لا يعدم المتتبع للساحة السياسية الوطنية ما يشغل باله وفكره؛ من تجاذبات سياسية وتناقض الدعايات..*كل يغني على ليلاه*؛
فمن مستفهم عن أزمة سياسية إلى داع لها إلى مبشر بنقيضها.
لقد ذهب بعضهم إلى أن الزيارات المتسارعة-حسب تعبيره- المتتالية التي يقوم بها فخامة رئيس الجمهورية والوفد المرافق له؛ داخل الوطن، أثارت وأنارت الرأي العام حول عديد القضايا، ومن أهمها القضية الدستورية المهيمنة على الساحة السياسية؛
والمفارقة العجيبة أن الذي قدم الصورة السالفة هو الذي أفرد قبلها بوضوح أن الناخبين كانوا يعبرون جميعا وبحماس-حسب القائل طبعا- عن تعلقهم برئيس الجمهورية وبخياراته، وهو في الوقت ذاته كان يقدم ما قدم بأسلوب الاستفهام حول حصول أزمة سياسة!!.
إن ضرورة وجود عمل حكومي لتدشينه أو وضع حجره الأساس؛ ليس وحده هو مفتاح التحرك، فالتجاذب السياسي والصراع حول القضايا السياسية المطروحة ( مقترح التعديلات) أدعى من غيره إلى التحرك والشرح والتبيان.
من للمواطن إذا كانت النخبة و الوجهاء والعرفاء غير منزهين عن بيع الضمير و الموقف و الوطن، ومن لنا جميعا إذا كان المخالف في الرأي و الطرح مصيره هذا الحكم وأشنع من ذلك؟!.
إن المسالك المؤدية إلى التقدم والرقي وتجسيد الديمقراطية والتناوب السلمي على السلطة؛ من خلال الحوار الشفاف، هو الذي يدعو له النظام -حسب مناصريه ومنصفيه- منذ فترة ليست بالقريبة؛ وطبعا استجابت لذلك بعض الأحزاب المعارضة وعزفت عنه الأخرى.
كل الطرق التي تخالف المبادئ الديمقراطية وتكرس حكم الفرد؛ مرفوضة من قبل الجميع، ولا خلاف في ذلك، الخلاف حول ظلم المفاهيم نفسها؛ وإطلاقها-عمدا أو جهلا- في غير محلها، والضحية هو المواطن البريء؛ الذي تخلط عليه المفاهيم؛ لتحييد الإيجابي عنه، خدمة للطموح السياسي، وتشحن عليه المشاريع الهامة بالمنغصات في كل خرجة ودعاية، ويسعى في التشويش على كل ما يحمل مصلحة؛ مهما كانت النسبة و الوجهة!!.
إن الرافضين للتعديلات الدستورية يقدمونها على اعتبار أنها مضيعة للوقت والجهد ومقدرات الدولة، ويسعون في سبيل إفشالها بكل ما أوتوا من قوة وبيان.. يستجيشون العواطف يعزفون على الأوتار الحساسة، يعرون المستور يشوشون على القناعة والتشبع..
أما الذين يبشرون بالتعديلات الدستورية فإنهم يرون فيها الخلاص من بؤر الفساد وتعطيل المشاريع التنموية، كما يرون فيها توفيرا لمقدرات الدولة وتثمينا لتضحيات الأوفياء من أبناء هذا الوطن الكريم في سالف الزمن ولاحقه، ويرون في دمج بعض المؤسسات وإنشاء أخرى؛ تأسيسا لجمهورية ثالثة، سيكون للأجيال الحالية شرف المشاركة والإسهام في تحديد ملامحها بإبداء الرأي والمشورة؛ بعيدا عن مصادرة الأفكار وإنزال القرارات المعلبة.
ويبقى المواطن هو الفيصل والحكم المؤتمن في ما ستفضي إليه الأمور، إن أراد قبل هذه التعديلات وصوت عليها وإن شاء رفضها وصوت ضدها، المؤكد هو أن التجاذبات السياسية وتداعياتها لن تنتهي بانتهاء التصويت على هذه التعديلات-مهما كانت النتائج- لكن؛ من اللباقة السياسية أن نعترف إنصافا بما ستنفرج عنه صناديق الاقتراع ونحترم إرادة من توجه إليها من الشعب.