تشرق الشمس على طفل يتلو كتاب الله... لتغرب على شيخ يصلي على رسول الله... وبين الشروق والغروب يسطر التاريخ قصة حاضرة أبت إلا أن تفرض نفسها رقما صعبا في معادلة البحث عن كنه الحقيقة... وسط عتمة الظلام الدامس...
بحساب الجغرافيا المتعارف عليها تقع الحاضرة عند الضاحية الشمالية لمدينة نواكشوط أما بحساب الجغرافيا العقدية فالحاضرة تحتل موقع الروح في أجساد الساكنة.
يرسل الليل سدوله فيعم الهدوء أرجاء الحاضرة إلا من تكبيرة في جوف الليل، أو تلاوة تخشع القلوب لسماعها، وبين التكبيرة والتلاوة تتمايل الأغصان وكأنها تساير المستغفرين بالأسحار...
يطلق المؤذن النداء وعلى وقع رهبته في قلوب الساكنة يعم الصمت الأنحاء، لتتحرك الشفاه بالذكر والصلاة على الحبيب ويحث المؤمنون الخطى صوب المسجد في مشهد روحاني يعيد تمثيل الصورة التي أبقتها كتب سير الصحابة في مخيلة القراء...
وعند بوابة مسجد الشيخ الرضى يضرب المؤمنون موعدهم الإيماني المعتاد..
ينطلق صوت جهوري يرتل السبع المثاني مبتعدا بالمصلين عن هموم الدنيا الفانية .. فتهيم القلوب في عالم الخلود والسعادة...
تحدودب الظهور تواضعا لبارئها، وتحنوا الجباه خوفا وطمعا في خالقها، فتشع أنوار الإيمان من وجوه المصلين مرسلة إشعاعها إلى قرص الشمس...
تتحرك وفود المصلين فرادى وجماعات... لتتفرق الأجساد عند المساكن... وتبقى القلوب مجتمعة على حب النبي عليه أفضل الصلاة والسلام...
داخل الدور... تشرع النساء في إعداد فطور يستعين به الأطفال على مواصلة يومهم المشحون بدروس العلوم الشرعية...
من البيت المتاخم للمسجد حيث يقيم الشيخ الرضى سليل خير خلق الله يفوح عطر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فتسكن النفوس إيمانا وتهنأ سكينة ، وتقطع القلوب مسافات من دنيا فانية إلى جنة قطوفها دانية...
وداخل البيت وبالتحديد حيث يجلس الشيخ الرضى... يقيم التواضع ورفعته... تهذيب النفس وهضمها... الزهد وغناه... الكرم وعزته...
تتوسط الشمس كبد السماء، فينزوي كل في ركن ينشد قرب الله بنافلة الضحى....
على وقع أذان الظهر تنتهي حلقة الذكر... ومن الذكر إلى الذكر... يتوضأ المريدون تمهيدا للخروج نحو المسجد لأداء الفريضة... لينتهي الصباح كما بدأ بالصلاة..
بادو ولد محمد فال امصبوع