إنّ من صدف القدر الجميلة أنْ تمَّ تعيين أحد أبناء ولاية لعصابة العزيزة وزيرا للمياه والصرف الصحي وهي العطشاء منذ ردح من الزمن وربما يكون الرئيس بهذا التعيين قدْ أعطى القوسَ باريها من أجل سقاية ولاية لعصابة التي عانتْ من العطش سنين عديدهْ, ونامتْ على الغبن والحيف.. أزماناً مديدهْ, إنّ تعيين الشاب محمد يحي ولد عبد الدائم وزيرا للمياه والصرف الصحي وفي هذا الوقت بالذات حيث بلغ الحر والعوز المدى, وعمَّ البؤسُ والعطش فطما, بكل سكان هذه الولاية الحبيبة لتعدُّ بحقٍ بادرة وأيُّ بادرةٍ جميلة, أوْ هكذا يُخيَّل إليَّ على الأقل,
إنَّ تعيين الوزير الآنف الذكر وهو ابن الولاية الذي ولد وترعرع على أديمها وفي أحضانها.. وتربَّى ودرس بين كثبانها ووديانها..ويصدق فيه وفيها قول القائل:
بلادٌ بها نيطتْ عليَّ تمائمي**وأوَّلُ أرْض مسَّ جلدي ترابها
وهو العارف حقَّ المعرفة بجبالها ووهادها..وواحاتها وأنجادها..ومضاربها وأمجادها..وأكثر من ذالك العارف بمراميها وأغراضها..وكما يقول المناطقة: (الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره) تُرى أما آنَ لسكان ولاية لعصابة الكريمة أنْ يتنفسوا الصعداء وأنْ ينتشوا طرباً أوْ يعبقوا أدباً.. علَّ وعسى أنْ تكونَ نهايات العطش قدْ دقَّتْ ساعتها أوْ طلائع الأمل قدْ أزفتْ بشائرها أوْ أو...؟؟ بلى لقدْ آن لهم ذلك وأكثر وهم الذين عانواْ ما عانواْ خلال العصور الفارطة من الغبن والتهميش..وضياع الحقوق والمصيرْ..في دروب التيه الموحشة والمُميتة..!! جراءَ خلاف واختلاف القادة والسادة...من أبنائها وتفرقهم أيدي سبا!! ولعلَّ القاسم الوحيد المشترك بينهم هو التماهي في التَّشبث بالانتماء المزيَّفْ الذي لا يسقي من ظمإ ولا يسمنُ من جوع...! فلمْ يقيموا بها على مرِّ تاريخها المجيد والمديد..مهرجاناً ثقافياً واحداً للتعريف بها وتخليداً لأمجادها وأجدادها ومرابعها وأنجادها..كما لمْ يقوموا يوماً حسب علمي بتنظيم سقايةٍ لعطاشها ولا زيارة مُواساةٍ أوْ مؤازرةٍ لمنمِّيها وزُرَّاعها.. أحرى أنْ يقوموا بتلبية النَّزر القليل من حاجاتها وأوْطارها...بلْ ولمْ يتفقوا ويتآلفوا إكراماً لها ورفقاً بها.. ونفياً للحرج والضيم عنها أمامَ نظيراتها وأترابها..!! بلْ غاية ما يمكنهم من خدمتها ورعايتها..هو التفاني في الصراع المحموم على تقاسم كعكتها ومناصبها..إبَّان المواسم الانتخابية وما أدراك ما المواسم الانتخابية!! أو ادِّعاء النّطق باسمها أو الانتماء المُمضِّ لها:
وكلٌ يدَّعي وصلاً بليلى***وليلى لا تقرُّ له بذاكا
وهم الذين لمْ يحفلوا بها وطناً عزيزاً ولا حضناً حنوناً ولا ولا..ولا هم يحزنون!! ولمْ يصونوها عن مناكفات واختلافات السياسة المُمضَّة والمقيتة..!!! أمَّا أبنائها القاطنين بين لابتيْها حراً وقراً وصيفاً وشتاءا...من الفقراء والمساكين الذين يُكابدون على كرِّ الجديدين آلامها وحرْمانها...ويقاسون مدى الأيام عنائها وشقائها...وعندما يَزفُّ إليهم ساستها ووجهائها... بشارة سرعان ما تتحول في لمح البصر إلى برق خلَّب لا ماء به ولا صبا يستنشقون ريحها العليلْ, أوْ يشفون منها غُلَّة الغليلْ..!! فعن حالهم حدِّثْ ولا حرج فقدْ أضناهمْ نكد الدهر وشظف العيش ومقاساة الحياة...! فما هم لها بالمتنكِّرين ولا لفضلها ووفائها... بالجاحدين, ولاهمْ رغم ما يعانون بها عنها بمرتحلين أوْ لها بمُبدِّلين أوْ قالين..! ولسان حالهمْ يشدوا لها مع المادحين:
بلادي وإنْ جارتْ عليَّ عزيزة***وأهلي وإنْ ضنوا عليَّ كرامُ
وريثما يختبر الوزير الجديد ممرات الوزارة ودهاليزها.. ويرجع البصر كرَّتين في الملفات العالقة ومراميها, سبيلا إلى تحقيق الأمل المنشود, والحلم المفقود..لا يسعني هنا إلاّ أنْ أزفَّ أسمى آيات التبريكات والتهنئة... للفتى الأبي: أحمد ابن المختار ولد بوسيف الإبن الآخر لهذه الولاية العزيزة الذي تمَّ تعيينه في نفس اليوم مديراً إدارياً لوكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة متمنياً له مزيداً من التألق والعطاءْ في درب السيادة والإباء..مثمناً عالياً لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز هذه اللفتة الكريمة على هذه الولاية الحبيبة وأهلها من خلال تعيين هاذين الإطارين الكفؤين..وإننا لنطالب بالمزيدْ, فلا طاشت السهامْ ولا تحطَمت الأحلامْ.., ومع هذا كله يبقى الأمل في الله وتوفيقه ولطفه وحسن رعايته وتدبيره...مناط الاعتماد والسداد..,
وفي الختام يطيب لي ونحن نتنسّمُ عبق هذا الشهر العظيم أنْ أذكِّرَ والذكرى تنفعُ المؤمنين أطر ونخب ومنتخبي وساسة ووجهاء... لعصابة بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: {خيركمْ خيركمْ لأهله وأنا خيركمْ لأهلي} أوْ كما قال صلى الله عليه وسلم. فهل من مُتَّعظ أوْ مدَّكرْ...؟؟؟
ولله الأمر من قبل ومن بعد, عليه توكلت وإليه أنيب.