نظمت أمانة الإعلام لحزب الوطن لقاءا عبر "الوات ساب" جمع رئيس الحزب الأستاذ محمد الكوري ولد العربي بعدد من منتسبي وأصدقاء الحزب والمثقفين والإعلاميين، قدمت في مستهله ورقة تمهيدية أطرت للإشكالات الوطنية والإقليمية والدولية.
وفي مداخلة رئيس الحزب الافتتاحية نوه بهذه البادرة، معرفا بالحزب السياسي، مشيرا إلى غياب الهيكلة وتنظيم الصلاحيات في أغلب التشكيلات السياسية الموريتانية، مفصلا في الشروط الواجبة للأحزاب من الإيمان بالمبادئ والقبول باللوائح، إضافة إلى البرامج طويلة المدى، وكذلك وجود الدليل النظري والبيئة الجماهيرية والرافعة التنظيمية، مؤكدا تلافي حزب الوطن لبعض أوجه النقص باعتماده على المجهود الذاتي انطلاقا من فكرة "اليسير المستمر أفيد من الكثير المنقطع"، مشيدا بتدرج الحزب في نموه، وابتعاده عن الفخامة، وتميزه بمعارضة الممارسات والسياسات بعيدا عن الشخصنة، وخطابه الجامع بعيدا عن الغرائزية في المطالب، وتوجهه للناس في معاناتهم بعيدا عن الافتتان بالظهور الإعلامي، وابتكاره للأساليب البسيطة بعيدا عن الامتلاء، وقد استعرض الرئيس البنية التنظيمية للحزب، وأنشطته خلال سنة تقريبا منذ مؤتمره التأسيسي، وهو نشاط لا يخلو من الصعوبات والأخطاء، باعتباره نشاطا يعتمد البساطة في الوسائل والاستقلالية، وينصب حول خدمة موريتانيا، ولم يفت على الرئيس شرح مضامين شعار الحزب (السنبلة-الريشة) حيث تعبر الأولى عن الاكتفاء الذاتي في الغذاء والثانية عن التعليم، اللذين لا نهضة بدونهما حسب الوطن.
كما تحدث رئيس الحزب عن الوضعية الاقتصادية السيئة،و المتمثلة في الفقر والبطالة واستقالة الدولة من مهامها، مما أدى إلى حالة اجتماعية قوامها الأمية وتفشي المحسوبية وانفلات أمني، ترتب عنها تطرف ديني وإلحاد وغلو اجتماعي، حيث تغيب المؤسسات الردعية للدولة، كل هذا في ظل انسداد سياسي ، وتعكر العلاقات مع الجيران، في ظل تربص مجاميع الإرهاب والجريمة المنظمة، مؤكدا مطالبة الحزب بحوار وطني جامع، خاصة وأن تأكيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز عدم الترشح لمأمورية ثالثة قد يكون أرضية يلتقي حولها الفرقاء، ومع ذلك سجل رئيس الحزب تثمينه لأمرين لاحظهما بأمانة وهما غياب الاعتقالات السياسية، و تطور البنى الطرقية، كما دعا إلى احترام الناس والنخبة للمؤسسة العسكرية، وهو احترام يقتضي إلزاما ابتعاد كبار الضباط للجيش عن المعترك السياسي وبناء جيش جمهوري قوي .
وفي الشأن العربي تحدث الرئيس عن وضع مأساوي خطط له الصهاينة والغرب ، ونفذته إيران بدعم النظام الرسمي العربي، ولا مخرج منه إلا بتنظيم القوى الوطنية والقومية والإسلامية المعتدلة اعتمادا على تيار شعبي موحد و قوي للنهوض بالأمة ، وعن الحالة الدولية فقد أكد الرئيس أن الغرب اليوم يواجه جحيم أفعاله في العرب ولن يخرج من ذلك إلا بانفجار تيار إنساني جديد يعيد للإنسان إنسانيته.
وبعد ذلك فتح الباب للتساؤلات، التي تمحورت في مجملها حول الحوار الأخير ومخرجاته، وموقف الحزب من قضية الإساءة للحبيب صلى الله عليه وسلم، وموجة الإلحاد والعلمانية، وعلاقة الحزب بالمنتدى، ورؤيته حول جملة قضايا وطنية كالتعليم والوحدة الوطنية والمقاربة الأمنية والانقلابات ومرتنة العمالة والأحياء الشعبية والنظافة ، كما تمحور بعضها حول الواقع العربي ونزاع الصحراء الغربية ومأساة الشعب الآزوادي والسياسة الخارجية للبلاد وأوضاع الجاليات في الخارج......
كما كان البعد الإيديولوجي حاضرا في التساؤلات عن ظروف انشطار التيار القومي حيث يحسب البعض حزب الوطن، وعن حقيقة ارتباط هذا التيار بأحداث 1989 المأساوية.......
وفي رده على الأسئلة بين الرئيس الأستاذ محمد الكوري ولد العربي، أن الحوار لم يكن شاملا من حيث المشاركين ولا من حيث المضمون، وبالتالي الحديث عن تعديل دستوري في أجواء غير توافقية أمر غير وارد، وينتظر من البرلمانيين هبة وطنية يرفضون من خلالها هذه التعديلات المقدمة إليهم.
وقد أوضح كذلك موقع الحزب في الساحة كحزب معارض يرتبط بعلاقات طيبه مع جميع الطيف السياسي لاسيما المنتدى، الذي جمعه تنسيق سابق والحزب على استعداد للتنسيق مع الجميع في إطار وحدة التوجه.
وبخصوص قضية المسيء لنفسه، أكد الرئيس رفض الحزب ومناضليه لهذا الفعل، كواجب يمليه الانتماء لملة الإسلام دون أن يستغل الحزب ذلك سياسيا ولا يرى فيه إلا ما تراه شريعة الرسول الكريم، وهو يربأ بالقضاة عن التقاعس عن دورهم، مؤكدا ضرورة استقلالية القضاء عن السلطة وعن الشارع، مشيرا إلى أن ما تشهده البلاد من موجة إلحاد وعلمنة إنما هي نتيجة أسباب كثيرة يعد من أهمها تحويل الدين إلى إيديولوجيا وظيفية.
وحول التعليم اعتبر الرئيس أن إصلاح التعليم يكون بالأخذ باللغات الوطنية وملائمة مخرجاته مع حاجة سوق العمل إضافة إلى الإصلاحات الهيكلية، وبخصوص الوحدة الوطنية فهي تكون حسب البرامج والمشاريع التي تضمن المساواة بين المواطنين بغض النظر عن إثنياتهم وتحقق العدالة الاجتماعية، ولا تكون بالشعارات فقط، كما أشاد الرئيس بالمواد الدستورية المجرمة للإنقلابات مؤكدا رفض حزب الوطن لها كسبيل للوصول للحكم.
وقد أشار كذلك إلى أن نجاح المقاربة الأمنية رهن بأمان المواطن في بيته وفي الشارع من النهب والتلصص، مثمنا المسعى نحو مرتنة العمالة الموريتانية والتي ينبغي أن تكون أكثر عقلانية باعتماد آجال زمنية لها دون أن تبقي خطوات متذبذبة، مطالبا الدولة باعتماد آلية أكثر شفافية في توزيع القطع الأرضية والقضاء نهائيا على ظاهرة الگزرة، محملا المواطن جزءا من مسؤولية انعدام النظافة في المدن الموريتانية فيما تتحمل الدولة الجزء الآخر بصفقاتها المشبوهة.
كما أكد الأستاذ محمد الكوري ولد العربي على ثنائية في الموقف لحزبه من النزاع الصحراوي موقف مبدأي رافض لتجزئة الوطن العربي وموقف سياسي يعتمد حق الصحراويين في تقرير مصيرهم، ولا يشجع الحزب كذلك فكرة انفصال آزواد عن مالي مع مطالبة الأخيرة باحترام حق الشعب الأزوادي في أرضه وثقافته.
وبخصوص المد الصفوي قال الرئيس ان إيران خطر على هذه الأمة و عدوة لها و هي تقوم بنفس الدور التي تقوم به اسرائيل مؤكد أن الفرق بين إسرائيل و إيران هو الفرق بين ( الأرضة) و (السوسة) حيث أن الأولى تهاجم و تدمر من الخارج و الثانية تهاجم الداخل قائلا هذا هو حال إسرائيل فهي عدو و معروف للجميع و يهاجم بشكل واضح و الجميع يعرفه و إيران تلبس لبوس الإسلام و تدخل المجتمعات و تمزق النسيج الاجتماعي و تدمر الوحدة الوطنية و تزرع الفتن الطائفية .
لقد كان اللقاء مناسبة لرئيس الحزب طالب خلاله الجاليات الموريتانية بمراسلة الحزب بالمشاكل التي تعترضهم حتى يتخذ مواقف وهذا هو ما يمكن للحزب تقديمه للمواطن في الخارج والداخل، معبرا عن أسفه للسياسة الخارجية التي تشهد تذبذبا وهو أمر طبيعي بحكم عدم استقرار الجبهة الداخلية.
قدم الأستاذ محمد الكوري ولد العربي قراءة في تاريخ أحداث 1989 وكيف كان البعثيون يومها في السجون أو المنافي وقد طالب من لديه معلومات تثبت دورا لأحد البعثيين في تأجيج هذه الأزمة أن يقدمها للجيل الجديد مؤكدا أن ما يشهده التيار اليوم من انشطار ليس حالة منعزلة عن الايديولوجيات الأخرى، وقد يكون أكثر حضورا في صفوف البعثيين لما تتعرض له هذه المجموعة من ضغوط وتعانيه من صعوبات، وهو قبل ذلك أكد بأن البعث شيء وحزب الوطن شيء آخر.
و ستنشر المقابلة بصوت الرئيس على صفحة الحزب على اليوتيب و الفيس بوك
أمانة الإعلام