تكفل الأنظمة التعددية لمواطنيها حق الاختلاف، في الرؤية والفكر والمواقف، لكن جميع هذه الأنظمة تجمع في دساتيرها وقوانينها على مجموعة من الحدود والضوابط التي تمثل إجماعا مشتركا، بوصفها نقاط التقاء لا اختلاف، ومن هذه الضوابط مسألة الحوزة الترابية، والسيادة، والأمن، والمعتقد الديني.
وهكذا فليس من المسموح به التطاول على المقدسات والرموز الوطنية في أي نقطة من العالم، تستوي في ذالك الأنظمة الشمولية مع تلك التعددية.
مؤخرا لوحظ أن بعض المدونين سامحهم الله يفرطون كثيرا في استخدام هامش الحرية لغير ما وجد من أجله، فتراهم يتحدثون علنا عن ضرورة اقتسام السلطة والثروة وحتى الأرض أيضا على أسس عرقية وشرائحية تهدد النسيج الوطني. ويتفننون في كيل النقد الجارح والشخصي أحيانا للأجهزة الأمنية والقضائية، وهي أجهزة ترتبط بوجود الدولة وليس بالنظام، الذي يتغير ويتبدل تبعا لسنة الحياة.
إن التنقيص من أداء الامن الوطني الذي لم يسجل أي جريمة ضد مجهول على عموم التراب الوطني، لايدخل في باب حرية التعبير خاصة إذا تزامن هذا التنقيص مع الإشادة بجهاز أمني آخر يبعد عن بلادنا آلاف الأميال، ولا تربطها به صلة دم أو تاريخ أو جغرافيا.
ولعل المسؤولية هنا تقع على بعض "الصحفيين" المرتبطين فكريا بتنظيم الإخوان المسلمين ممن استطاعوا التغلغل في أجهزة النظام الحاكم وحصلوا على مزايا وامتيازات كبيرة.
وعموما فإن الأجهزة الأمنية تستحق علينا الإشادة- من باب الوطنية والانصاف- بما حققته خلال فترة وجيزة من قضاء شبه كلي على الجريمة المنظمة، والاتجار بالمخدرات، والحد من جرائم السرقة والاغتصاب، إضافة إلى تأمين المدن الموريتانية التي تشهد تسارعا مذهلا في النمو العمراني والسكاني، ولعل الفضل يعود في ذلك للقائمين على الأمن الوطني، من قادة وضباط ووكلاء يوصلون ليلهم بالنهار حفاظا على أمننا ونحن نغط في نوم عميق.
ولا يتم الحديث عن المكاسب الأمنية دون التعرض للجيش الوطني الذي أذهل بمقاربته الأمنية لمكافحة الارهاب جيوش المنطقة، نظرا لما تحقق بعد تطبيقها من مكاسب أقلها درء خطر الإرهاب وتأمين الحدود- على شساعتها- والرفع من الجاهزية القتالية لافراده.
وختاما فإنه علينا كصحفيين التحلي بقدر ولو يسير من المهنية أولا، والأخلاق ثانيا، والوطنية ثالثا، خاصة إذا كنا بصدد الكتابة عن الأمن والجيش وكل مقدسات البلاد ورموزها السيادية.
الغد