دعت الحكومة السنغالية أمس الصيادين السنغاليين الذين تعودوا على الصيد في المياه الموريتانية للكف عن أي نشاط داخل المياه الإقليمية الموريتانية إلى أن تجد الحكومتان حلاً لهذه المعضلة المستعصية التي سببها تنفيذ حكومة نواكشوط لنظام جديد يتعلق بالصيادين الأجانب.
ولم يتوصل عمر غي وزير الصيد السنغالي الذي زار نواكشوط الأسبوع الماضي والتقى نظيره الموريتاني، لأي حل لهذه المعضلة التي تؤثر على علاقات البلدين.
وأكد في تصريح للصحافة أمس «أن حكومته ألزمت الصيادين السنغاليين الذين لا يتوافرون على رخص، بالكف عن الصيد في المياه الموريتانية». ودعا الوزير السنغالي الصيادين «لاحترام القوانين الموريتانية الجديدة التي تنظم تسيير الثروة البحرية والتي بدأ تطبيقها مستهل الشهر الجاري».
وأعلن الوزير السنغالي عن «بدء حكومته تنفيذ برنامج اجتماعي يشجع العودة الطوعية للصيادين السنغاليين الأربعمئة من موريتانيا إلى السنغال في انتظار حل المشكلة».
واتفقت الحكومتان السنغالية والموريتانية على تسيير دوريات مشتركة في الحدود البحرية تجنباً لأية حوادث إصطدام وذلك بعد أن أطلق خفر السواحل الموريتانيون النار قبل أسبوع، على قارب سنغالي كان ملاّكه يصطادون من دون ترخيص في المياه الموريتانية.
وتعاني أسواق السمك في مدينة سنلويس السنغالية من نقص حاد في الأسماك بسبب استغلال الصيادين المفرط للأسماك السنغالية وتوقف نشاط الصيد في المياه الإقليمية الموريتانية ذات الوفرة السمكية.
وينشغل الرأي العام السنغالي بأزمة الصيادين التقليديين السنغاليين الممنوعين من الصيد في المياه الموريتانية.
ودعا حمت فال مسؤول الحزب الديمقراطي السنغالي المعارض «الرئيس السنغالي مكي صال لعقد لقاء بالرئيس الموريتاني للبحث عن حل لهذه المعضلة».
وقال «إننا نأسف لحال العشرات من الصيادين السنغاليين الذين كانوا يصطادون في موريتانيا والذين أصبحوا يعانون وتعاني أسرهم بعد أن رحلوا من موريتانيا ومنعوا من الصيد في مياهها».
هذا وخصصت حكومة داكار غلافاً مالياً من 75 مليون فرنك إفريقي لتشجيع السنغاليين الراغبين في العودة إلى موريتانيا.
ويمارس المئات من الصيادين التقليديين السنغاليين منذ زمن طويل مهنتهم، غير أنهم أصبحوا يواجهون مضايقات في موريتانيا بحجة أنهم لا يتوافرون على رخص نظامية للصيد.
وترتبط موريتانيا والسنغال باتفاق في مجال الصيد غير أن هذا الاتفاق انتهى أجله في يناير 2016 ولم يجدد لحد الآن نتيجة رفض الصيادين السنغاليين تفريغ مصايدهم على الرصيف الموريتاني لمراقبتها والتأكد من مطابقتها للنظام.
ومنحت حكومة نواكشوط ثلاثة عشر شهراً انقضت يوم 31 يناير / كانون الثاني الماضي، للصيادين الأجانب للانصياع لمقتضيات قانون الصيد الجديد. هذا ويضغط الصيادون التقليديون السنغاليون بقوة على حكومة داكار لحل مشكلة الترخيص لهم مع حكومة نواكشوط المتمسكة بأنظمتها المتعلقة بالصيد في مياهها الإقليمية والتي يعتبرها صيادو السنغال مجحفة لكونها تفرض عليهم تفريغ أسماكهم على الرصيف الموريتاني لفحصها قبل إعادة شحنها للأسواق السنغالية.
وكانت السلطات الموريتانية قد بدأت أواخر الشهر المنصرم تطبيق قانون الصيد الجديد الذي يمنع ممارسة الصيد التقليدي في المياه الموريتانية على غير الموريتانيين، وأدى البدء في تطبيق القانون لاعتقال 180 صيادا تقليديا سنغاليا كانوا يمارسون الصيد في السواحل الموريتانية بصورة غير شرعية.
وأطلقت السلطات الموريتانية سراح مجموعة منهم قبل أيام ورحلتهم للحدود الموريتانية السنغالية، لكنها صادرت قواربهم طبقا للقانون المعمول به في المجال. وأوضح محمد الأمين الشيخ الوزير الناطق باسم الحكومة الموريتانية في تصريح أخير له حول الأزمة بين موريتانيا والسنغال «أن موريتانيا منحت للصيادين الأجانب مهلة شهر للإنسجام مع القانون الجديد، وبعد انتهاء المهلة في الواحد والثلاثين من كانون الثاني/ يناير الماضي، بدأ تنفيذ مقتضيات القانون الجديد وعلى الصيادين السنغاليين وغيرهم الانسجام مع القانون».
ومنذ أن طورت موريتانيا آليات رقابة سواحلها، أصبح اصطياد البحارة السنغاليين في مياهها الإقليمية الغنية بالأسماك، أمراً مكشوفاً لا يمكن التستر عليه.
وأكدت السلطات الموريتانية مرات عدة أن على حكومة داكار أن تلزم صياديها باحترام أنظمة الصيد في مياهها الإقليمية. ولم تجدد الحكومة الموريتانية السنة الماضية رخصها للصيادين السنغاليين بسبب تطبيقها لسياسة جديدة للصيد تشتمل على إجراءات كثيرة.
ويقدر إنتاج الصياديين السنغاليين الذين يبحرون كل يوم، بآلاف الزوارق من شاطئ لانغ برباري السنغالي بما يزيد على 30 ألف طن من الأسماك كل عام.
ويشكل صيادو سنلوي الذين يسمون «غت اندر» بعددهم الكبير وباعتماد آلاف الأسر على مصايدهم، مجموعة ضغط سياسية واقتصادية كبيرة على حكومة داكار، كما أنهم يشكلون ورقة ضغط هامة بيد حكومة نواكشوط.
ـ «القدس العربي»