أعلن الرئيس الموريتاني في وقت سابق عن إجراء تعديل دستوري عن طريق استفتاء شعبي، لكن الحكومة أعلنت أن هذه التعديلات قد تمرر عن طريق المؤتمر البرلماني.
أعلن عن ذلك وزير الثقافة والمتحدث باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ، في 19 يناير المنصرم الذي أكّد حينها أن الحكومة قد تخلت استفتاء لتعديل الدستور، معلنا أن الأيام القليلة المقبلة ستجتمع فيها الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ في مؤتمر برلماني. والتفسير الرسمي لهذا التحول الكبير هو الحاجة إلى توفير الوقت وتوفير المال العام لتنظيم الانتخابات في وضع صعب تعاني فيه الميزانية العمومية.
وكان الحوار الشامل الذي عقد من 29 سبتمبر إلى 20 أكتوبر 2016 في نواكشوط بين الأغلبية والمعارضة المعتدلة أسفر عن اتفاق ينص على الاستفتاء، في المقام الأول لإلغاء الشيوخ وإقامة مجالس جهوية حقيقية وتغيير علم البلاد والنشيد الوطني. وهو المشروع الذي رفضته المعارضة الراديكالية في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وتكتل القوى الديمقراطية وحركة إيرا وهي الأطراف التي وعدت بمقاطعة نشطة للاستفتاء. فهل أن احتمال وقوع احتجاجات شعبية هو الذي أدى لإلغاء الاستفتاء؟ أو خطر انخفاض نسبة الاقبال أو حتى انتصار "لا"، نظرا لكثرة المبادرات مثل "لا تلمس دستور بلدي" أو "لا تلمس علم بلادي"؟
الاتحاد من أجل الجمهورية لديه 150 مقعدا في مجلسي البرلمان من أصل 203 وهو أكثر من أغلبية الثلثين المطلوبة للتعديل الدستوري. وحتى لا يبقى هناك شيء للصدفة، منحت الحكومة قطعا أرضية تتراوح مساحتها بين 400-500 متر مربع بالقرب من الحرم الجامعي شمال نواكشوط، مقابل مبلغ 300 ألف أوقية. لكن زعيم حزب التحالف الشعبي مسعود ولد بلخير يصر على تطبيق ما اتفق عليه خلال الحوار وهو إجراء استفتاء شعبي.
كما أن المؤتمر البرلماني وإن كان يتسق مع الدستور إلا أن يطرح الشرعية بسبب انتهاء صلاحية مجلس الشيوخ حيث مرّ 11 عاما دون أي تجديد، وهو ما استدعي من المجلس الدستوري في 11 فبراير 2016، مطالبة الحكومة بتجديد المجلس ككل وليس عن طريق التجديد الجزئي.
لكنّ هذا الوضع المعقد يشوه صورة السلطة. فقد أعلن الرئيس يوم 3 مايو من العام المنصرم في خطابه بمدينة النعمة عن تنظيم استفتاء شعبي وهو ما تم التراجع عنه كما أن مخرجات "الحوار الشامل" لم يتم احترامها أيضا. ومبرر الوضع الاقتصادي الصعب يجبر السلطة على الاعتراف بأن موريتانيا ليست في أفضل حالاته وهي التي هللت منذ عدة أشهر بأن الأزمة قد انتهت.
ترجمة الصحراء
لمتابعة الأصل اضغط هنا