بين ليلةٍ وضُحاها، باتت قيادة المرأة أمراً شرعيّاً في العربية السعودية، فقط حين جاء الأمر الملكي بالسماح لها بالجلوس خلف المقود، لا بل باتت مُعارضة قيادتها من الأمور التي يُخالف القانون عليها، وتصل حد التغريم والسجن.
موقع التدوينات القصيرة “تويتر” كان على موعدٍ مع وسم “هاشتاق”، “الشعب يرفض قيادة المرأة”، وتعالت هناك أصوات المُغرّدين الرافضين لقيادة نسائهم، بل وصفوا الذي يقبل بقيادة “حريمه” بالديوث الذي لا يغار على أعراضه.
ردّة الفعل الشعبيّة كانت مُتوقّعةً على القرار الذي وصفه نُشطاء بالتاريخي، بل وهي وفق مراقبون حادّة، وتُعبّر ليس فقط عن رأي التيار الإسلامي، بل عن تيّارٍ “مُتديّن” يُمثّل غالبيّةً من الشعب “المُتدين” والذي يرفض بطبيعة الأحوال قيادة المرأة بأي حالٍ من الأحوال.
وممّا يَدل يقول مختصون في الشأن المحلّي، على وجود مُعارضة واسعة لهذا القرار الذي ينقل المملكة إلى العلمانيّة، هو مُسارعة القيادة السعودية إلى فرض قانون يُعاقب كل من يُعارض قيادة المرأة بالسجن خمس سنوات، وغرامة ثلاثة ملايين ريال، خاصّةً أن هناك مواقف فعليّة وقعت، فهناك من هدّد بحرق سيارات النساء اللواتي يَجلسن خلف المقود.
روّاد مواقع التواصل الاجتماعي السعودية، تداولوا على صفحاتهم، مقطع فيديو يظهر فيه مجموعة شباب، قيل أنهم يُلاحقون فتيات قمن بالقيادة، وبالفعل تمكن الشبّان من إيقاف السيارة، وإنزالهن، في مشهدٍ تعالت فيه صَرخات النّساء من صدمة ما تعرّضن له.
المُغرّد سعود الشمري وَصف عبر وسم رفض قيادة المرأة، القرار بالمُزري والذي لا يتوافق مع عادات وتقاليد المملكة، أما سمية الحارثي فقد عبّرت عن رغبتها بقيادة السيارة لكن ليس في بلادها، فهناك وحوش في الشوارع على حد وصفها، يامن السعود تمنّى لو أن القرار جاء تدريجيّاً، فالشّعب لن يستطيع تَحمّل هذه النقلة العلمانيّة، وحساب “البدوي” توعّد بمُلاحقة كل النسوة اللواتي يقدن، لأخذ أرقامهن، ومُرافقتهن إلى منزله.
ومع قرار السماح للمرأة السعودية بالقيادة، سارعت الناشطات السعوديات إلى تهنئة بعضهن البعض بهذا الإنجاز التاريخي، واعتبروا أن تضحياتهن في سبيل السماح لهن بالجلوس المُنتظر خلف مقود السيارة، هي من كانت خلف هذا القرار الملكي الذي انتصر فيه المليك السعودي سلمان بن عبدالعزيز لنساء بلاده، إلا أن بعض النشطاء شكّكوا بصحّة هذه التضحيات، وتأثيرها الفعلي على قرار السلطات، واعتبروا أن لجين الهذلول وأمثالها مُجرّد أحجار شطرنج في لعبة سياسية قذرة، وللحكومة أهداف سياسيّة واقتصاديّة تقف خلف هذا القرار.
الاستعراض الإصلاحي يقول أحد النشطاء المُعارضين، والذي تواصلت معه “رأي اليوم” عبر حسابه الرسمي في “تويتر”، هو ما يَقف خلف هذا القرار الذي هو أصلاً حق من الحُقوق، والذي لا يَجب أن تَمُن الدّولة فيه على المرأة السعودية، ويُؤكّد الناشط أن هذا الاستعراض سيَقتصر على الأمور الاجتماعية، من قيادة مرأة، افتتاح دور سينما، وقف إغلاق الصلاة، وهي أمور “انفتاحيّة” تُرضي الغرب وتُلبّي شروط مُعيّنة لاستمراريّة الحُكم، ويُضيف الناشط الذي يعيش خارج بلاد الحرمين، أنه لو كان هناك نيّة للإصلاح السياسي الحقيقي، كنّا لم نشهد حملة اعتقالات واسعة، طالت حتى الدّعاة المُؤيّدين للنظام.
مُواطنون سعوديون، عبّروا ل”رأي اليوم”، عن خشيتهم من تقليص صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، أو حتى حلها نهائيّاً، ويُعبّر المُواطنون عن خشيتهم تلك، ليس لإيمانهم بدور الهيئة، وإنّما لخوفهم من انفلات أخلاقي، يُصيب الشباب الذي لم يَعتد تواجد المرأة في الشارع، وخلف مَقودها لوحدها، وهو ما كان يُمكن لرجال الهيئة ضَبطه ربّما، وهي الرّادع المُرعب سابقاً لشباب المملكة والطائشين منهم على وجه التحديد على حد وَصف المُواطنين.
مراقبون يرون في مشروع قانون التحرش، والذي أمر العاهل السعودي الملك سلمان بإعداده، ورفعه خلال 60 يوماً، ربّما يكون الرادع والبديل لصلاحيات الهيئة في الشأن الرقابي على تصرّفات الشباب، ورقابة عقوبيّة قانونيّة تطال لكل من تُسوّل له نفسه التحرّش بالفتيات، خاصّة أن النساء وبعد قرار السّماح لهن بالقيادة، سيكون تواجدهن بالشّوارع العامّة أكثر، وبالتّالي نسبة تَعرّضهن للمُضايقات ستكون أكبر، يقول مراقبون.
-“رأي اليوم”-