موريتانيا: بعد وزير المالية وزير العدل يوقظ جدل تمديد ولاية الرئيس

ثلاثاء, 03/29/2016 - 08:55

أيقظت تصريحات لوزير العدل الموريتاني إبراهيم ولد داداه أمام جلسة علنية للبرلمان أكد فيها استحقاق الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ولايات رئاسية متعددة، أمس جدلاً واسعاً في صالونات السياسة وفي دهاليز شبكات التواصل.

ورفض وزير العدل مطالبة برلمانيي المعارضة له بسحب كلامه المعارض للدستور قائلاً «أنا هنا وزير، والحقيبة الوزارية هي حقيبة سياسية ، لذا لن أسحب كلامي».
وقوبلت تصريحات الوزير بموجة تصفيق حارة من برلمانيي الموالاة الذين يشغلون غالبية مقاعد الجمعية الوطنية.
وأعادت هذه المطالبة التي جاءت بعد أخرى لوزير المالية قبل أيام، النقاش بصورة ساخنة حول تعديل الدستور للتمديد للرئيس الموريتاني الذي تنتهي ثاني ولاية له غير قابلة للتجديد في عام 2019.
وكان الشيخ ولد بيبه القيادي في حزب التجمع (الإسلاميون) أول من دون أمس مطالبة وزير العدل بالاعتذار للشعب عن تصريحاته الأخيرة داخل البرلمان.
وقال ولد بيبه «البعض يأتي متأخراً ثم يحاول حرق المراحل بالتزلف للحاكم لا بالقيام بمهامه المنوطة به ولا بتطوير قطاعه ولا بخدمة يقدمها لشعبه لكن بإبداع افكار تملقية لا تفيد غير تكريس الدكتاتورية وتثبيت أركان الظلم والجور».
وختم قائلاً» يجب أن يعتذر الوزير ليس للنواب فقط، بل لكل الشعب وللتاريخ والجغرافيا».
وكتب السفير باباه سيدي عبد الله الناطق السابق باسم وزارة الخارجية الموريتانية تحت عنوان «مسرحية التمديد» قائلاً «لقد أزيح الستار عن مشهد خطير من ملهاة التمديد وجس النبض التي يحاول الرئيس عزيز إخراجها وهو فى حيرة من واقع ومآلات حكمه، وإذا صح ما يرُوج من نيته زيارة ولاية الحوض الشرقي، فتأكدوا أن المشهد المقبل من المسرحية سيكون «إخراج» مسيرات شعبية تهدده بالويل والثبور إذا لم يعدل الدستور ويستجب لمطلب رئيس وزرائه، أو – على الأقل- مطلب وزيريْ المال والعدل، وذلك أضعفُ «التعديل»؛ عندها سيطلب الرئيس من أحد «صحافييه» سؤاله في النعمة عن نيته تعديل الدستور فيرد بالقول : «لا…لم أكن (أنْتَوِي) تعديل الدستور…أنا شخصياً لا أرغب فى السلطة…لكنني أخاف على نفسي من الجماهير التي خرجت اليوم تتوعدني إن لم أعدِّل الدستور… «.
وانتقد السفير باباه تصريحات الوزراء المطالبة بالتمديد فأكد أنه «قد يُستساغ حماسُ وزير شابٍ لِلَعب أدوار البطولة فى مسرحية هزلية، لكن المستهجَن هو قَبول وزير شابَ مفرقاه في الدفاع عن العدل تشجيعَ أي عمل قد يؤدي إلى خرق القانون».
وأضاف «وزيرُ «أمطري حيث شئتِ فسيأتيني خَراجك» ربط حاضره ومستقبله بالرئيس عزيز الذي جمع له الإقتصاد والمالية، ويحضره للوزارة الأولى في حكومة التمديد والمصير المشترك، أما الوزير الذي يريد له الرئيس عزيز أن يتحول من مُقْسط إلى قاسط فيبدو أن دوره فى مسرحية التمديد سيكون استنباط الكفَّارة القانونية لحنث الرئيس، كإطعام ستين نائباً في مأدبة بالقصر الرئاسي، أو تحرير رقبة متهم بالإتجار بالمخدرات، أو صيام شهرين متتالييْن عن الإساءة إلى «عَجَزة» المعارضة».
وتابع باباه مقاله الذي حاز عشرات الإعجابات والمشاركات قائلاً «ممثل آخر في هذه المسرحية (الوزير الأول الحالي) بدأ يستشعر خطر صعود نجميْ المال والعدل، وتقض مضجعَه ثلاثةُ أسئلة : هل بالمال السياسي سيشتري الرئيس أصوات أهلنا ويستغني عنا؟ وهل سيعين وزيرا أولا من وسط البلاد، كما فعل ملهمه معاوية يوم اختار سيدي محمد ولد ببكر؟ وهل سيقلب كل القواعد ويعين ابن عم غريمه السياسي الأبرز وزيرا أول؟».
«إن الرد على رسالة فريق ملهاة التمديد، يضيف باباه سيدي عبد الله، يجب أن يكون واضحا وحاسما بالرفض العلني والقوي للتلاعب بالدستور، والوقوف فى وجه محاولات إطالة عمر نظام همُّه الأوحد فى حاضره: تأمين مستقبله من لعنات ماضيه، أي أن سقف تنازلاته – مُكرها- سيكون الخروج من الحكم والتشبث بالسلطة..وتلك مسرحية أخرى يستعد أبطالها خلف الستار».
وفي عجاج هذا النقاش ، أطلق مدونو ومغردو المعارضة وسم #‏تملقوا_بعيدا_عن_الدستور لانتقاد دعوات الوزراء للتمديد، حيث أكدت الصحافية منى بنت الدي القيادية في المعارضة أن «وزير الظلم و التملق ووزير التجويع والنفاق يطالبون تحت قبة برلمان شبيكو بالاعتداء على الدستور مرة أخرى». وتساءلت بنت الدي في تدوينتها قائلة «ترى هل ستسكتون على هذه الإهانات و الإعتداءات؟ أعني بهذا السؤال كل ذي ضمير حي».
وعلق محمد ولد دحان على التدوينة قائلاً « أيتها المناضلة، هذا الذي يسعى إليه الرئيس عزيز واضح للجميع».
وتدخل المدون محمد عبد الله أحمدو ليقول «عزيز لعب به الغرور ولن يترك السلطة الا بانقلاب او ثورة عارمة».
وكتب أبوبكر ولد المختار الشيخ «الاعتداء على الدستور اعتداء على كل فرد موريتانى؛ ولذا فإنه على كل مواطن غيور على بلده أن يقف وبكل حزم أمام عصابات الإجرام».
وكتب محمد جمال محمد «هذا كله من تكرار الموضوع تحت قبة البرلمان الهدف منه أن يتعود الشعب على سماع التمديد حتى لا يفاجأ به إن وقع وهو سيقع».
وفي خضم النقاش تدخل رجل القانون محمد عبد الجليل ولد يحيا المختص في القانون الدستوري برأي قانوني حول مدى إمكانية تعديل بعض أحكام الدستور، فقدم توضيحات لبعض الملابسات والإشكالات الدستورية والقانونية المطروحة.
وأكد « أنه لو طرحنا احتمال نية الرئيس تعديل الدستور؛ فإنه لو لجأ إلى عرض اقتراح التعديلات على الشعب بواسطة استفتاء، فلن يجد صعوبة في التصويت عليه بـ«نعم» نظراً لأننا نعرف حال شعبنا ومدى رضوخه لكل التأثيرات الوظيفية والاجتماعية والسياسية، وعدم تقديسه لعقوده ودساتيره، لكن الاستفتاء قد يكون من الصعب اللجوء إليه نظراً لتكاليفه المادية واللوجستية الكبيرة، قد لا تكون ميزانية الدولة في الظرف الحالي قادرة على تحمل تلك الأعباء، وبالتالي فإن احتمال عرض التعديل على البرلمان هو الاحتمال الأقوى».
«وإذا كان الرئيس ينوي التعديل أو يرغب فيه وقرر عرض اقتراحات التعديل على البرلمان، يضيف الخبير، فسيتم التصويت عليه ب»نعم» بكل تأكيد – للأسف- فالرئيس يتمتع بأغلبية برلمانية بإمكانها أن تشرع له كل ما يريد تمريره؛ وكلنا يعرف وضعية نوابنا فهم جزء من مجتمع مازالت تسيطر عليه النزعة النفعية المصلحية الشخصية «الضيقة».
وفي تحليل لحالة الدستور الموريتاني أكد الخبير ولد يحيا أنه من بين الدساتير التي أخذت بمبدأ الحظر الدائم لتعديل بعض أحكام الدستور، حيث تنص الفقرة الأخيرة من المادة 99 من هذا الدستور الموريتاني على أنه «لا يجوز الشروع في أيّ إجراء يرمي إلى مراجعة الدستور، إذا كان يطعن في كيان الدولة أو ينال من حوزتها أراضيها أو من الصبغة الجمهورية للمؤسسات أو من الطابع التعددي للديمقراطية الموريتانية أو من مبدأ التناوب الديمقراطي على السلطة والمبدأ الملازم له الذي يحدد مدة ولاية رئيس الجمهورية بخمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وذلك طبقا لما تنص عليه المادتان 26و28 المذكورتان سالفاً».

عبد الله مولود-نواكشوط- «القدس العربي»