أكدت مراجع رسمية، الأحد، امتلاك موريتانيا احتياطات ضخمة من الغاز تناهز الـ 110 تريليونات قدم مكعب، وهو معطى استراتيجي هام من شأنه الإسهام في إعادة تشكيل خريطة إنتاج الغاز على مستوى العالم، عشية عقد قمة منتدى مصدّري الغاز بالجزائر (29 فيفري – 2 مارس 2024).
بحسب إفادات مراجع متطابقة لـ "الإذاعة الجزائرية"، يستوعب حقل "بير الله" (100 كيلومتر من الساحل في المياه الإقليمية لموريتانيا)، النصيب الأكبر من هذا الغاز، إذ تقارب احتياطاته الـ 80 تريليون قدم مكعب، ويُرتقب أن يكون العام 2025 حاسماً في تجسيد استثمارات الحقل المذكور بحسب توقعات وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، الناني ولد أشروقه الذي أكّد عزم بلاده على تطوير القدرات النفطية والغازية وتثمينها.
من جهته، تبلغ احتياطات حقل السلحفاة الكبرى آحميم "جي تي إيه"، المشترك بين موريتانيا والسنغال، نحو الـ 25 تريليون قدم مكعب، ويعتبر هذا الحقل (120 كيلومتراً من الشواطئ الموريتانية)، أحد أكبر حقول الغاز العالمية، ويكفي احتياطي خزانا الغاز الطبيعي الموجودان بعمق كيلومترين في أعماق البحر لتأمين الإنتاج على مدار الثلاث عشريات مقبلة، علماً أنّ الإنتاج سيبدأ بحر 2024، بحجم يصل المليوني ونصف طن من الغاز المُسال سنوياً.
واعتباراً لما تتقدّم، تتموقع موريتانيا في الصف الثالث إفريقياً، عقب نيجيريا المتصدّرة (207 تريليونات قدم مكعب)، والجزائر (159 تريليون قدم مكعب)، واللافت أنّ موريتانيا تتفوق على مصر التي تملك مخزوناً يُقدر بـ 63 تريليون قدم مكعب، وليبيا بنحو 55 تريليون قدم مكعب.
وذهب خبراء الشأن الطاقوي إلى أنّ مشروع "السلحفاة آحميم الكبير" وحده سيدرّ مداخيل مهمة على موريتانيا، بقيمة تربو عن المائة مليون دولار سنوياً كمرحلة أولى، على أن تقفز العائدات في المرحلتين الثانية والثالثة من الإنتاج، إلى المليار دولار سنوياً.
وقال الوزير الناني ولد اشروقه، إنّ موريتانيا والسنغال تنسّقان لتطوير حقل السلحفاة أحميم الكبير للغاز المشترك، بوصفه مشروعاً استراتيجياً وحيوياً لكليهما، مسجّلاً أنّه تم وضع كافة الوسائل اللازمة لذلك، بما في ذلك وضع نظام فني وضريبي مشترك لتطوير المشروع.
وأوضح ولد اشروقه أنّ اللجان الفنية تشرف على مراقبة تطور المشروع المذكور، وضبط تكاليف منشآت الاستغلال من أجل استدامة وجدوى المشروع مع إعطاء أولوية قصوى للحفاظ على مصالح البلدين الاقتصادية.
خطط وتطلعات ورؤية القطب المستقبلي
في هذا البلد العربي الشقيق المُطلّ على المحيط الأطلسي، الذي لا يزيد إجمالي سكانه عن الـ 4.6 ملايين نسمة، تخطّط السلطات لإنجاح مسار التحول الطاقوي، من خلال تكثيف وتنويع خطط الاستثمار في مختلف المشاريع الطاقوية بما فيها الطاقات المتجددة والإيجابية.
وانطلاقاً من هذا المنظور، يركّز وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، الناني ولد أشروقه، على إيلاء سلطات بلاده الأولوية لتطوير مشروعات الغاز الطبيعي ومضاعفة إيراداته، خصوصاً وأنّ الطلب العالمي على الغاز سيشهد تزايداً متنامياً، يبلغ ذروته بحلول العام 2035، وسط اتساع الاهتمام بتعميق الخوض في الطاقة المنتجة من الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، لجعل الطاقة محركًا أساسيًا للاقتصاد المحلي.
ولأنّ موريتانيا تزخر بمقدّرات كبيرة لا تقتصر على الغاز، بل تمتدّ إلى المعادن (الحديد بشكل خاص) والطاقات المتجددة (تقديرات تكشف عن أربعة آلاف جيغاواط، بينها خمسمائة جيغاواط ذات طبيعة تجارية تنافسية يمكن تطويرها)، أوضح المسؤول الأول عن قطاع الطاقة في موريتانيا، أنّ الأخيرة تمكّنت من بلورة رؤية استراتيجية متكاملة، بغرض تحويل موريتانيا إلى قطب مستقبلي مندمج للطاقة المتجددة، يكفل إنتاج وتصدير الغاز، فضلاً عن استثمار وتسويق سائر المعادن الخضراء.
وفي سياق اهتمامها بتفعيل الهيدروجين الأخضر، وقّعت موريتانيا أربع اتفاقيات، لإنتاج نحو 85 جيغاواطاً، مع الإشارة إلى البدء في دراسات الجدوى لتطوير بعض هذه المشروعات، والشروع في أولى بواكير الإنتاج بحر عام 2027.
والتقى وزير البترول والمعادن والطاقة الموريتاني، الناني ولد أشروقه، الخميس، بوفد أوروبي رفيع المستوى والطرفان لتباحث الشراكة في مجال الطاقات المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر، سعياً لتطوير مقدرات موريتانيا.
الإذاعة الجزائرية