ثلاث تجارب شعرية في أمسية جديدة ببيت الشعر في نواكشوط

جمعة, 08/05/2016 - 10:42

قدم ثلاثة شعراء موريتانيين تجاربهم الشعرية عبر أمسية جديدة ببيت الشعر في نواكشوط، وذلك وسط حضور نخبة كبيرة من رجال الثقافة والأدب وجمهور من محبي الشعر.

وبدأت الأمسية بإعلان الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر في نواكشوط عن دورة تدريبية للشعراء الموريتانيين حول فن إلقاء الشعر، مطالبا الشعراء الموريتانيين بالتقدم لتسجيل أسمائهم للمشاركة في هذه الدورة التي ستجري بحضور ومشاركة نخبة من كبار الشعراء وأساتذة الأدب.

وقال ولد السيد إن الشعراء الموريتانيين معروفون بتمكنهم من اللغة ومن الوزن (العروض) وقوة الشاعرية، لكن يلاحظ أن الإلقاء والأداء ما زالا بحاجة لكثير من الدربة والمران، حتى في أمور "المعرفة الصوتية" المطلوبة لإعطاء الكلمة حقها الإيقاعي.

ونبه إلى أن الدورة، التي هي حقيقة ملتقى في فن إلقاء الشعر، وموسيقى الشعر، وطرق الأداء المختلفة، المتعلقة بمدارس الإلقاء، هي ثمرة من ثمرات بيت الشعر بنواكشوط، والذي هو ضمن منظومة ثقافية كبيرة تمثلت في بيوت الشعر التي سعت الشارقة من خلال فتحها في المدن العربية، إلى خدمة الضاد والأصالة العربية وتشجيع الشعراء العرب على الإبداع والعناية بديوان العرب من خلال هذه البيوت التي تؤمن التواصل بين المبدعين والمثقفين والجمهور.

هذا، ومن جانبه، أكد الشاعر محمد المحبوبي، المشرف الثقافي ببيت الشعر بنواكشوط، أن البيت يتشرف باستضافة هذا الجمهور النوعي، والذي من بينه شخصيات بارزة في المشهد الثقافي والأدبي في موريتانيا، مضيفا أن هذا الجمهور النوعي سيستمع إلى تجارب ثلاثة شعراء معروفين في الساحة المحلية والعربية، وأن هؤلاء الشعراء يمثلون القصيدة الموريتانية في عديد مدارسها المعاصرة.

وقدم الشاعر المحبوبي مختصرات تعريفية بالشعراء الثلاثة، تطرقت لأعمالهم الشعرية واهتماماتهم الثقافية.

 بعد ذلك بدأت الأمسية باستماع الحضور للشاعر أوليد الناس ولد الكوري ولد هنون، الذي قدم قراءة شعرية شملت ست قصائد من ديوانه "شظايا الليل"، وتميزت هذه القصائد باستحضار قوي للتراث العربي، وللشخوص المكونة لمشهدية الشعر والفروسية في العهد الجاهلي، مع استنطاق لبعض الهموم الإنسانية، ولكن مع استظلال واضح بأمل انقشاعها، وهي هموم يؤكد الشاعر بعبارات منعشة للذاكرة، أنها ستؤول إلى نهوض وانتصار لقوى الخير وإرادة التقدم.

يقول ولد هنون في قصيدة "شظايا الليل":

إني سفير الحالمين حقائبي         ضاعت ومزق في القلوب بريدها

يا هدأة الأسحار أنت حبيبتي           عيناك عيناها وجيدك جيدها

تتنسم الأيام عطر ورودها             ومياه عبس يستحيل ورودها

هانت على الأرحام  كل قطيعة  من بعد ما عاف الحياض أسودها

تنبو الرماح السمر عن طعناتها  ما كل من يرمي الصقور يصيدها

عل المعابد تستضيف بكاءنا           فبكل صومعة يلوذ مريدها.

أما الشاعر محمد فال ولد زياد، فقد قدم عدة قصائد من مجموعته الشعرية "غير المنشورة"، والذي رافق فيها بالذكر الحسن أحبابه في رحيلهم إلى العالم الآخر، واستعرض عبر قصائده الرثائية ما يمثله هؤلاء بالنسبة له من ذكريات وخلود.

وقد اختار ولد زياد أن يختم للجمهور بقراءة في شعره الغزلي، إذ يقول في قصيدة  "سندباد الحب": 

دوري كوحي قصيدة بخيالي       و تلوني لتقطعي أوصالي

ميسي على حان الأنوثة خمرة     لعبت حمياها بفلك خيالي

عيناك ترويان أروع قصة      بثت  بسحر الحب سفر ضلال

تتقاذف الأقمار تبريح الجوى   وتصوغه غيما بلحن زوال

إلى أن يقول:

هذي صلاة العشق في حرم الهوى   قد سال نسك حرامها بحلال

يبقى السؤال مكبلا في صمتنا        فتصده ألحاظنا بسؤال

قدسي و ميقاتي بمحراب الهوى   عيناك جوهرتاي كنز لآلي

ويقول في قصيدة "شعرك":

شعرك المبثوث تاهت   في قوافيه الفيافي

وعلى عينيك نامت  صحوة الفجر الخرافي

يا "بليس" العشق دوّنْ   كل هذا في اعترافي.

أما الشاعر محمد عبد الله ولد أحظانا، فقد ألقى قصائد من ديوانه، تغنت بالهم العام والخاص، وكشفت أوجها من تجربة هذا الشاعر الشاب مع الشعر العمودي والحر، يقول في قصيدة "حدثيني":

عن أهازيج حاولت في غباء

                         أن تعيد القطار درب الرجاء

ولقد ضل عن مسار طريقي

                    وتلاشى وصار حلم هباء.

وأنشد من قصيدته "شط المحبة":

أنا إن أردت

جحيم نار لافح

يقضي على خضراء

جنات الحياة

ويابس الدنيا

المحيل.

***

إنا إن أردت

بحرية تنساب في

دنيا الخرير.

 

إلى أن يقول:

أنا إن أردت

وإن أردت

فلست إلا ذلك الشيء البديل..