في مطلع هذا الشهر من العام الماضي كتبتُ مقالا قدمت فيه مقترحا للمعارضة الموريتانية، ويتلخص هذا المقترح في رفع العلم الوطني على أسطح المنازل والمحلات، وأن يكون ذلك في إطار حملة منظمة وقوية لإفشال مشروع التعديلات الدستورية المنبثقة عن حوار أحادي.
اليوم أكرر عرض نفس المقترح، وأرجو في هذه المرة أن تتعامل المعارضة الموريتانية مع هذا المقترح بشكل إيجابي.
أكرر عرض هذا المقترح وذلك لأنه سيعيد المعارضة إلى الواجهة بعد غياب طويل عن المشهد استمر لثلاثة أشهر كاملة، وهو غياب يبرره البعض بالعطلة السنوية، ويبرره البعض الآخر بالجهد المادي والتعبوي الكبير الذي بذلته المعارضة من قبل الاستفتاء، وهو الشيء الذي جعلها اليوم تجد صعوبة كبيرة في تنظيم أنشطة جديدة تحتاج إلى تعبئة موارد كبيرة، وإلى حشد كبير، كما هو الحال بالنسبة للمسيرات الشعبية الكبرى التي تعودت المعارضة على تنظيمها في الفترات الماضية.
حسنا، ما دام الأمر كذلك، علينا في هذه الحالة أن نبتدع وأن نصمم أنشطة احتجاجية جديدة على مقاس الوضعية المالية والتعبوية الحالية للمعارضة، أي أنه علينا أن نبتدع أنشطة جديدة لا تحتاج لموارد مالية ضخمة، ولا تحتاج لحشد جماهيري كبير، ولا يمكن قمعها بسهولة.
إن التفكير في مثل هذه الأنشطة سيقودنا إلى مقترح رفع العلم الوطني فوق أسطح المنازل والمحلات خلال شهر نوفمبر. إن مثل هذا المقترح يمتاز بعدة ميزات لعل من أهمها :
1 ـ أن الظرف الزمني مناسب، فنحن نعيش شهر الاستقلال الذي يشكل مناسبة لرفع الأعلام الوطنية.
2 ـ إن رفع العلم الوطني بدون شريطين أحمرين هو تعبير حضاري عن رفض الشعب الموريتاني لتمرير نتائج استفتاء غير دستوري، قاطعه الشعب الموريتاني، وتم تزوير نتائجه. إن رفع العلم الوطني فوق أسطح المنازل والمحلات هو بمثابة دفاع شرعي عن إرادة الشعب الموريتاني التي تحاول السلطة أن تزورها من خلال فرض نتائج استفتاء غير دستوري قاطعته غالبية الشعب الموريتاني.
3 ـ إن رفع العلم الوطني بدون شريطين أحمرين في مثل هذا الوقت قد يشكل رسالة قوية إلى السلطة الحاكمة مفادها أن الشعب الموريتاني لم يعد يقبل بأن تزور إرادته، ولن يقبل بأن تفرض عليه السلطة مخرجات حوار أحادي، ونتائج استفتاء غير دستوري، شهد عمليات تزوير واسعة.
4 ـ إن حملة من هذا النوع قد تشكل تدريبا عمليا على العصيان المدني الذي سيبقى خيارا مطروحا إن استمر النظام القائم في ممارساته غير الدستورية، وفي فرض إرادته على الشعب الموريتاني.
5 ـ إن إطلاق حملة واسعة من هذا النوع لن تكلف المعارضة أموالا طائلة كتلك التي كانت تتكلفها عند تنظيمات مسيرات شعبية كبرى. إن توفير الأعلام لن يكلف الملايين، خصوصا إذا ما اتبعت أساليب تقشفية تقتضيها المرحلة الراهنة.
6 ـ يمكن لكل مواطن أن يشارك في هذه الحملة من خلال رفع علم فوق منزله أو محله، وسيكون من الصعب على السلطات أن تقمع كل مواطن شارك في هذه الحملة، وإن فكرت في ذلك فستجد نفسها في مأزق كبير.
إن هذه الحملة لا تتطلب حشد تجمعات جماهيرية في الساحات ليتم قمعها، إنها حملة يمكن لكل مواطن أن يشارك فيها دون أن يخرج من منزله أو من محله.
7 ـ لو تم إطلاق هذه الحملة من طرف المعارضة الموريتانية، ولو تمت إدارتها بشكل جيد، فإن الشعب الموريتاني سيبين من خلال رفعه للعلم الوطني (بدون شريطين أحمرين) بأنه متمسك بعلمه، وبأنه على استعداد لأن يدافع عن خياراته التي عبر عنها من خلال مقاطعته الواسعة لاستفتاء 5 أغسطس، والذي كان قد تضمن تغيير العلم الوطني وإلغاء مجلس الشيوخ.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل