مواضيع هامة في عدد اكتوبر من الدرب العربي لسان البعث في موريتانيا

جمعة, 10/07/2016 - 17:43

الحوار السياسي .. قفزة إلى الفراغ ᴉᴉ

عجيب أمر الحوار السياسي في موريتانيا .. ففي كل مرة يجري استنفار القوى السياسية الجدية و " الاصطناعية " لهذا اليوم الذي يتطلع إليه جميع الموريتانيين بلهفة ، فإنه ما إن يقترب اليوم المجموع له الناس ، حتى يتسرب حلم الحوار الجدي و ينقلب الأمل إلى ألم الفرقة و التجاذب لدرجة أشد حدة و أقل مسؤولية ؛فيضيع الشعب في تيه التصريحات و التصريحات المضادة ؛ فلا يهتدي المواطن إلى الحقيقة لكثرة ما يتردد على مسامعه من وجهات نظر متضاربة .إن شعبا – كالشعب الموريتاني الذي يطحنه الجوع و الجهل و الأزمات الاجتماعية و القحط الثقافي و الإفلاس الأخلاقي بنخبته ،- لهو أحق الشعوب بالشفقة و الرحمة . فالشعوب الأخرى – وخصوصا من الوطن العربي تعاني ويلات أكثر إيلاما في نتائجها المادية و البشرية ، ولكنها تحتفظ دائما بالأمل في توقف كوارثها ، لأن قسما من نخبها يظل يحتفظ بروح الوطنية و يتعالى على مسلكية الارتزاق بنخبيته ، بينما الشعب الموريتاني اليوم يقاسي أعلى درجات المعاناة في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الأمنية و التعليمية ، وليس له أمل في نخبة تقوده إلى بر الأمان ، على أي نحو كان . فالنخبة منقسمة على نفسها : إما نخبة جاثمة على السلطة راتعة كالبهائم في منافعها ، وإما نخبة تعمل جاهدة لانتزاع السلطة كليا من أيدي المتمسكين بها ، وإما نخبة تعمل بحكم ميزان القوة لتحصل على نصيب من الكعكة .و في أتون هذا الصراع يضيع أمل الشعب في نخبة لا تكترث بمشاكله و شقائه .و هذا هو ديدن القوى السياسية المتصارعة على السلطة دائما .غير أنما يميز هذا " الحوار" المنعقد الآن هو "بخل " القائمين عليه . و البخل المقصود هنا هو البخل السياسي .ففي المرات السابقة ، كان ثمة درجة من التعبئة السياسية و الإعلامية حول الحوار ، و كان القائمون عليه يعملون على إشراك أكثر من عنوان فيه ، بينما في هذا الحوار يحصل العكس .فالملاحظ يستنتج أن ثمة توجها نحو المحاصصة في السلطة .و إذا صح أن المحاصصة هي ما تتوجه إليه نتائج هذا "الحوار " ، فإن ذلك يؤشر على دنو انفجار سياسي و اجتماعي ، قد يتحكم أصحاب السلطة اليوم بفتح البوابة إليه ، ولكن لن يستطيعوا إغلاقها، أبدا. وما يخشاه البعثيون المقصيون من المشهد السياسي منذ أكثر من عقدين هو أن يستبد اليأس بأصحاب القرار في استدراج القوى المضادة لحوار عديم المعنى متداعي المبنى ؛ فيعوضون عن ذلك بقرارات ناتجة عن الحوار الجاري بين أطراف ما يوحدها على الطاولة و تحت الطاولة أكثر مما يفرقها ، مستصحبين معهم جرعة من الضعف قادرة على القضاء على الحوار و النظام السياسي نفسه و على البلاد برمتها . فتكرار النماذج الفاشلة من قبل ليس من الحكمة ، وفرض أجندتها لن يكون بمقدوره الصمود طويلا . إن آخر ما يشتهي الموريتانيون تذوقه هو الديكتاتورية و طعمها المرير ، لفرط ما عانوا منها على مدى أربعين عاما .ف ( لقد كان ولد الطايع شخصا بسيطا و عاديا و كان ولد داداه رجلا منزو و متواضع كما كان ولد هيدالة بدويا يهرب من المدينة و السلطة ولكن الجشع التهمهم .فكان الثلاثة وحوشا في نهاية أنظمتهم : معاندين ، غير مكترثين ، صم عن النصائح ، عصيين على أي شكل من أشكال التشاور ، واثقين من عصمتهم ، و راغبين في الخلود في السلطة . وكان الثلاثة مهوسين بالتصفيق و المديح )، فكانت عاقبتهم ما يعرفه جميع الناس ᴉᴉ

 

من للمفصولين من سلطة النقل البري ؟

إقدام السلطات على فصل مائتين من الشباب الموريتانيين من سلطة النقل البري ينطوي على خطر كبير على أكثر من مائتي أسرة موريتانية ، بات أطفالها يواجهون الجوع و المرض دون معيل . و من الغريب – مع أن الأمر عادة مستحكمة في جميع الأنظمة – أنه كلما جرى إنشاء مؤسسة عمومية ، فإن الإدارات التي تتعاقب عليها تبادر إلى حشوها بالعمال و المستخدمين غير الضروريين ، الذين لا يؤدون أي خدمة ، في إطار الفساد المستشري في البلاد ، عبر الوساطات و الزبونية و الرشوة ، وغير ذلك من الممارسات الشائنة المنافية للأمانة في الوظيفة . وبعد مدة تجد هذه المؤسسات نفسها في وضعية إفلاس جراء هذه الأعباء الأجرية غير ضرورية ، وجراء اختلاس أموالها ، وهذا أيضا شريعة المتحكمين في البلاد ، منذ انقلاب 1978 ، و إطاحة نظام المرحوم المختار ولد داداه  .فالواجب الوطني و الإنصاف يقتضي الاعتراف أن نظام ولد داداه كان من أنظف الأنظمة في حينه ، بينما عاثت أنظمة العسكر فسادا في أموال الدولة و حولتها إلى أملاك شخصية لكبار الضباط ، وإلى فئة قليلة من النخبة التي تحالفت معها ؛ فحولت الاختلاس إلى منظومة قيمية مفروضة على المجتمع ، حتى بات الجميع يقر بها و يحسبها واقعا لا مفر منه .فيا ترى ، ما مصير هذه المئات من الشباب الموريتانيين الذين يفصلون من العمل قصرا و يدفعون إلى ساحة البطالة التي تعج بعشرات الآلاف من هذا الشباب ، من حملة الشهادات العليا و المتوسطة ، ومن غير المتعلمين .فهل حسبت السلطات خطر هذا الفصل بحساب العقل ᴉ؟.. وهل وضعت في حسبانها أن هذا الشباب هو الوقود الذي تشعله مجاميع الإرهاب الدولية و مافيات المخدرات و الاتجار بالأسلحة و تهريب البشر .... وسواه من أنواع شبكات الجريمة المنظمة ؟

و هل يعقل أن يلقى هذا الشباب في أتون البؤس و الشقاء ، فيما ثلة قليلة من رموز السلطة و المتنفذين يتمتعون ، عبر الأنظمة المتعاقبة ، بمقدرات البلاد و احتكارها في مصالحهم . إن الدفع بالمئات من الشباب إلى البطالة من جديد يتنافى مع ما هو معلن من سعي الحكومة لمواجهة التطرف و الإرهاب ؛ إذ لا يعقل أن يبقى شاب أمام أبنائه يتضورن جوعا ، بينما تراوده شبكات الجريمة للانخراط فيها و تغريه بالمال العميم ، و أحيانا بالمال و بالجنة ، معا. و في سياسة الفصل من الوظيفة في هذه الظروف القاسية ، خطر شديد على أمن البلاد و تماسكها الاجتماعي ، ونقائها الأخلاقي و القيمي . ومن الواجب الضاغط على ولاة الأمر في البلاد أن يراجعوا سياسات الفصل التعسفي للعمال ، مثلما أنه من الخطر ترك الشرفاء من الضباط و أصحاب الرتب العسكرية العالية من الجيش الوطني ، الذين تقاعدوا يواجهون الجوع و البطالة و المرض ، بينما يمتلكون خبرة لا تقدر بثمن في الفنون العسكرية و التخطيط الإستراتيجي . فكما أنه من الغباء ترك الشباب في واقع بائس ، كذلك الحال بالنسبة لأصحاب الرتب العسكرية ، من المتقاعدين ؛ لأن شبكات الإرهاب و الإسلام السياسي العنيف تنشط جيدا في هذه البيئات المظلومة . فهل تصل النذر إلى من يتحكم في الأمر ؟ᴉ

 

أرأيتم أن إيران خطر ؟ᴉ

منذ قدوم وزير خارجية إيران 2008 ، وحزبنا و رفاقنا يحذرون من الخطر الإيراني على السلم الوطني و التعايش الاجتماعي . فهذه الدولة الثيوقراطية ، بقيادة مجمع الدجالين من المذهب الإيراني الصفوي المنحرف ، تعمل بكل جهدها لتصدير رؤيتها المشوهة في الإسلام إلى أرجاء العالم الإسلامي ، وبخاصة إلى الأقطار العربية .و لقد تداعى المسلمون عندما نجحت الشعوب الإيرانية في الثورة على الشاه إلى نصرة هذه الثورة و اعتبروها إضافة نوعية للمسلمين و جهدا مزيدا على الجهد العام لهم في مواجهة الكيان الصهيوني و الولايات المتحدة الأمريكية التي تحمي هذا الكيان منذ نشأته ولحد الآن . غير أن الخميني الذي رفع شعار تحرير القدس قد قرنه " بتحرير العراق "من حكم البعث و إسقاط الرئيس صدام حسين .فكان احتلال بغداد شرطا لازما للخميني و أتباعه لتحرير القدس . وهكذا ظل ذلك الدجال يصر على حربه الخاسرة لمدة ثمان سنوات في سعي لمشروعه المشؤوم ذلك ، حتى توقف بغله في الوحل ، وتجرع كأس الهزيمة الماحقة ، الذي وصفه بأنه السم الزعاف . وبعد الغزو الأمريكي للعراق و احتلاله ، تبين أن إيران و الكيان الصهيوني كانا الضلعين الأساسيين في مثلث الشر مع الولايات المتحدة الأمريكية في جريمة احتلال العراق .و هاهو العراق قد احتل و هاهو صدام قد استشهد على أيدي عملاء إيران و أمريكا منذ أكثر من ثلاث عشر سنة ولم تتحرر القدس كما كان الخميني يزعم .و اليوم ، تريد إيران مواصلة مشروعها التحطيمي لكافة الأقطار العربية عبر نشر الدجل الغنوصي الملفوف بما يسمى بالتشيع لآل البيت المبجلين .و هو دجل تشرف عليه المخابرات الإيرانية ، فتعمل على اكتتاب عملاء لها من مختلف فئات المجتمع العربي :من بينهم نواب في البرلمان و كتاب و صحفيون و رجال أعمال و طلاب و شيوخ ، فضلا عن سيل من الدس و التلفيق في المذاهب الإسلامية حتى تلتبس الحقيقة على أفراد العامة و يتسرب الشك في الإسلام إلى نفوسهم . و البيئة التي تنشط فيها المخابرات الإيرانية ، شأنها شأن المخابرات الصهيونية ،هي أوساط الفقراء و المهمشين و الفئات الأقل حظا في التعليم عموما ، و التعليم الشرعي خصوصا .وكما كنا دائما نؤكد ، فإن إيران أشد خطرا على الإسلام و المسلمين من الكيان الصهيوني .فالإسرائيلي لا يستطيع أن يخدع المسلم في دينه ، ولا إمكانية في تصديق ما يقوله الصهاينة عن الإسلام ؛ لأن المسلم يتميز في عقيدته عن عقيدة الصهيوني . أما الإيراني الصفوي فهو يزعم الانتماء للإسلام ، وفي ذات الوقت يعمل على تمزيق نسيجه من داخله .فاليهودي إزاء الإسلام كحشرة دابة الأرض التي تهاجم الخشب من خارجه ، بينما ولي الفقيه الإيراني كالسوسة تنخر الخشب من داخله . ولقد بات الخطر الإيراني يتعاظم على  بلادنا ما لم ينتبه النظام الحاكم إلى ذلك و يسارع إلى قطع جميع الروابط الدبلوماسية و الثقافية مع إيران في ظل حكم فقهاء التشيع الإيراني ، وما لم يوقف الاعتراف السياسي بسلطة عملائه في العراق ، الذين نتجوا عن احتلال أمريكي غاشم لهذا البلد المحوري في العروبة و الإسلام و الأمم المتحدة .إننا لسنا ضد الشعوب الإيرانية ، ولكننا ضد سلوك و ممارسات و سياسات إيران التوسعية التخريبية التي تتبناها منهجا ثابتا ضد أمتنا ، والتي تمزقها اجتماعيا و عقديا عبر خلاياها النائمة و اليقظة في كل قطر من أقطارها ، تحت عنوان نشر التشيع .فإن قطع النظام علاقاته مع هذه الدولة المجرمة اليوم قبل غد أمكن تلافي الخطر ، وإلا توقعوا أنهرا و شلالات من الدم قريبا في موريتانيا ، ظاهرها الصراع بين السنة و الشيعة ، وحقيقتها بين الوطنيين و ميليشيات إيران التي تعمل على إعدادها لهذا الهدف اللعين ، كما هو الحال في لبنان و العراق و سوريا و اليمن و البحرين و السعودية .... و الحبل على الجرار .فطواغيت ولاية الفقيه قوم لا يسعد بهم جليسهم ، لأنهم نهر جاري من الفتن ، وتسكنهم روح كل إبليس .

 

قانون مقاضاة الدول على أفعال رعاياها .. تجريد لسيادة الدول ᴉᴉ

إجماع الكونغرس الأمريكي ، بغرفتيه ، على مقاضاة الدول على أفعال رعاياها تعد تطورا طبيعيا على سلم الترقي الأمريكي و تطوير أساليب أمريكا في نهب الشعوب و ابتزاز حكامها . فالولايات المتحدة الأمريكية كانت تنتهج سياسة الاحتلال العسكري المباشر للدول و فرض عملاء لها عليها بغرض الوصول إلى ثرواتها لنهبها و تحويلها إلى أمريكا . فكانت تنهب هذه الدول على أكثر من مستوى . فالإدارات الأمريكية تنهب الثروات الطبيعية للدول ، والأمريكيون كأفراد ينهبون المؤسسات المالية لها ، مثلما يستولون على ممتلكات هذه الشعوب فيحولونها إلى أملاكهم الشخصية : هذا هو واقع الحال في كل مكان ابتلي بحجم من الثروات الطبيعية يمثل مصلحة إستراتيجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة عبر التاريخ . فالحروب الأمريكية كلها نشبت لأسباب نهب الشعوب و تحويل مقدراتها إلى الاقتصاد الأمريكي . ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتعمل على تعديل هذا النهج العدواني ، بوصفها أكبر تجمع للصوصية في تاريخ البشرية لولا الحرب التي خاضتها إدارة بوش الحقير لاحتلال العراق و نهب ثرواته الطبيعية الهائلة ، في سبيل إنقاذ الاقتصاد الأمريكي من انهيار مرعب كان يتهدد النظام الرأس مالي عموما ، و الرأس مالية الأمريكية على نحو أخص .غير أن الخسائر التي منيت بها أمريكا باحتلال العراق ، وما أنجر عنها من انهيار أعظم على الاقتصاد الأمريكي و على المؤسسة الحربية الأمريكية قد دفع صناع القرار و المؤسسات البحثية في أمريكا إلى استخلاص أن أمريكا لم يعد بمقدورها ، بعد غزو العراق و مقاومته غير المسبوقة في التاريخ ، أن تواصل هذا النهج العدواني المباشر لاحتلال الشعوب لنهب مقدراتها و ثرواتها . وبما أن الاقتصاد الأمريكي قد صمم في الأصل على مسلمة غزو الشعوب و الاستيلاء على ثرواتها لتصحيح الإختلالات و االعجوزات في هذا الاقتصاد ، وبما أن هذا الغزو لم يعد مفيدا لأمريكا ولا ممكنا لها بعد استنزافها في العراق ، فإنه من الملح تطوير آلية أخرى تجنب أمريكا خوض الحروب المكلفة لها اقتصاديا و بشريا ، وفي ذات الوقت تفي بغرض النهب ، الذي هو القاعدة الثابتة في الاستراتجيات الاقتصادية للإدارات  الأمريكية فكان هذا القانون ، قانون مقاضاة الدول على أفعال رعاياها ، الذي يمكن للإدارات الأمريكية من سرقة ودائع الدول التي تضع أموالها في البنوك الأمريكية .ومن هنا ، فإن محاكمة الدول على أفعال و تصرفات أفراد من رعاياها هو أعلى درجات الابتزاز السياسي و الاقتصادي و الأمني . فأمريكا تعرف انه ليس بقدور أي دولة أن تتحكم في سلوكيات و تصرفات جميع أفرادها، بما في ذلك أمريكا نفسها ، ولكنها تريد وضع هذا القانون لارتهان تلك الدول سياسيا و اقتصاديا و أمنيا و إخضاعها لمشيئة أمريكا .فإذا قاومت دولة من الدول نتائج هذا القانون ، فإن الإدارات الأمريكية تشرع لنفسها مسبقا سرقة ودائعها و أصولها المالية بذريعة أن أفرادا من تلك الدول ارتكبوا تصرفا ينافي القانون الأمريكي . و إذا ما نظرنا إلى السياق التاريخي لسن هذا القانون ،" قانون الغاب" فإن وجهته الحالية هي الدول العربية الخليجية ، وخصوصا السعودية ، التي تطوقها أمريكا الآن بأحزمة من المؤامرات ، تستهدف أمنها و استقرارها و وحدتها الوطنية و سلمها الأهلية ، وقبل ذلك سيادتها على ودائعها .مثلما أن القانون هو سيف ديموقليدس يبقى مسلطا على أي نظام يريد الحد الأدنى من السيادة إزاء إرادة الأمريكيين و مصالحهم ، ليبقى خرقة بالية و ديكورا في بلده ، ليس إلا ، حتى أمام أفراد الشعب الأمريكي الذين يستطيعون مقاضاة الدول و الأنظمة للاستيلاء على أموالها بقوة قانون الكاوبوي الأمريكي ، وشريعة الغاب التي تفرضها أمريكا على العالم .

 

داعش في نواكشوط ᴉᴉ

بحسب تقارير أمنية ، فإن أجهزة الأمن الوطنية قد تمكنت من تفكيك خلية مرتبطة بتنظيم الدولة (داعش) في نواكشوط. ومع أن هذا الخبر لم يتسن لنا التأكد منه ، إلا أن إحدى القنوات التلفزية قد أوردته .و بغض النظر عن مدى صحة هذا الخبر أو عدم صحته ، فإن مما لا شك فيه أن موريتانيا تبقى مرشحة أكثر من غيرها لخطر مثل هذه التنظيمات ، لأكثر من سبب :

السبب الأول أن شعبها يدين بالإسلام كليا ، في ما هو معلن ، و إن كانت بعض التقارير تتحدث عن تحول بعض الموريتانيين إلى النصرانية . إلا أن ذلك لم تؤكده جهات رسمية موثوقة .

و الشعب الموريتاني شعب بدوي مازال متمتعا ببساطة البداوة و متمسكا بقيم العرب في إيوائهم ابن السبيل و المبالغة في ضيافة النزيل و إغاثة الملهوف .... وكلها قيم إنسانية جميلة ، بوسع مجاميع الجريمة المنظمة المحترفة أن تستغل هذه الطيبة إلى أكثر مدى .

و الشعب الموريتاني شعب فقير و تتفشى فيه المجاعة و المرض و البطالة ، خصوصا داخل البلاد ؛ وهو ما يمكن أن تستفيد منه هذه المجاميع ، التي تسبح في برك نقدية هائلة .

و الشعب الموريتاني ، تنتشر فيه الأمية و الجهل على نطاق واسع ، سواء في ذلك الأمية الأبجدية و الحضارية أو الجهل بالدين ، و بخاصة الأغلبية الساحقة من المواطنين الذين يدينون بالإسلام جريا على العادة ، وليس على أساس معرفة كافية بالعقيدة الإسلامية و أحكام الشرع ؛ لان علماء البلاد منغمسون بأكثرية كبيرة في السياسة ، مابين الأنظمة الحاكمة و حركات الإسلام السياسي المناوئة للأنظمة .

و الشعب الموريتاني يفتقر إلى نخبة وطنية متنورة و ملتزمة بترقية المجتمع بتحصينه بالتعليم الحداثي و العقلاني . فنخبة البلاد غارقة في شؤونها الخاصة ، التي غالبا ما تكون ذات ارتباط لصيق بالأنظمة الحاكمة ، فتضطر إلى عبادة الحاكم و تزويق تصرفاته و تجميل نزواته ، لقاء حصولها على بعض فتات السلطة و منافعها .

وأخيرا ، وليس آخرا ، الشعب الموريتاني يعاني من تفشي غير محدود لظاهرة الرشوة و انعدام المسؤولية في تأدية وظائف الدولة و غياب روح الوطنية لدى غالبية من تختارهم الأنظمة للوظائف الحساسة في الدولة ؛ إذ ما يهم الحكام دائما هو ضمان الولاء لهم ، بصرف النظر عن الكفاءة و الأمانة و الالتزام بتأدية شؤون الدولة على نحو مسؤول .

و إذا نظرنا إلى هذه الأسباب ، ولغيرها كثير ، فإنه لا يبقى إلا البعد الأمني وحده في ساحة مفتوحة مع إرهاب دولي محترف ، ويتلقى دعما سحريا من جهات دولية على أكثر من صعيد .و حتى البعد الأمني يعاني هو الآخر من ذات الهشاشة .فكثير ممن ينتسبون للمنظومة الأمنية ، خصوصا من الشباب ، إنما تضطرهم الحاجة لذلك ؛ لأن (المخابرات ) هي التي بقيت منفذا وحيدا أمام الشباب لمواجهة واقع البؤس و البطالة و التهميش و الإقصاء من خدمات الدولة و منافعها و ثرواتها .و عندما تغيب القناعة بالمسؤولية ، فإن المردود الأمني يبقى دون المستوى المطلوب للتصدي لعصابات الجريمة المنظمة .

الأمن في دار النعيم .. من المسؤول

تعيش ساكنة القطاع 16 من مقاطعة دار النعيم حالة من الهلع عقب عمليات السطو الليلية المنتشرة هذه الأيام في القطاع ، حيث سجلت عدة حالات خلال الأسابيع الماضية و في أطراف متعددة من القطاع كان ضحيتها أسر بريئة تخلد إلى النوم و الراحة بعد يوم شاق من العمل المضني في ظروف حياتية قاسية .فقد تعرض هؤلاء لعمليات تلصص يكون في الغالب أصحابها مسلحين ، فيسلبون الضحية كلما تقع عليه أعينهم تحت تهديد السلاح ، الذي يكون صاحبه مستعد لاستعماله تحت أي ظرف. فالمواطنون من ساكنة القطاع يبدون استغرابا و دهشة من تكرار و انتشار الظاهرة رغم وجود دوريات الدرك الوطني ، متسائلين عن دورها إذا لم يكن تأمين المواطن و ممتلكاته . و هذه الظاهرة تتطور بوتيرة متسارعة لتصبح جريمة منظمة حيث يسير هؤلاء اللصوص في شكل مجاميع قادرة على إرهاب السكان و ترويعهم على مرأى و مسمع من السلطات الأمنية التي تكون في الغالب عاجزة عن ردع هؤلاء ، وإن حدث ذلك يكون على استحياء و مجرد "طبيب بعد الموت" حيث يكون اللصوص قد فعلوا فعلتهم ، وغالبا ما تكون قتل مواطن بريء ، طعنا بسكين أو بأي آلة حادة أخرى .ولهذا يتساءل المواطن المكلوم عن الأسباب الكامنة و راء تسارع هذه الظاهرة ، و إن كان بعضهم يرجع ذلك إلى الظروف المعيشية و ضعف الوازع الديني لدى أغلب المنحرفين و إلى انتشار المواد المخدرة و المهلوسة بين مئات من الشباب خاصة المتشردين منهم نتيجة التفكك الأسري و غياب دور الرعاية و التأهيل .

إننا نرى من واجب السلطات القيام بمجموعة من الإجراءات التي تساعد في إعادة هؤلاء المنحرفين إلى جادة الطريق ، ومن أهم هذه الإجراءات ، كما نراها :

ضرورة تحويل السجون خاصة سجون القصر إلى مؤسسات تأهيلية تأهل الأطفال نفسيا و مهنيا للعيش في المجتمع كأناس أسوياء .

ضرورة الإسراع بشكل جاد في خلق مؤسسات مهنية لاستقطاب المتسربين من المدارس النظامية .

استحداث  وتفعيل هيئات لدعم الفئات الأكثر فقرا في المجتمع .

تفعيل دور الحالة المدنية واستخدامها في تعقب المجرمين عن طريق تسجيل عتاة المجرمين ببصماتهم ، و تزويد عناصر الأمن بكل هذه المعلومات  .

 

قيمنا و ملابس الشباب ᴉ

يتهاون الكثير من الشباب اليوم في الحذر من خدش الحياء العام للمجتمع .ذلك أنهم يكادون ينتزعون عنهم لباس التقوى ، بانتزاع السراويل إلى الأسفل بانكشاف المستور مما لا ينبغي فضحه من العورات .و كلما ذهب احدهم لاقتناء بعض حاجاته من الملابس، إذا به يحرص على أن تكون ملابسه كاشفة لسوآته وما من شك في أن ذلك منهي عنه شرعا ، و منبوذ بالتالي أخلاقيا ، و يهوي بصاحبه إلى دائرة العزلة ، ثم الانحراف لاحقا . و الأمر لا يقتصر على السربال فقط .فكثيرا ما تجد القميص ضيقا حرجا فلا يقبل التواصل مع السربال فكلاهما يزداد تباعدا عن الآخر حسب ارتفاع و قوة نشوة الفرح عند المرتدي .

وإذا شاء القدر إن امتعضت من المظهر الغريب المريب و ناديت أحدهم ابني أخي أنتبه ᴉ فلعلك ستبقى عاريا من ملابسك بعد لحظات ، وكان بالمنادى ذرة من أخلاق فتمتد يداه على استحياء إلى القميص فقط لإضافة مقاس إليه لا يمتلكه أصلا فيحاول تمديده إلى الأسفل .أما السروال المسكين فيبقى في مكانه المتردي حتى يقع طريحا ᴉ أما إذا كان المنادى من الذين أستحوذ عليهم الشيطان و استبد بهم النزق فالأمر يختلف ، فربما ينهال عليك بسيء الألفاظ.

كلما سلف ذكره من تصرفات يعتبر خروجا صريحا  على قيم مجتمعنا النبيلة ، فأين لنا بهذه التصرفات ، وما هو الواجب إزاءها ؟.نفس التهاون الذي يخامر الشباب فيبدوا جليا في الملابس هو نفسه الذي يسيطر على عقول الأبوين ، فكلاهما يتمتع بمشاهدة نفس المسلسلات المدبلجة و الاهتمام بالجديد فيها بين الابن و الأبوين ، فيزيل مع الوقت حاجز الاحترام و قدسية الأبوية ، لتبقى لاحقا قوة التأثير و التوجيه مفقودة ، فتعود العلاقة بينهما علاقة صداقة لا أكثر ، فلا الأب قادر على توجيه الابن نحو ما ينفعه ، ولا الأم تهتم بغير توفير رغباتها من الهواتف الذكية و الغبية و المأكولات الجاهزة .ناهيك عن افتقارنا إلى إنتاج ترفيهي وطني فيا أبعاد خلقية و مضامين دينية تنشئ الأجيال الوطنية .

لقد بات من واجبنا الملح أن نمسك بزمام الأمور، ونعيد للسفينة توازنها بعدما تقاذفتها أمواج الضياع .فلا يجوز أن نترك الأبناء يلبسون كيف يشاءون ، ولا ينبغي أن نتركهم على حالهم يسقطون في العزلة عن قيم المجتمع .

 

النهضة لا تكون إلا بالقراءةᴉ

إن الأمم تنهض إذا ما تداعت ـ إن لم أقل سقطت ـ حينما يجيب أهل العقد والحل فيها على السؤال " لماذا؟"

فهذه دولة الإسلام تبنى على إجابة الله عز وجل للسائلين في قوله تعالى << وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون >>، وفي دار الكفر أفضى بحث الإنسانيين عن كنه الإنسان إلى نهضة أوروبا حين فهموا الإجابة عن هذا السؤال الآنف الذكر، وحاول المصلحون العرب بناء نهضة حين تقدم أحدهم بالسؤال "لماذا تقدم الآخرون وتخلفنا نحن؟"، ولعله السؤال الذي لم تقدم له إجابة شافية حتى الآن، تنقلنا كأمة عربية وإسلامية من واقع التخلف والرجعية الذي نعيشه.

إن السؤال "لماذا" هو سؤال فلسفي يحمل في طياته إصرار وإرادة صاحبه لمعرفة الإجابة، والتي ليست الهدف في حد ذاتها بقدر ما هي إعمال للفكر وتشغيل للعقل سبيلا لمعرفة العوائق لتجاوزها، وإنتاج الأدوات التي يتم بها بناء الحضارة.

إننا حين نفكر قليلا في حال أمتنا العربية، ومقارنتها ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا بالأمم الأخرى وخاصة الغربية، نجد المفارقة التي لا تخفى على عاقل، وهي أن الغرب بنى حضارته على أساس متين، وهذا الأساس عندنا في الأمة العربية ـ وإن تراجع ـ إلا أن عقولنا القاصرة عن فهمه، وأيادي البطش الغربية في السر والعلانية تشغلنا عن العودة إلى هذا الأساس والاستفادة منه، كما تقتل فينا كل مسعى نسعاه نحوه، ألا وهو العلم الذي يتأتى من القراءة والمطالعة، ومثال ذلك التجربة البعثية الرائدة أيام حكم الشهيد صدام حسين في العراق، وكيف أن الآلة الأمريكية والصفوية والصهيونية قتلت فينا إرادة بناء العقل العربي، بملاحقتها وتصفيتها لمئات العلماء العراقيين الذين هم ثمرة المجهود البعثي، كما الهدف الحقيقي وراء عملية الغزو دون أن يدرك القصر الحاكمون للأقطار العربية هذه الحقيقة.

بالقراءة والمطالعة إذا لا بكراسي الفصول الدراسية فحسب يتم بناء العقل البشري، وتحصينه ضد الثقافات السلبية وتجييشه خدمة للأمة والإنسانية جمعاء، ونحن كمسلمين أولى بإدراك هذه الحقيقة فقد كان أول أمر رباني أمر به النبي العربي الكريم ومن خلاله الأمة هو القراءة في قوله تعالى <<اقرأ باسم ربك ...>>، وكان عليه الصلاة والسلام يشجع أصحابه على تعلم لغات وثقافات الآخرين، ومع أننا الأولى بإدراك ذلك، فقد أخذتنا دروب الحياة عنه وانشغلنا بالتقليد الأعمى للغير والأخذ بمظاهر حضارته الزائفة، فيما أدركه الآخرون مثل اليابانيين الذين تأصلت فيهم عادة القراءة مما جعل من دولتهم أحد أهم مصادر الإنتاج الأدبي والفني والعلمي وحتى الصناعي في العالم، وهو حال الحضارة الغربية التي تشير بعض الدراسات إلى معدل قراءة فيها للكتب يضاعف عشرات المرات معدل القراءة العربية خلال السنة.

بيت القصيد أن الإجابة على سؤال القرن 18م "لماذا تقدم الآخرون في حين تخلفنا نحن؟" هي أن الآخرين قرأوا ونحن انشغلنا بالسمعيات والبصريات أو بمعنى آخر الملهيات عن قراءة السطر الواحد، وما يجدر بنا كنخبة تقدمية صادقة ومؤمنة بالقدرة العربية على التغيير، نشر ثقافة المطالعة وروح البحث لدى المواطنين، والضغط بكل وسيلة متاحة على أصحاب القرار سبيلا لتشجيع البحث العلمي بتجهيز المكتبات وبناء دور النشر مما يعزز حركة التأليف الوطنية.