خرج علينا اليوم ناهب المليارات الحرام الشيخ ولد بايَّه واعظاً، يتهم السياسيين بترويج الخطاب العنصري، فذكرني بمقطوعة أحمد شوقي، التي حفظناها أيام ندرج مدارجَ الصبا البريء:
خرج الثعـــلب يومـــــــــــاً.. في شعار الواعظينا
و مشى في الأرض يهدي.. و يـســبّ الماكـــرينا
الرجل الذي ابتلع المليارات من أموال الشعب، كما يزدرد مريضٌ قرص إسبرين، لم يصرفه عن ذلك وخز ضمير و لا وازع أخلاق و لا ما نزلت به الشرائع السماوية من وعيد في حق من أغلّ مالاً عاماً، يهز علينا عطفيه متحدثاً عن القيم و المباديء، التي لم يتذكرها الا بعد أن “امتلَ هوّ و امتلات موريتانِ”..
“امتلات موريتانِ” طبعاً من الديون و الفقراء و المهمشين و اللصوص من أمثاله و صديقه عزيز..
إبدأ بنفسك فانهها عن غيّها، أيها الوغد الذي لا يفكر إلا فيما يسكت صفير أمعاءه.. فأنت و صديقك الأرعن نهبتما هذا البلد الفقير نهبَ بغاث الطيور مزارع الفقراء.. أنتما لهجتماها بقرةً حلوباً لا تبقيان منها ضرعاً يُمرى و لا درّاً يحلب..
ثم تأتي، و قد جنحت شمس حكمكم للغروب، لتلقي دروساً في الوطنية و الأخلاق، و لتنذر السياسيين من خطر العنصرية و “المتاجرة باستقرار البلاد”.
تأكدوا أنه لو كان بالإمكان المتاجرة بالعنصرية لكنتما السبّاقين إليها، كما كنتم سبّاقين دائماً لكل تجارة و تربّح..!
هل تعتبر أيها السارق أن الحديث عن العبودية و الوحدة الوطنية و العنصرية و إقصاء و تهميش الشرائح و الأعراق الأخرى هو استهداف لاستقرار البلاد؟!
ألستم من يضرب استقرارها في مقتله، حين تقصون الزنوج و لحراطين من مواطن القرار، و حين يتقاسم البيظان الامتيازات غير المستحقة، و يحتكرون دون غيرهم تقرير مصير هذه الارض و التخطيط لمستقبلها؟!
ألستم من يسعى لتفجير هذه البلاد من خلال ما تغمطونه من حقوق المهمشين و تهدرونه من طاقاتهم و تصادرونه من أحلامهم للعدالة و الإنصاف؟!
لا حقوق في هذه البلاد للزنوج و لا للحراطين، و الذين يريدون لها أمناً و استقراراً عليهم أن يبسطوا فيها الحرية، و يحققوا فيها العدالة، و يرسوا دعائم المواطنة و تكافؤ الفرص و تساوي الحظوظ..و إلا فنُذُر غضب المظلومين تلوح في الأفق كالأعاصير الهائجة، فلن يطول الرضوخ، و لن تدوم الاستكانة، و لن يرضى مواطنون بأنصاف مواطنة..
انصفوا المظلوم، و حرروا العبيد، و فكوا قيود السجناء، و تقاسموا معهم الخبز و الكرامة، و لا تمايزوهم بعرق أو لون.. و اجعلوه وطنا للجميع، يتساوى أبناءه كما يتساوى أسنان المشط و لا يتفاوتون كما تتفاوت أصابع الكف..
لا يمكنك يا سارق المليارات أن تخرج علينا بعد أن أكلت الرطب و اليابس، من حقي و حق امبارك و ممادو، لتحضنا على التآخي، و أنتم من دققتم بيننا عطر منشِم، و سلبتم من علاقاتنا كل معاني الأخوة و التعايش.
تقتلون قتيل التعايش السلمي في بلادنا ثم تمشون في جنازته.. لا عدمنا المشي في جنائزكم.!
هل ترانا أيها السارق أغبياء حتى نصدّق مواعظكم؟!
مخطيء من ظنّ يوما أن للثعلب دينا
فتحيّد.. و امصص _كما كنت تفعل دائماً _ بظر مندوبية الرقابة البحرية.!
تقدمي