة الي لا تقدر بعض العقول الانانية  تقبلها. ولا يمكن بناء امة علي هذا الشكل لا بد من إعادة صياغة  وحدتنا وهنا لا بد أن نمر حسب تصوري باربعة محاور :

التذكير بالحدث التاريخي المتعصب( شعبين,  طريقتين مختلفتين للتفكير,  هيئتين سياسيتين كل منهما نظامها السياسي والاجتماعي الخاص جمعها المستعمر في فضاء واحد).

تحديد المبادئ الأساسية التي تنظم أي مشروع للتعايش معا في ظل المساواة والكرامة واحترام التنوع الثقافي والعرقي.

سن المبادئ الدستورية التي يجب أن يرتكز عليها التعايش ضمن ميثاق كتحديد الهوية الوطنية للبلد ومساواة المجموعات الوطنية.مساواة اللغات الوطنية والثقافات. التوازن في التسيير وتوزيع السلطات . إصلاحات هيكلية تخدم العدالة والإنصاف علي جميع المستويات (إعادة التجزئة الإدارية والترابية والتوزيع المتوازن للسلطة بين البرلمان , الوزارة الأولي ورئاسة الجمهورية والمناصب السامية في الدولة , تنظيم منتديات عامة للقوات المسلحة وقوات الأمن , المدارس , وسائل الإعلام , العدالة , الإدارة والاقتصاد )  هاتين المرحلتين مندمجتين يجب أن ترفقا حتما بإصلاح واسع للرأي الداخلي ولا يمكن أن نصل  إلي صلح حقيقي إلا عبر هذا المسار الطويل .

إن وحدة بلادنا وتحديد وجودها ليس له ثمن: إن بلدا مستقرا قابلا للتعايش يستحق كل التضحيات ..لكن التجربة علمتنا انه لا يجب الإسراع في أي عمل مع رئيس خبير في فن حمل الناس علي السفينة

 

10 دجمبر 2017

 

سمبا تشام : رئيس حزب قوى التقدمية للتغيير