مُغتَسَلٌ من ليالي الريب

اثنين, 03/14/2016 - 00:46

شرَّفْتُ حرفِي بوصل الهاشميِّ فَلَا ** تَسلْ ذُرى النُّورِ مَا أَغْرى بِهَا الْجُمَلا ؟ !

إِنِّي وَ مُفْتَتَحُ الأُخْرى شَفَاعتُهُ ** أراهُ مُفْتتحَ الدُّنيا لِمَنْ عَقِلاَ

مُضَيَّعاتٌ قَوافِيَّ الَّتِي سَلَفتْ ** ما لمْ تَكُنْ مِنْ لَيَالِي الرَّيْبِ مُغْتَسَلاَ

سَأجعلُ العُشب جِلباباً لقافِيَتِي ** و أمنح اليائسين الضوء و الأَمَلَا

و أصْبُغ الدمع بالأشواقِ طافِحَةً ** إلى البشيرِ النَّذيرِ الخاتمِ الرُّسُلاَ

مُعلِّلاً عَبَراتِي بِالوُصولِ فَمَنْ ** يَقِفْ عَلَى بَابِه حُبًّا كَمَنْ دَخَلَا

هذا حبيبي لواءُ الحمدِ فِي يَدِه ** فلستُ مُتِّخِذَا منْ دونِهِ السُّبُلَا

طالتْ مُعاقرتِي خَمْر الكَلامِ فَمَا ** أَغْنتْ وَ هلْ أَحدٌ قبْلِي بِذاكَ سَلاَ ؟ !

لكنْ سأُنفِقُ عُمْري في مَحبَّتِه ** رجاءَ مَغفرةٍ أمْحُو بِهَا الزَّلَلَا

أهْدَى سُراقةَ مُلكًا يومَ همَّ بِهِ ** فكيْفَ يَحرِمُ منْ أهْدى لهُ المُقَلَا ؟ !

يا مرفَأَ الحُبِّ يَا مِسكَ الخِتامِ وَ يَا ** عمامةَ الْمَجْدِ يَا أَعْلَى الأنامِ عُلَا

أتيْتَ فَالحِقَبُ الخرساءُ نَاطِقَةٌ ** و الكوْنُ يَرجُفُ تصديقًا بِمَا نَزَلَا

كَأنَّ غَارَ حِراءٍ إذْ مَكَثْتَ بِهِ ** أرادَ وجْهَكَ دُونَ الْخَلْقِ فَانْعزَلَا !

فَكُنتَ آخِرَ مَبْعوثٍ وَ أكْرَمَهُ ** وَ كُنْتَ أَوَّلَ شَمْسٍ تَصْعَدُ الْجَبَلَا !

بَدَأْتَ فرداً فَأفراداً فَطائفةً ** فَأُمَّةً تَغْرِسُ الْأَنْوارَ وَ الْمُثُلَا

جَادَلْتَ قَوْمَكَ بِالْحُسْنَى مُجَاهَدَةً ** وَ جِئْتَ بِالحَقِّ وَ الْبُرهانِ مُكتَمِلَا

آيَاتِ صدقٍ مِنَ الْفُرقانِ مُعْجِزَةً ** غَرَّاءَ لَا وَهَنًا ضَمَّتْ وَ لَا خَلَلَا

تَلوْتَهَا و أَمرتَ العالمينَ بِهَا ** مِنْ بَعدِمَا حَكَّمُوا الأصنامَ وَ الدَّجَلَا

وَ النَّاسُ فِي مِلَّةِ التَّقْوَى سَوَاسِيَةٌ ** فَيَمَّمُوا بِهُداكَ الْعِلْمَ وَ الْعَمَلَا

العَدْلُ حُكمكَ وَ الإحسانُ ذُرْوتُهُ ** نَداكَ يَا خيرَ منْ أَعطَى وَ منْ عَدَلَا

إِنْ تُبْلِ دِرْعِي سَكَاكِينُ الزَّمانِ فَقَدْ ** جَعلتُ مدحَ رسولِ اللهِ لِي حُلَلَا

أَلْهَى الزِّحامُ سُراةَ الْقَوْلِ فَانْشَغَلُوا ** وَ مَا رَضِيتُ سِوَى تَوْقِيرِهِ شُغُلَا

عِزُّ الْمُحِبِّينَ إِنْ هَامُوا بِطَلْعَتِهِ ** وَ بَهْجَةُ الشِّعرِ إِنْ غَنَّى لَهُ جَذَلَا

يَا آيَةَ الْخُلُقِ الْكُبْرى وَ أَجْمَلَ مَنْ ** مَشَى عَلَى الْأَرْضِ أَوْ فَوْقَ السَّمَاءِ عَلَا

تُغَالِبُ الرُّوح أَوْجَاعِي وَ لِي أَمَلٌ ** أَنَّ الرِّضَا بِكَ يُنْسِي الْهَمَّ وَ الْعِلَلَا

مَحَوْتَ كُلَّ ضَلالٍ بِالْهُدَى وَ سَمَتْ ** بِكَ الْخِصالُ فَمِنْهَا يَقْبِسُ الْفُضَلَا

و ( ما تظنون أني فاعل بِكُمُ ؟ ! ) ** ذاكَ الْعطاءُ .. وَ هَلْ يَوْمًا أَجَبْتَ بِلَا ؟ !

مِيزَانُكَ الشَّرْعُ لاَ تَخْفَى مَعالِمُهُ ** وَ حَسْبُكَ اللهُ لَا تَبْغِي بِهِ بَدَلَا

تَقُولُ ( أَدَّبَنِي رَبِّي فَأَحْسَنَ تَأْ دِيبِي ) فَمَا قَوْلُهُمْ فَخْرًا أَنَا ابْنُ جَلَا ؟ !

مُحمَّدٌ سُلّم الدَّاريْنِ بَابُهُمَا ** تَاجُ الْمَكارِمِ زَادُ الصَّحْبِ وَ الْجَفَلى

أَحْبُو إِلَى قِمَّةِ الْمَعْنَى لِأَلْثِمَهُ ** وَ يَا سُرورَ فَتًى مِنْ صَفْوِهِ نَهِلَا !

وَ تَنْتَشِي لُغَتِي بِالْوَصْفِ شَاكِرَةً ** أَنَّ الْبَيَانَ بِحَمْدِ اللهِ مَا خُذِلَا

و كَيْفَ لاَ تُدرِكُ الألْفَاظُ غَايَتَهَا ** إِنْ كَانَ مَنْ قَصَدَتْهُ سَيِّدَ النُّبَلَا ؟ !

أَتَى الْمدينة فَاخْضَلَّتْ حدائِقُهُا ** سِلْمًا وَ كَانَ أُوَارُ الحرْبِ مُشْتَعِلَا

آذَاهُ مَنْ سَفِهُوا بِالْكُفْرِ أَنْفُسَهُمْ ** فَمَا تَوَعَّدَهُمْ بَغْيًا وَ لاَ جَهِلاَ

إذا غزا فبأمر الله غَزْوَتُه ** لا غَضْبَةً لحظوظ النفس أو خَطَلاَ

هذي صحائفنا في الحرب ناصعة ** ما دنَّستْ حُرُما ما بادَأتْ مِلَلا

يا قومُ لا تقتلوا طفلاً و لا امرأةً ** و لا المُسنَّ وَ لاَ ذَا الدَّيْرِ مَا اعْتَزَلَا

رِفْقا بأسراكُمُ .. لا تَقطعوا شَجرَا ** لا تَخرُجُوا بَطَرًا .. لاَ تَحرِقُوا نُزُلاَ

لَو اتَّبَعْنَا خُطَى المُختارِ مَا لَعِبتْ ** بِنَا القُرونُ وَ لَا ضاقَتْ بِنَا خَجَلا

مَا لِلْيَراعِ شَكَا بَثِّي فَعاتَبَنِي ** وَ لا أشدَّ مِنَ الغَالِي إذا عَذَلَا ؟ !

تَنْهِيدةٌ خَرَقَتْ كَتْمِي فَقلتُ لَهَا ** عُودي إلى المَدْفَن النَّائِي وَ لَوْ أَجَلَا

شواطئ النُّورِ قدْ نادتْكِ فَاغْتَرِفِي ** عَذْبَا فَلَا كَدَرًا جَاوَرْتِ أوْ وَشَلَا

جُرحُ النَّوائِبِ في قلبي أُكَابِدُهُ ** مَسَحْتُهُ بِيَدِ الْأَمْدَاحِ فَانْدَمَلَا

إنِّي إذا نَثَر الهادي كِنَانَتَهُ ** وَ أَحْسَنَ الشِّعْرُ فِي سَامِي الذُّرَى الْجَدَلَا

دَعوْتُ فِي صَلَواتِي أنْ أكونَ بِهَا ** سهمًا فَأجْعَل مِنْ حسَّانَ لِي مَثَلَا

ها قد تَبِعْتُ الْأُلَى شَفَّتْ عِبَارَتُهُمْ ** وجدًا بِه وَ تركتُ النَّدْبَ وَ الطَّلَلَا

لَا تَرتَعُ الرُّوحُ إِلَّا فِي مَحاسِنِه ** وَ لَا مَخُوفَ إِذَا قلبٌ بِهِ اتَّصَلَا

طوبَي لِمنْ عَشِقُوا أطيابَ سيرتِهِ ** فَمَا اسْتعاضُوا بِها رأيا وَ لا نِحَلَا

و إنَّ موعدَكُمْ بالحوضِ تَذْكِرةٌ ** لِذَا أُجادِلُ حُسْنَ الظنِّ وَ الْوَجَلَا

بِشارةٌ لِأَسارَى الذنبِ نِعْمَتُه ** وَ رحمةٌ بِسَنَاها الدينُ قدْ كَمُلَا

فَرَوِّنَا يَا كريمَ العفوِ مِنْ يَدِهِ ** وَ نَجِّ منْ كُرُباتِ الحشر منْ غَفَلَا

دَعَا بأنْ يَصِلَ الأرحامَ قاطِعُهَا ** و بالزكاة فلا عذرٌ لِمنْ بَخِلَا

و بالصّلاةِ و بِرِّ الوالديْنِ وَ أنْ ** نَرضَى بخالِقِنَا لَا اللاتَ أوْ هُبَلَا

لمْ تَبْقَ مَوْؤُودَةٌ إِلاَّ بِهِ فَرِحتْ ** هُوَ الحياةُ وَ كانُوا قَبْلَهُ هَمَلَا

مَحَجَّةٌ سمحةٌ بيضاءُ واضحةٌ ** مَنْ عَافَهَا حَصَدَ الْخَيْبَاتِ وَ الْخَبَلَا

يَا رَبّ هلْ لِبَنِي الإسلامِ مُنتَصِرٌ ** إِلَّاكَ يَكْشِفُ هَذَا الطَّارِقَ الْجَلَلَا

فَتَأنَسُ الرُّوحُ بِالأقْصى وَ تَحضُنُهُ ** وَ يَسْعَدُ الْقلبُ بِالْمظْلومِ مُحْتَفِلَا

أَخِيطُ مِنْ كَلِمَاتِي وَشْيَ عَاطِفَةٍ ** سَلْوَى لِمَنْ تَعِبُوا مَرْسُومةٍ شُعَلَا

وَ تَقْرُبُ الشَّمْسُ مِنِّي كَيْ أُلاَمِسَهَا ** فَيَهْتِفُ الحقُّ ضُمِّي ذَلِكَ الرَّجُلَا

 

الشيخ ولد بلعمش