عدد أغسطس من مجلة الدرب العربى "لسان حال البعث"

أربعاء, 08/03/2016 - 15:02

بمناسبة العطلة الصيفية.. يسر هيأة تحرير  الدرب العربي أن تهنئ قراءها الكرام  وعموم الشعب العربي  بالعطلة الصيفية ، متمنية لهم عطلة سعيدة،  وللشعب الموريتاني ( خريفا) ممتازا، ملبنا وبلا حميات. فإلى لقاء قادم مع مجلتكم، مجلة العرب والأحرار  والمظلومين في العالم.. 

 

حين يهدد الجعلان الأسد..

 

من الحكايات – التي كانت الجدات والعجائز تسردها  على مسامع ا لأطفال ، عندنا، قبل النوم  ،ليناموا بطمأنينة  على قهقهة بريئة أو ابتسامة حائرة : أن أسدا ، ذات يوم، كان في مدخل  عرينه  ، فهاجمته مجموعة من الضباع لتأكله  وأثخنته بالجراح قبل أن تفر من وجهه؛ ويبقى الأسد يزأر في ميدان المعركة . وحدث أن  جعلا أو جعلانا( بو جعران) كان، في مزبلة، بالقرب من مسرح المنازلة ، فرأى الأسد ينزف دما من جراحه  وقد أعياه جهد مقاومة القطيع المعتدي ، فخطر بباله أن يغتنم الفرصة ويتخلق بغير صورته  ويخرج عن طوره ، متظاهرا بالفحولة أمام أنثى الجعلان . فقال : أنا رئيس  الجعلان ( اجعارين ) والمتحدث باسمها، وقد قررت ، ابتداء من يومنا هذا، منع مرور الأسود من منطقتنا . فهبت زوجته من مخبئها  تناشده  العدول عن قراره بحق هذا الأسد الجريح ، إلى حد أن الجعل توهم أنه ربما كان قادرا على تنفيذ قراره. وتطول القصة، التي لم نعد نتذكر كثيرا من تفاصيلها المسلية بأسلوب شيق، ينتهي بنوم الأطفال  بعدما يتقدم الأسد نحو الجعل ، الذي يختبئ عنه  في زبلة  من المزبلة. فيقول صوت مجهول: يا ملك الغابة لقد تخبأ الجعل  في إحدى "الزبلات" أو في ( ...)،  فيرفع الأسد رأسه شامخا باتجاه عرينه. هذه القصة ذكرتنا بقرار حكومة الاحتلال الأمريكي – الإيراني في بغداد ب"قرارها" حظر حزب البعث العربي الاشتراكي، مع الفارق أن قصة الجعلان مسلية للأطفال، وقصة العملاء  من فحش القول وقذارة الفعل. ووجه الشبه بين القصتين  أن قطيع الضباع الكاسرة مجتمعا فر من بطش الأسد ، فيما يتوهم جعل قذر امكانية التصدي له ومنعه من دخول منطقة "الجعالين" ، ظنا منه أن جراحه أنهكته إلى حد تقدر عليه  هذه الحشرة التافهة. وحديث الفضائيات  العربية والدولية عن قرار العملاء حظر البعث  بأسلوب دعائي   يساوي دور أنثى الجعلان ، التي أوهمت بعلها بالمستحيل، تماما كما  توهم العملاء ذلك من الضجة الإعلامية السخيفة. فحزب البعث ، الذي اجتمعت عليه أمريكا بخيلها ورجلها وحلفائها من الشرق والغرب، وعملائها من العرب والعجم ، هزم وحده هذا الجمع الشرير. فانهارت أمريكا  جهارا نهارا، أمام فعل مقاومة البعث ، تجرجر ذيول الخزي وقانون اجتثاث البعث. وإذا كانت أمريكا وما تعنيه من بطش وقوة وفظاعة ، وبالشراكة مع الفرس وأمم الغرب، لم تستطع أن تجتث البعث بعد كل هذا الزمن  من الاحتلال والتنكيل ، فكيف تصدر حفنة من العملاء الأنذال ( الجعلان البشرية) قرارا بحظر حزب البعث، وهي التي لا يجرؤ فرد من أفرادها على الخروج من المنطقة " النكراء" المحروسة  بحراب أمريكا وإيران. أليس من السخف أن يقرر العملاء حظر حزب البعث  وهم أعجز أمام البعث  من الجعلان  في مواجهة الأسود. لا نعتقد أن ثمة من يحتاج إلى دليل يؤكد له أن العملاء ، بتخرصاتهم البائسة هذه، إنما يعبرون  عما يتملكهم من يأس وقلق على مصيرهم ، وأنهم ، بهذا القرار – السخيف إنما تسوقهم عقدة الخوف من البعث  وجماهير الشعب العراقي الزاحفة عليهم كل يوم، وأنهم، فضلا عن ذلك، مدفوعين بعقدة الخيانة  والعمالة  التي تطاردهم ، أينما حلوا وحيثما ارتحلوا. فوجوههم على الدوام منكسة  في كل المحافل  التي يحضرونها باسم شعب العراق، زورا وبهنانا عظيما. فكيف بحظر البعث، وهو فكر مكين في قلوب عشرات  الملايين من العرب ، في شتى أقطاره، وفي مهاجر الشعب العربي. . والبعث أنظف سيرة وأنصع وجها من أن يهتم بمهازل عصابة ترتعش فرائصها من شعب الرافدين ، الذي لم يجلبوا له ، طيلة ثلاث عشرة سنة، إلا قتل الأطفال في حجور أمهاتهم، وإلا نثر أشلاء الشيوخ وشرب دماء الأبرياء ، وهتك الأعراض ومعاقرة الدعارة في بيوت الله ، فضلا عن التجويع  و نهب الثروات وسرقة الممتلكات... وسواه من الفظائع التي يروع سردها. فالبعث، أيها الجراء الهجينة، بين البغل الأمريكي والأتان الفارسية، ليس يكترث بمثل الذي تهرفون به ، لأنه نبت أصيل من أمته ، وعماد متين فيها. فشوكته  غلبت أمريكا ، فكيف تكسرها الأدوات العميلة العاجزة من أمثالكم ، وفحولة البعث ردت نهار أمريكا ليلا دامسا على أكثر من صعيد ، فكيف بكم؟. وكما لم يهتم الأسد ، في قصة الأطفال، بتهديد الجعلان، فكذلك البعث أشد بأسا وأعلى كعبا من الأسود، والجعلان  منكم أنظف سيرة، وأقوم قيلا...

 

العلاقات الموريتانية – السينغالية إلى أين.. ؟.

تتحدث تقارير متواترة  عن توتر متصاعد بين الجارتين ، موريتانيا والسينغال. ويأتي هذا التوتر  على نحو مفاجئ للموريتانيين ، على الأقل. فلا وجود ، فيما هو منظور ، لأي سبب للتوتر ، خصوصا وأن البلدين تمكنا  ، إلى حد ما، من طي صفحة أحداث ( 1989) المؤلمة، في القرن الماضي، وامتصاص  قسم كبير من تلك التداعيات  التي كادت أن ترمي بالبلدين في أتون حرب خاسرة للشعبين ، معا. والآن، يتحدث الموريتانيون  أن السلطات السينغالية  تقوم بطرد المنمين الموريتانيين  مع ماشيتهم  بشكل يتسم بعدم اللباقة ، ويتنافى مع سلوك حسن الجيرة . صحيح أن هناك اتفاقية بين البلدين في مجال انتجاع المواشي الموريتانية في الأراضي السينغالية. فما الذي جرى حتى تقدم السلطات السينغالية على ما يصفه الموريتانيون بأنه خشونة وغلظة  في التعامل معهم؟. يذهب بعض المحللين إلى أنه جرت العادة أنه كلما تكدر صفو العلاقة بين المغرب وموريتانيا ، فإن ذلك ينعكس تلقائيا وسلبيا للغاية بين موريتانيا والسينغال. ولكن إلى الآن ، لا يدرك الموريتانيون  البسطاء أي أسباب لتعكر علاقات بلدهم سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة للسينغال. ويلعب التعتيم  التقليدي المحكم  - الذي دأبت عليه أنظمة الحكم  الموريتانية  على تطورات  علاقاتها مع جيرانها – الدور الأبرز في تفاجئ الموريتانيين ، في كل مرة، بتوتر علاقات بلدهم مع جيرانه . ومن هنا، لا يحصل لهم العلم به إلا في مراحل متقدمة جدا من تطوراته السلبية  عليهم؛ فيدفعون ، بذلك، ثمن المباغتة ماديا ومعنويا.  وحتى هذه اللحظة ، ما تزال السلطات الموريتانية  تتكتم على ما يجري بينها مع المغرب والسينغال، برغم أن مواطنيها  من المنمين ، في السينغال، يتحدثون عن ممارسة مهينة لهم من جانب السلطات السينغالية، دون أن يعرفوا لذلك سببا. ومن وجهة نظر تحليلية، لا شك أن السينغال والمغرب ،  بالشعور واللاشعور، في علاقاتهما المتميزة  يتصرفون إزاء موريتانيا  كأنها فضاء فارغ، أو على الأقل ليس فيه دولة بينهما. وذلك ما يعيد لأذهان بعض الموريتانيين  هواجس ورواسب الماضي عشية استقلال موريتانيا عن فرنسا؛ حيث عملت كلتا الدولتين  على تقاسم  هذا الإقليم ، وانقسم ما يشبه النخبة الموريتانية ، يومئذ، بين هذين الولاءين.  ويسود ، في موريتانيا، تخوش من  اندلاع أزمة  حادة أخرى بين البلدين ، دون مسوغ، عندما تنتهي فعاليات  قمة العرب  في نواكشوط  ويتفرغ الرئيس الموريتاني للرد على تصرفات  السينغال، بأسلوب يغلب عليه الارتجال  والعاطفة على ما يمكن وصفه بالاستفزازات السينغالية غير المبررة.  وفي هذا الإطار، يتوجب على النخب الوطنية السياسية والدينية والفنية والإعلامية،  الحريصة على مستقبل البلدين واستقرارهما ، في كليهما، أن تعمل كل ما يلزم لتلافي تدهور الأوضاع ، والحيلولة دون انزلاق البلدين ، الجارين المقترنين بوثاق التاريخ المشترك والعقيدة الاسلامية السمحة وروابط القربى  والجغرافيا الثابتة، نحو مواجهة إعلامية أو اقتصادية  تضر بالشعبين أبلغ الضرر، ولا يستفيد منها إلا أعداؤهما. وإنه كما تبين، من تاريخ أحداث الماضي، فإن القوى الخفية المعادية، وبخاصة فرنسا، هي التي حبكت مؤامرة  أحداث 1989  بين البلدين، ثم انسحبت إلى الوراء ، لتترك الشعبين المسالمين يدفعان فاتورة مؤلمة ومرهقة  في الأرواح والمصالح والاقتصاد، والسخط المتبادل والكراهية.  فضلا عن حملات التسفير القسري لمواطني البلدين  المتحابين عبر الحقب. لقد دفعنا ، في كلا البلدين، أثمانا باهظة في أحداث 1989 ، وتبين أنها كانت بلا معنى، وإنما تلهى  بعذاب الشعبين  كل من الرئيسين السابقين، معاوية وعبدو جوف ليسيرا ، كل منهما، أزمة سياسية بالنسبة للأول، وأزمة اقتصادية، بالنسبة للثاني.  وطبعا، بتوجيه وتخطيط من سيدهما، معا، فرنسا. وعلينا، كنخب وطنية واعية ، ألا نستعمل المطرقة التي تضعها الأنظمة السياسية في أيدينا ، فنهشم  رؤوسنا بأيدينا، بلا جدوى...

 

لماذا البعث.. وماذا خسر العالم بغيابه..؟

 

محاولة الانقلاب  التي دارت ، في الأسبوع الماضي في تركيا، هي بالفعل محاولة فاشلة وناجحة، معا. فهي فاشلة لجهة أنها لم تقض على نظام حزب العدالة والتنمية ، هذه المرة، تلك الطبعة الطورانية من جماعة التنظيم الدولي  للإخوان "المسلمين ". فقد تمكن أوردوغان وأركان حكمه من النجاة من هذا الانقلاب ، الذي أحكمت خيوطه ، فيما يبدو خارج تركيا، وتهاوى الجنرالات كالطوب المبلل في أيدي" رجال الشرطة" . حتى هذه اللحظة من زمن التقييم، من الممكن القول إن الانقلاب فشل . ولكن انفاذ النظر، تحت قشرة الأحداث  بعد امتصاص شحنة الانفعال بها، يبين أن الانقلاب نجح بأقصى درجات الخطورة، وعلى أكثر من صعيد. ذلك، أن تمكن هذا العدد الهائل من كبار الضباط والأوسمة في المؤسسة العسكرية والأمنية  التركية ، وفي سواها من المؤسسات القضائية والاعلامية والأكاديمية والنقابية والتعليمية  والاقتصادية ... نقول تمكن هذا العدد من الانخراط في العملية الانقلابية ، دون أن تتسرب معلومات عنه، فهذا أمر مريع ودليل على نجاح الانقلاب  على صعيد التعبئة  والتحكم في مستويات التخطيط المختلفة. فإشراك هذا الحجم من كوادر الدولة، في الانقلاب، آية على تبرم النخب من الحكم الإخواني. وإذا صح أن الولايات المتحدة الأمريكية  ونظام الملالي في إيران كانا ضالعين في هذه العملية ، فهذا هو أخطر ما انطوى عليه هذا الانقلاب؛ وهو عندما يكون هذا العدد المهول من النخب ، في جميع التخصصات  والمؤسسات ، قد تورط في عملية انقلابية لمجرد الاستجابة لقوى دولية وإقليمية ؛ أي عندما تكون هذه النخب مجرد أدوات تنفيذية لأجندة غير وطنية ، دون مبالاة لما قد ينجر عنها من تداعيات ذات صبغة استراتيجية  خطيرة للغاية على مستقبل تركيا ، وعلى استقرار أوضاعها. و لقد نجح هذا الانقلاب، من جهة أخرى، عندما أوضح، لمن أعماهم الحقد والخيانة من العرب والمسلمين، أن الولايات المتحدة الأمريكية وإيران تقومان سويا، وبشراكة استراتيجية ، بأقذر المؤامرات ضد شعوب هذه المنطقة ، وأن لعبة الشراكة  بينهما في احتلال العراق واسقاط نظامه الوطني، هي ذاتها اللعبة التي تكشفت خيوطها من مشاركتهما في انقلاب 15 يوليو في تركيا. ولقد نجح هذا الانقلاب  في تكثيف دائرة الضوء على خطورة  هذا التحالف الأمريكي – الإيراني بالنسبة  لدول الخليج العربي. فإذا كانت تركيا ، و هي حليف استراتيجي لأمريكا ، وعضو في حلف شمال الأطلسي ، وهي ثاني أكبر جيش في هذا الحلف  من حيث العدة والعدد ، فضلا عن ذلك تتمتع بنظام حكم منتخب  بالديمقراطية  الليبرالية  الغربية ، وتحتل مرتبة متقدمة على سلم الدول المتطورة اقتصاديا وتنمويا؛ إذا كان كل ذلك لم يشفع لتركيا لدى  دوائر الغدر في أمريكا ، فما ذا يكون عليه الحال بالنسبة لدول الخليج العربي، التي تعبث بأمنها الاجتماعي إيران ، منذ اسقاط نظام حزب البعث العربي الاشتراكي.  ولقد نجح هذا الانقلاب ، في تركيا، أخيرا وليس آخرا، في فضح الأسطوانات البشرية المشروخة التي تتحدث عن الديمقراطية  بوصفها درعا واقيا  لحماية الأنظمة السياسية  من عبث أمريكا وحلفائها. فهذه تركيا الديمقراطية تتعرض لانقلاب  تنهض كل الأدلة أن أمريكا تقف خلفه. لقد حان الوقت ، منذ 2003 ، لأن يدرك من تبقى من الأنظمة العربية والإسلامية  مثل تركيا  و باكستان، تحديدا، أن أمريكا وإيران عاقدتان العزم على تفتيت المنطقة العربية  والدول الاسلامية ، بالشراكة الاستراتيجية بينهما، ودفعها إلى لجة العم والفوضى، وكل ذلك لم يكن ليتم بهذه السهولة والغطرسة لولا المؤامرة على حزب البعث وتغييبه من مشهد السياسة العالمية، حتى بات العملاء في العراق  يعربدون ويتطاولون على أنظمة المنطقة . فإما أن تغير أنظمة هذه الدول استراتيجيتها جذريا، في مثل هذه الظروف، بما يتناسب مع هذا الخطر الماحق ، على الأبواب، وإما أن يتدرب حكامها على الرحيل المهين،  تاركين شعوبهم ، من خلفهم، تحترق بأيدي الأمريكيين والإيرانيين والصهاينة. فاليمين المتصهين في أمريكا وأولياء الدجال "الفقيه" في إيران لا يتركون الغدر بالصديق قبل العدو حتى ينتصب الفيل مستقيما  على رأسه. 

 

ما الفائدة  من حضور هذا العميل ( الجعفري )؟؟.

هذه كلمة ( العميل )   يجب ألا تغيب عن  الناس في هذا الزمن الذي اختلطت فيه المفاهيم ، وخاصة عن قادة الدول العربية ونخبها خصوصا، وعن بعض النخب الثقافية والإعلامية ، التي تتحرج من أن تسمي السلطة في العراق، المحتل، بسلطة الاحتلال أو سلطة العملاء. فأولا، نقول للقادة العرب، أو من تبقى منهم قبل أن يأتي عليهم الدور، حذاري من  تبييض زمرة العملاء في العراق . فأنتم إذا حاولتم وضع كل المساحيق على الوجوه الكالحة لهؤلاء، فلن تفلحوا في تزوير  حقائق التاريخ . فلا إمكان لمغالطة العالم ، من أرجائه الأربعة، أن هذه العصابة من العملاء، التي استدعيتموها إلى قمتكم ، ليست نتاج احتلال غاشم ومناف لكل القوانين والأعراف الدولية، وقبل ذلك الديانات والأخلاق السماوية. فمن يستطيع  منكم انكار هذه الحقيقة. لقد دنستم أرضنا وصدمتم شعبنا . فنحن الشناقطة ننفر من العمالة للأجنبي ، وما زلنا نعد العمالة عارا في عار. فكيف تدنسون وطننا بأقدام حثالة العملاء الذين تسلطوا ، بقوة الأجنبي، الأمريكي والإيراني، على رقاب شعب بلاد الرافدين . ثم إنكم بفعلتكم المنكرة، هذه، إنما تشرعون هذا الفعل القبيح ضدكم ، بالاحتمال، وتتركونه سنة  رذيلة  عليكم وزرها ووزر من عمل بها في أوطانكم. إن أي منكم ليس في منجاة من مؤامرات أمريكا وإيران. فهذه أمريكا وإيران تحيكان مؤامرة بالشراكة  ، قبل أيام، لإطاحة نظام السيد رجب طيب أوردوغان، المنتخب  ديمقراطيا. ومن الغريب ألا تخشون من فعل مماثل في بلدانكم ، وأن تتركوا لنظرائكم  عادة التطبيع مع  من قد تستخدمهم أمريكا  ليحلوا محلكم بالقوة ، فيجلسون في مقاعدكم ، في القمم العربية، ويتحدثون باسم شعوبكم ، وليس في أيديهم من شرعية الحكم إلا الاحتماء بقوة أمريكا وإيران.  فلا تتصوروا أن أحدا سيتحدث عنكم حين تطيح بكم أمريكا أو فرنسا، ولا تتحدثوا، أنتم عندئذ، عن شرعية الحكم ولا عن العمالة. فقد تركتم  هذه الرذيلة  عادة سائدة في شعوبكم.  فلا تنتظروا حمية من هذه الشعوب ، بل سيحضر مكانكم  عملاء أمريكا ، ولو كانوا تماثيل من بين  طين وروث. فالجزاء من جنس العمل.  ثم، ما قيمة تمثيل شعبي  العراق وليبيا بالعملاء الذين دمروا أوطانهم وأبادوا شعوبهم  ونهبوا ثروات بلدانهم  . لقد كان  في حضورهم للقمم  العربية أذى شديدا للضمير الجمعي للأمة ، وفيه ضرر على مستقبل العرب، لو أنهم يفكرون في مستقبل. فهؤلاء شرذمة من المنحرفين  عقديا والخونة  وطنيا، وفي النهاية هم أذناب أذلاء تابعين  للدجال الإيراني وللقوى الغربية  الامبريالية التي فرضتهم. وأما ما يخص النخب والمثقفين " المستقلين" ، فهو من باب الدهشة . فلقد كان من أغرب  ما تميزت به هذه القمة أن النخب الحرة لم تتحدث عن هذه الوفود العميلة . وكأن هذه النخب الثقافية والإعلامية سفراء أو وزراء خارجية  تمنعهم الخدمة الجارية عن فضح هؤلاء . وكأن العمالة ما عادت في قاموس الناس شيئا معيبا. فالجميع  ما كتب كلمة عن العميل والعمالة وخيانة الأوطان؛ فالمهم أن يصل المرء، عندهم، للسلطة  بحراب الأجنبي أو بأصوات الشعب، فالأمر سيان. وقد يطرح بعض الشباب استشكالا في هذا الموضوع، فيقول أليس جميع قادة العرب خونة لأوطانهم  ومتورطون في العمالة للأجنبي.  فنقول إن هذا لصحيح  في أغلب القادة. ولكن ثمة فرق بين العميل بالتصرف والعميل بالانتماء للأجنبي، كأداة. وكلاهما في الدرك الأسفل من النذالة والحقارة . غير أن العميل بالتصرف ، هو الحاكم الذي يصل للسلطة بأدوات وطنية  ثم يحتمي من شعبه بقوة أجنبية ، مقابل تمكينها من بعض مقدرات بلده ورهن نسبة من  سيادته في يدها. ومثاله السادات ومبارك وزين العابدين  والأنظمة الرجعية عموما. وأما العميل بالولاء كأداة ، فهو هذا الشخص النكرة الذي يصل للسلطة في بلده بقوة أجنبية  محتلة ؛ ومن هنا هو أداة أجنبية  ينفذ أجندتها حرفيا ويخضع شعبه كليا لقرارات المحتل، بدءا من تحويل وكيل الشرطة وحتى رسم سياسة  البلد في حربها وسلمها. ومن هنا، لا معنى للحديث عن السيادة  لمن قدموا إلى السلطة بقوة احتلال غاشم.  ومثاله، زمرة الخونة والعملاء في العراق وليبيا. وإذن، لا معنى لاستقدامهم لقمة نواكشوط ولا لسواها، لأنهم لا يمتلكون قرارا لبرم  الاتفاقيات بين الدول و لا سلطة على الاقتصاد  ولا يمثلون سيادة شعب ، وليس لديهم قوة أخلاقية ولا ضمير وطني.  فالعميل يبقى عميلا . فما الفائدة من حضور  هذه الحثالة في وطننا؟ ..  وما الذي نرجوه منهم ؟. أ فيدونا، فنحن في انتظار مرافعتكم  عن خيانة الأوطان والعمالة للأجنبي ..  

 

عتاب ما بعد القمة..

انتهت قمة نواكشوط على نحو مرض بالنسبة لموريتانيا فيما يتعلق  بظروف الضيافة والتنظيم؛ وبقي الذي يتوجب فعله من قبل العرب إزاء الموريتانيين . فليس مطلوبا، في استضافة القمم العربية، من الجهة المضيفة  أن يستجيب  قادة العرب لنداء الشعب العربي ، الذي يذبح كل يوم وتدمر حضارته كل يوم ، وتستباح أعراضه كل يوم وتدنس وتشوه مقدساته ، دينه وعروبته، بأيدي شراذم من أبنائه. وهنا، ليس مطلوبا من الموريتانيين أن يكرهوا هؤلاء القادة  ليتجاوزوا تناقضاتهم ، ويرتقوا إلى مستوى المرحلة التاريخية التي تمر بها أمتهم ؛ والتي تهدد، بنتائجها الصاعقة، كل واحد منهم، ولو بعد حين. كل ذلك ليس مطلوبا من موريتانيا وليس من مسؤوليتها، ولا بمقدورها أصلا، وإنما المطلوب منها هو أن  تهيئ الظروف الأمنية  المطمئنة  والكفاءة التنظيمية المريحة. وقد فعلت بفاعلية ، وفي فترة قياسية. والآن ، وقد عاد الأشقاء العرب إلى بلدانهم ، فقد جاءت ساعة العتاب. أجل.. عتاب أولئك العرب الأثرياء الذين يضعون أموالهم  ويهدرون ثروات شعوبهم  في بنوك الغرب ونواديه؛ هذا الغرب الذي يشن علينا حرب إبادة جميعا، ولا يستثني منا أحدا، حتى الذين  سبحوا بحمده وارتموا في جحره ، ونفذوا له جرائمه بحق رموزنا وقادتنا ؛ حتى هؤلاء يواجهون غربا لعينا جاحدا ، تجرد قادته من قيم الانسانية  وتنصلوا من حسن "رد الجميل"  للذين دمروا أوطانهم  لصالحه ، وتآمروا على أبطال أمتهم  لتأمين  هيمنته. نعم.. نرفع العتاب على رجال أعمال العرب، الذين يستثمرون  أموالهم بالقرب من ديارنا ، فيضنون علينا من مال الله الذي آتاهم، ومن ثروات أمتنا التي تسلطوا عليها  فصرفوها في غير وجهتها. وتلك خطيئة ومصيبة ، نكاد منها " نغص بماء الفرات" . ومن هنا أيضا، نشعر، في عموم الأقطار العربية، بأعلى درجات القلق والعجز عندما نقف ملفوفين بالحيرة إزاء معاناة  شبابنا من البطالة التي تسحقه ، فيما أموال أمتنا تبنى بها المصانع  وتمول بها المشاريع التي يجري ريعها في اقتصاد الغرب ، فتمتص البطالة عن شبابه . ومع ذلك، لا يكف قادة العرب عن الحديث عن الإرهاب، وعن كيفية استيعاب موجات العنف المتصاعدة في الوطن العربي. فلا يجوز أن يتوهم كائن من كان امكانية احتواء الإرهاب وغيره من أساليب العنف ، طالما أن  الغربيين  يقتلوننا بالجملة ، ظلما في ديارنا، ويسلبوننا كرامتنا ويستنزفون ثرواتنا لبناء حضارتهم  وتعظيم رفاهيتهم وتأبيد استمتاعهم بالهيمنة.  وبرغم إدانتنا لتدمير حياة الأبرياء ، مهما كانت جنسياتهم ومعتقداتهم، فإننا على يقين أن التطرف، كأفكار تدميرية، ستظل عدوى متنقلة بين الشباب، ما لم يضع  قادة الغرب ،اللاانسانيون ، نهاية لهذا العبث بالعرب وإهانتهم وإبادتهم. ومن جهة أخرى، فإننا نوجه نقدا لنخبنا الموريتانية عموما، ولسفرائنا ومشايخنا خصوصا، الذين كشفت قمة نواكشوط أنهم على درجة عظيمة  من التقصير واللامسئولية  فيما يخص التعريف ببلدهم وتسويق صورته، ومقدراته الاقتصادية والسياحية  وثرواته وكنوز تراثه التاريخية في دول العالم، التي يذرعونها ، طولا وعرضا. خصوصا  أن هذا كله من واجبهم وتقع المسؤولية الأولي فيه عليهم.  وهو أمر لا يتطلب سوى  تنظيم أنشطة إعلامية وندوات فكرية ومحاضرات اقتصادية ومعارض فنية تمكن الأشقاء العرب والشركاء الدوليين من الاطلاع على بلدنا، على نحو مفيد لشعبه. إنه من المعيب أن يقتصر دور سفراء البد وعلمائه  ونخبه الجوالة على تسويق أشخاصهم  بغية التحصيل المادي  لأفراد أسرهم أو  مجموعاتهم السياسية والاجتماعية الضيقة، مستغلين في سبيل ذلك جوازات السفر الوطنية الدبلوماسية للإثراء على حساب شعب ، لا يقدمون له أية خدمة خارجية. إنه شيء غريب ومعيب ، ومناف لقواعد الوطنية والواجب الشرعي والنزاهة الفكرية . ألم نشعر ، كلنا، بالإهانة  ونحن نستمع إلى ضيوفنا يتحدثون عن صورة نمطية  يبدو أنها قبيحة عن بلدنا كانت محفورة في أذهانهم، وأنها منافية للصورة الحقيقية التي عاشوها في الواقع. ألم يتحدث الضيوف، في لقاءاتهم الصحفية، عن تقصير المثقفين الموريتانيين  إزاء تسويق بلدهم. فكيف لو أن هؤلاء العرب اطلعوا على  جمال الطبيعة  في بلادنا، أثناء فصل الخريف ( تهاطل الأمطار عندنا)، وكيف لو أنهم اطلعوا على كنوز المعرفة  التي تزخر بها مكتبات أسرية مطمورة في أركان قصية من بلنا ، في المنازل الأهلية. ألا تبا للذين يخونون أوطانهم، والذين لا مشروع لهم إلا جيوبهم وبطونهم...   

 

 

 

حوانيت للأمل.. أم للألم.؟

تنتشر في العاصمة ، نواكشوط، دكاكين للبيع بالتقسيط بسعر مخفض ، في إطار برنامج أطلقت عليه السلطات الموريتانية " برنامج أمل" ، أوكلت تنفيذه وتسييره لوزارة التجارة والصناعة التقليدية والسياحة، ممثلة في الشركة الوطنية للإيراد والتصدير ( سونمكس) ، وبتمويل  من ميزانية الدولة ، أي من جيوب  دافعي الضرائب  الوطنيين. وهذا البرنامج ، الذي أقيم لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار لصالح الفقراء والمواطنين من ذوي الدخل المحدود ، الذين يكتوون بنار الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية  المرتبطة بحياتهم  بشكل مباشر؛ هذا البرنامج يعيش جملة من العثرات أو التعثرات  ،ليس أقلها تلك الطوابير والتزاحم اللذان لا يخطئهما  المارون من أمام تلك الحوانيت ، في ما يمكن وصفه ، دون مبالغة في القول، بالمهين المبين لكرامة الانسان ( المواطن) لقاء حصوله على ما لا يكاد يسد به الرمق لأبنائه الجياع  ، ليوم واحد. . وقد رأت في هذه الوضعيات المزرية، التي يوجد فيها المواطنون أمام هذه الحوانيت،  بعض المنظمات الدولية ضالتها؛  فاعتمدتها لتصنيف موريتانيا من أكثر البلدان انتهاكا لاحترام حقوق الانسان ، وأعلاها كعبا في تفشي الفقر وتدني الدخل الفردي. فهذا البرنامج ، فضلا عما يحيط به من ظروف مهينة،  أصبح عاجزا عن تأمين ما أنشئ من أجله أصلا؛ حيث من المفروض أن تتوفر في هذه الدكاكين سلة من المواد الغذائية  الضرورية لحياة المواطنين  اليومية، كالسكر والأرز والزيت، إضافة إلى  المواد التي تدخل في المائدة الرمضانية خلال شهر الصيام، مثل الحليب المجفف والبصل والبطاطس .بل إن الحوانيت الخصوصية  باتت تنافس حوانيت " أمل"  في التسعرة  لافتقارها إلى المواد التي كانت تتعهد بتوفيرها. في ظل هذا العجز وهذا التراجع ، بدأت الأصوات ترتفع  بمطالبة السلطات بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة وشفافية ؛ بل وأكثر جدوائية  واحتراما للإنسان مما هو حاصل الآن ، لكي لا تتحول هذه الحنوانيت في نهاية المطاف إلى مراكز لإنتاج البطالة المقنعة وتجمع للعاطلين، وقبل ذلك، دليل مادي على ما يتردى فيه المواطن الموريتاني  من بؤس وشقاء وإهانة.  وبالتالي، يتشوه الدور الذي بني عليه تصور انشاء هذه الدكاكين، فيتحول الأمل إلى ألم ، يتساءل الكثيرون متى سينتهي، وهل من بعد هذا النفق، يوجد ضوء؟.. 

 

نعم  لعقد قمة ، سنوية، في نواكشوط.

إن المتتبع لسير الأعمال التحضيرية والاستعدادات الجارية على قدم وساق احتفاء بالوفود المشاركة في مؤتمر القمة العربية لا محالة مدرك بأن هذه  القمة تنعقد في جزء من العاصمة (تفرغ زينة) وليس في كل العاصمة، نواكشوط. مرد ذلك أنه ،منذ أكثر من ثلاثة عشر شهرا، تستمر الأشغال في هذا الجزء من العاصمة  وحده. أو على الأصح في هذا الجزء والمناطق المحاذية له . و لا مراء في أن إكرام الضيف ، وخصوصا حين يكون الضيوف إخوة، هو من الفضائل النبيلة للعرب، وأبقى عليها الاسلام فيما أبقى عليه من حميد خصال العرب . وشعب الشناقطة من أنبل الشعوب في هذا المجال واكثره تشبثا بالإحسان على الضيف، إلى حد التقديس. و كيف لا يعمل الشناقطة المستحيل ،في هذه المرة، التي ينزل فيها عليهم القادة العرب، ضيوفا . لكن من واجبنا أن ندرك ، جميعا، حكاما ومحكومين أن القمم العربية تنعقد دوريا لحل المشاكل الكبرى في الوطن العربي ، ومن أهم المشاكل التي تعاني منها أمتنا ، اليوم، هو الاحتلال الأجنبي وغياب العدالة ، والعدالة التوزيعية للثروات الوطنية والقومية . فلتكن همة القادة العرب في مستوى هذين التحديين اللذين  يقفان عائقا  قويا أمام نهوض الأمة من وحلها الي تتخبط فيه ، منذ عقود.

فغياب الحرية واستبدال التحرر من الاحتلال بمصطلحات التعايش وقبول الآخر والانفتاح لا يستحيل ركنا لبناء مجتمع ينعم بالأمن والأمان . كما لن يتحول السطو والغصب والإكراه والتعدي إلى أيقونات يمكن الاطمئنان إليها بدلا من العدالة التي ينشدها كل مظلوم ومقهور ومسلوب وطن، ومدنس عرض. فمن يكون، أيها السادة، لهؤلاء الذين تسرق ممتلكاتهم  وتحتل أوطانهم  وتحطم حضارتهم وتنهب  ثرواتهم  على أيدي العملاء والعصابات المحمية من القوى الدولية والاقليمية؟. ألا تخشون ، وقد يكون قد اقترب، أن تهتز عروشكم بطوفان دموع الثكالى من حرائر الأمة، اللاتي  تستغثن  بالمعتصم، الذي لا يجيب ، على غير عادته. إن من أهم تجليات العدالة هو الفصل في المنازعات والتوزيع العادل للثروات ، وإفساح المجال أمام الكفاءات الوطنية لإدارة شؤون أوطانها ، دون وصاية من أجنبي. وقد يكون من أيسر الأمور – التي بإمكان من يتولون رئاسة مؤتمر القمة العربية – أن يقوموا به ، تعزيزا للجبهة الداخلية، هو  تعميم حسنات  التحضير والتزيين على جميع مناطق العاصمة، نواكشوط، حتى ينعم كافة المواطنون بالراحة فيها بحلتها الجديدة. فالأحياء الأخرى التي لم تشملها أشغال التحضير للقمة، تتكدس فيها صنوف القمامة  وتقيد فيها أوحال الطين حركة المرور، سواء المركبات أو المشاة. ويلفها ظلام القبور باستمرار، في كل ليلة، مما يصب في مصلحة عصابات السطو المسلح على البيوت الآمنة.   فكما زينتم منطقة ( تفرغ زينة) فلا تبخلوا على الفقراء في الأحياء الأخرى ببعض الزينة. فبركات القمة العربية وظلالها يجب أن تتفيأها المقاطعات المتخلفة عن  موعد الزينة، هذه السنة.  وإذا كان هذا التزين هو حصريا لضيوفنا الكرام، فلا بأس أن نطلب منهم عقد القمة العربية مرات متتالية ، سنويا، في بلادنا، وفي كل مرة تعقد في ناحية من العاصمة حتى يعيش باقي المواطنين  النظافة  في حياتهم، ولو مرة واحدة...  

 

موسم الآمال.. وموسم الآلام ..

مثلما راودنا الأمل في تحقق اجتماع القادة العرب في القمة السابقة في نواكشوط ، وقلوبنا تبتهل إلى الله ، عز وجل،  تحقيق ذلك؛ يراودنا أن يتحقق ، على أرض الواقع، توفيق الجهات المختصة في إيجاد آلية  مناسبة وفعالة لتنظيم وضبط امتحانات الباكلوريا، التي هي مبعث  أمل لكثير من شبابنا  في تجاوز مرحلة التعليم الثانوي.  وكيف لا؟ .. إنه مثل  الأمل   الذي يعلقه  المنمون  والزراع على نزول الغيث ( المطر)  ، فتنبت الأرض وتصبح مخضرة  فيختلط نباتها  مختلفا ألوانه، ويخرج الزرع مختلفا أنواعه،  باسقا سنبله ، مما يأكل الناس والأنعام  ، فتزهو الحياة  وتزين لبني آدم. وكذلك  الحال حين ينجح التلاميذ  في امتحانات الباكلوريا  بنتائج  نزيهة  وشفافة  تعكس ، فعلا، مستوى الاستيعاب  وحجم المعلومات، فتزدهر حياتنا العلمية  وتتطور كفاءاتنا الأكاديمية في كافة التخصصات  المفيدة، فتتكامل بذات الحال الذي يتكامل فيه نبات الأرض، بعد الغيث  . والحال على الحال قائم. فنحن في هذه الأيام  نتطلع، مرة،  إلى المزن  علها تجود لنا من ودها ، من مائها في مرابعنا ومزارعنا ومسارحنا ، فنبادلها بالشكر والثناء على ربنا الذي ساق إلينا رحمته ، من غير حول منا ولا قوة. ومرة، نتطلع إلى نتائج أبنائنا في امتحانات الثانوية العامة ( الباكلوريا)  لنسعد بنتائج طيبة  تمكنهم  من مزاولة مشوارهم الجامعي  المؤمل خيرا، بفضل الله. ومن حسن الصدف أنه في هذه الأيام  يلتقي في موريتانيا ثلاث آمال: أمل انعقاد قمة العرب  في نواكشوط بأمن وأمان، وأمل ارتفاع نسبة الناجحين في الباكلوريا بالشفافية والنزاهة العلمية، وأمل أن يكون موسم تهاطل الأمطار، هذه، السنة، ممتازا . إلا أنه مما نغص ، مبكرا، هذه الآمال في نواكشوط  ،تحديدا، هو تقطع تيار الكهرباء  المتواتر في أشد الفصول حرارة في العاصمة، ثم ازداد الطين بلة وعفونة بعد تهاطل كميات قليلة من المطر، حيث انتشرت المستنقعات الآسنة  وتكاثر البعوض  وهوام الأرض؛ فكثرت الحساسية الجلدية  ونوبات الربو  بين المواطنين. وليس هذا فقط، بل انضافت إليه مشكلة الازدحامات المرورية التي كانت تنتج، في الأصل، من قلة الشوارع المعبدة وضيق الموجود منها وسوء سلوك سواق السيارات؛ ولكنها ، هذه الأيام، تفاقمت جراء انتشار المستنقعات والطين على الطرق   ، وتقعر الاسفلت بفعل المياه الراكدة عليه، في غياب أقنية  صرف ماء الأمطار ، والصرف الصحي، معا.  وقد لا يصدق القارئ ، غير الموريتاني، أن نواكشوط ، عاصمة البلاد، لا تتوفر على منظومة للصرف الصحي ، بعد ست وخمسين سنة من الوجود. وبهذا السبب، يتضاءل الأمل، لدى المواطنين في العاصمة، أن عاصمتهم  ستواجه ، بنجاح، تحديات الموت التي  تتهددها؛ إذ كثير من أحيائها، من مختلف مناطقها،  انتزعته البرك منذ  سنين، وتلك مساكن القوم، فيها،  خاوية على عروشها لم تسكن من بعدهم إلا قليلا . والمستقبل غير مشرق.  فالمستثمرون ، وطنيون وأجاب ، يتوجسون، بحق، خيفة من مستقبل  غير مضمون في هذه البلاد، التي تتردى وضعيتها باطراد. ويبقى ، بالنسبة للمواطن البسيط ، أمل، بحجم النقير، في أن يلتفت إليه إخوته من العرب في قمتهم، قمة الأمل،  لتمويل مشاريع اقتصادية وصحية، من بينها شبكة للصرف الصحي  في العاصمة، نواكشوط.  فقد سئموا  شفط المياه  في كل موسم أمطار، منذ خمسين سنة. ويتأمل المواطن، بما هو أقل من النقير، في أن تصحو نخبتهم  من الفساد  ونهب أموال البلاد والعباد، فتعود بشيء ينفع الناس، ولو مرة في حياتهم؛ فلا يأكلوا التمويلات المرتقبة من الأشقاء. وبذلك يتجدد الأمل، ويكون في محله.