الهواتف الذكية تزيد التعاسة

ثلاثاء, 06/14/2016 - 04:33

بتسهيل وتسريع الإنتاجية، كمثال تطبيقات التراسل الفوري، والتي يتناقش عبرها موظفو الشركة أو القسم الواحد حول الواجبات والمهام. وتطبيقات البريد الإلكتروني للتصفّح والردّ على الرسائل المهمة خارج أوقات العمل، وصولاً للمقالات والتطبيقات التي يقرؤها المستخدم في سعيه لتوسيع معلوماته حول موضوع معيّن. 

ومع ازدياد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، نشطت التطبيقات المرتبطة بالإنتاجية، وبالتالي أصبحت تشكّل حيّزاً مهماً من حياة ملايين من الناس الذين يقضون يومياً ساعات على أجهزتهم الذكية. لكن هل خطر ببال أحد أنّ الطريقة الأمثل لزيادة الإنتاجية هي بوضع الهاتف بعيداً وعلى النظام الصامت؟ إنّها الطريقة الأفضل بحسب دراسة نشرت مؤخراً في مؤتمر التفاعل بين الإنسان والحاسوب لعام 2016، والتي قام خلالها الكتاب كوستين كوشليڤ، جيسون بروكس، وإليزابيث دان بتجربة ممتدة على جزأين.

بداية، ولمدة أسبوع واحد، طُلب من المشاركين، والذين تمّ اختيارهم من عامة الناس وبطريقة عشوائية، تحقيق أقصى قدر من الإلهاء عبر الانقطاع المتكرّر من قبل الهاتف عن طريق الحفاظ على التنبيهات على الهواتف، والتي بقيت في متناول أيديهم وعلى مرمى أبصارهم طوال الوقت. في الأسبوع التالي، طُلب العكس تماماً من نفس المجموعة، عن طريق الحد من التنبيهات غير الضرورية، وإبقاء الهاتف بعيداً قدر الإمكان عن المستخدمين. 

كيف جاءت النتائج؟ أفاد المشاركون عن مستويات أعلى من الغفلة، وعدم التركيز وفرط الحركة عندما كانت التنبيهات عالية على هواتفهم، وبالتالي انخفضت الإنتاجية لديهم وتأثّرت نفسيتهم. ليس من الصعب فهم حالة الإلهاء الدائمة، والتي أدّت إلى انخفاض الإنتاجية، ولكن لماذا تأثّرت نفسية المستخدمين؟ للإجابة، يمكننا النظر إلى دراسة تمّت عام 2010 من قبل ماثيو كيلينغ وورث ودانيال غيلبرت. الورقة الختامية للدراسة حملت اسم "التعثر على السعادة"، قالت في فقرة الافتتاح: "خلافاً لغيرها من الحيوانات، ينفق البشر الكثير من الوقت في التفكير في ما لا يجري حولهم، كالتفكير في الأحداث التي وقعت في الماضي، أو ما يمكن أن يحدث في المستقبل، وغالباً في ما لن يحدث على الإطلاق. في الواقع، "الفكر المستقل عن الواقع" أو "تجول العقل في الافتراضيات" هما عاملان أساسيان في نمطية عمل أي دماغ عند البشر. وعلى الرغم من أن هذه القدرة التطورية هي إنجاز رائع بما يتيحه للناس من قدرة على التعلم، إلا أنّه قد يكون له تكلفة عاطفية. فالعديد من التقاليد الفلسفية والدينية أكّدت أن السعادة هي في العثور عليها من قبل الذين يعيشون هذه اللحظة (الآن)، ويتم تدريب الممارسين لمقاومة العقل للحفاظ على لحظات السعادة. 

لكن هل هم على حق؟ من أجل معرفة ذلك، وضع الكاتب تطبيقاً على الهواتف الذكية من خلاله تمّ طرح مجموعة من ثلاثة أسئلة سريعة للمشاركين في أوقات عشوائية. وكانت الأسئلة كالتالي: "كيف تشعر الآن؟"، "ماذا تفعل الآن؟" و"هل تفكر في شيء آخر غير ما تفعله حالياً؟". الإجابة على السؤال الأخير محصورة في واحدة من أربع طرق: "لا، نعم، شيء لطيف، نعم، شيء محايد، أو نعم، شيء غير سار". وكان أول اكتشاف للباحثين أن عقول الناس تجولت في كثير من الأحيان، بغض النظر عما كانوا يفعلون. العقل تجول في 46.9 بالمائة من العينات وما لا يقل عن 30 بالمائة من العينات التي أخذت خلال كل نشاط. وكان الاكتشاف الثاني أن الناس كانوا أقل سعادة عندما كانت عقولهم تتخبط مما كانت عليه عندما لم تكن. وكان هذا صحيحاً في جميع الأنشطة. هذا وكان الناس أكثر عرضة للتجول على المواضيع سارة من المواضيع الكريهة أو موضوعات محايدة، بيد أنّهم بالمطلق لم يكونوا أكثر سعادة عند التفكير في موضوعات ممتعة. وكانت التعاسة عند التفكير في الموضوعات المحايدة أو الموضوعات غير السارة.

واختتم البحث بالنتيجة التالية: "العقل البشري في تجوال دائم، والعقل الذي يجول كثيراً هو عقل غير سعيد". ولئن كان صحيحاً أن عقولنا تميل بطبيعة الحال يومياً بضع مرات، فإنّ أجهزتنا التكنولوجية تزيد الأمر سوءاً عبر مضاعفة الأمر. فالفكر يجول أكثر مع كل استخدام طويل لتلك الأجهزة، والإلهاء والشرود يزيدان من خطر تأثر المستخدم وإصابته نفسياً. ولنكون أكثر سعادة، علينا التركيز على ما نفعله، هنا. أي في الواقع القريب، لهذا علينا وضع هواتفنا الذكية بعيداً. 

 

العربي الجديد