سترافور stratfor هي وكالة خاصة للاستعلامات، وقد صارت مرجعاً في مصداقتِها وجديتها.، وخصوصاً في قدرتها على القراءة الجديّة للسياسات الإفريقية، ما جعل أسهمها ترتفِع في مجال الهيئات الاستشارية ومراكز قراءة السياسية العالمية. مؤخرّا، في التاسع مايو الحالي، تناولت سترافور في مقال بعنوان “ أين ستتدخّلُ فر
أين ستتدخل فرنسا في المرة القادمة؟
“يُقدِّمُ دور فرنسا التقليدي في إفريقيا أساساً يمكن منه تقييم الظروف التي قد تُسبِّبُ تدخلاً مستقبلياً في القارّة. وكانت الصراعات العديدة الماضية التي تدخلّت فيها فرنسا قد تعلّقت بالسقوط شبه التّام للسلطة في مستعمرة سابقة. ولكن طالما لا تُهدِّدُ هذه ظروف الأمن فإن باريس يمكن أن تتسامح مع مستوى معيّن من عدم الاستقرار، كالتمرد في منطقة نائية. وعلى ضوء هذه الاعتبارات فإن الوضعية في موريتانيا تعطي إضاءة محتملة. فموريتانيا، الضعيفة في أحسن الظروف، قد استخدمت طويلاً المصادر الاقتصادية لشراء الدعم للحكومة في نواكشوط في أوساط الفئات القبلية العديدة. ولكن مصادر البلد تتضائل الآن وتسقط في أيدي عشيرة الرئيس. ونتيجة لهذا فإن طوائف موريتانيا القبلية، التي يعتبر دعمها أساسيا في الحفاظ على الوئام في البلد، قد أصبحت هائجة.
وعلاوة على هذا فإن رئيس البلاد محمد ولد عبد العزيز الذي أمسك بالمنصب منذ انقلاب 2009 قد يريد الدفع بمأمورية ثالثة مثيرة للجدل. وقد يتعمّقُ هذا الشرخ في البلد، ويمكن أن يؤدي إلى محاولات انقلاب، وهو حدثٌ مألوفُ في نواكشوط. وإضافة لهذا فإن المجموعات الإرهابيّة الجهوية كالقاعدة قد استخدَمت بنجاح موريتانيا كمنطقة معبر للهجمات في البلدان المجاورة. وإذا اضطرت المجموعات أن تعيد توجيه جهودِها لزعزعة استقرار نواكشوط أو استخدام الأراضي الموريتانية للقيام بعمليات وإمدادات عابرة للدول فإنها قد تخلق منافذ هامة إلى سكان موريتانيا المتذمرِّين. وبما أن موريتانيا تقعُ في العموم خارج مجال “عملية باركان” فإن المجموعات الإرهابيّة قد تجد مجالا أوسع للعمل هنالك. وإذا استمرّ الرئيس في تضييق أولوياته الزبونية، مانعاً المصادر عن القبائل وبقية المُكوِّنين ومُزعِجً التوازن التقليدي للقوى فمن المحتمل أن تقوم ردّة الفعل ضدّ الرئيس وعشيرته.
في هذا الإطار فإن فرنسا، التي مصلحتُها العليا هي الاستقرار، قد ترى في ولد عبد العزيز خطراً على الأمن الإقليمي. ولتخفيف هذا الخطر فإن فرنسا قد تقدِّمُ معلومات استخبارية وتشجيعات للقوى المتحالفة ضدّ الرئيس. ولكن إذا بزغ عدم استقرار أعمق في موريتانيا فمن الأرجح أن باريس ستتضطرُّ للتدخل بشكل أكثر إعلاناً. من الأرجح أن فالفاعلين الدوليين الآخرين، كالولايات المتحدة، سيحثّون فرنسا على العمل لأنها تبقى البلد الوحيد الذي له مصلحة ومقدرة ورأس المال السياسي والمعرفة الجهوية للقيام بهذه المهمة. وليس هذا حقيقة فقط في موريتانيا. وبسبب هذه الحقيقة، فإن تدخل فرنسا في إفريقيا سيستمر.”
نقلا عن تقدمي