ألقى مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، خطابا اليوم "الاثنين"، خلال الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأشكال الرق المعاصرة، أمام الدورة الـ 54، لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف.
المفوض أكد خلال خطابه أن موريتانيا قامت بجملة من الإجراءات الفاعلة لمحاربة مختلف الممارسات الإسترقاقية، ولمعاقبة مرتكبيها، شملت اعتماد تشريعات وطنية تجرم وتعاقب الممارسات الاسترقاقية، وإنشاء محاكم مختصة في محاربتها، وتنفيذ خطة عمل وطنية لمحاربة الاتجار بالبشر، وإنشاء هيئة وطنية لمحاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.
نص الخطاب:
“بســــــــــــم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
السيدات والسادة؛
يطيب لي بداية أن أهنئ، باسم حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، السيد تومويا أبوكاتا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأشكال الرق المعاصرة، بما في ذلك أسبابها وعواقبها، على العرض الوافي الذي تقدم به أمامنا اليوم، بخصوص الزيارة التي قام بها إلى بلادنا في الفترة ما بين 04 إلى 13 مايو 2022. كما أشكره على مهنيته وعلى تعاطيه الإيجابي معنا طيلة مراحل الزيارة.
إننا إذ نشاطر المقررَ الخاص أغلبَ الخلاصات التي توصل إليها والتوصيات التي قدمها لنا، بعد اطّلاعه عن قرب على التقدم البيّن الحاصل في البلاد في مجال محاربة الرق بكافة أشكاله، نؤكد على وجود إرادة سياسية قوية وصارمة ومتواصلة للقضاء على جميع الظواهر الناتجة عن العقليات والممارسات البائدة، بما في ذلك الرق بجميع أشكاله، تنفيذا للتوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.
وانطلاقا من جدية هذا المسعى، أحرزنا تقدما هاما في المجال، كما أشار إلى ذلك المقرر الخاص في التقرير، خاصة من خلال اعتماد وتنفيذ خطة العمل الوطنية لمحاربة الاتجار بالبشر، نذكر منه:
تعزيز الترسانة القانونية الوطنية باعتماد وتطبيق نصوص تشريعية مطابقة للمعايير والاتفاقيات الدولية المصدّق عليها، خاصة القانونين 031/2015 و017/2020 المتعلقين على التوالي بتجريم العبودية والاتجار بالأشخاص؛
تكثيف الحملات التحسيسية والدورات التكوينية على تلك التشريعات على عموم التراب الوطني، استهدفت السلطات الإدارية والقضائية والأمنية والمجتمع المدني والجمهور العام؛
تكريس مبدأ محاربة الإفلات من العقاب، عبر تفعيل عمل المحاكم المختصة وتقوية قدراتها، وإصدارها لأحكام قضائية رادعة في هذا الصدد؛
إصدار ونشر التعميم الوزاري المشترك بين وزراء العدل والداخلية والدفاع، لتوجيه وحث السلطات المختصة، إلى إعطاء اهتمام خاص لقضايا الرق والاتجار بالبشر، والمعالجة الحاسمة للشكاوى والحالات المبلغ عنها؛
مؤازرة مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، لضحايا جرائم العبودية والاتجار بالبشر من بداية مسار الدعوى العمومية ومواكبتهم ماديا واجتماعيا؛
تمكين المفوضية من آلية القيام بالحق المدني في المساطر القضائية المتعلقة بالممارسات الاستعبادية، من أجل مواصلة الإجراءات القضائية حتى في حالة انسحاب الطرف المدني؛
إنشاء خلية متابعة مشتركة بين وزارة العدل ومفوضية حقوق الإنسان والنيابة العامة، من أجل رصد وإحصاء الملفات المتعلقة بالعبودية والاتجار بالأشخاص المعروضة أمام القضاء. الأمر الذي مكن من إعداد وبلورة قاعدة بيانات دقيقة شملت 106 قضية جارية لسنة 2022 -2023، منها 57 ملفا صدرت فيها أحكام قضائية، ضمت 98 متهما، تمت إدانة 55 منهم بالسجن النافذ، و15 بالسجن الموقوف، وإدانة 1 بعقوبات بديلة عن الحبس. أما الملفات التي لم تصدر فيها أحكام قضائية، فقد بلغت 49 ملفا، ضمت 82 متهما، من ضمنهم 41 بالحبس الاحتياطي.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
السيدات والسادة؛
تتويجا لما سبق، تم إنشاء وتفعيل الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، التي تعمل على:
تسيير صندوق دعم ومساعدة ضحايا العبودية والاتجار بالأشخاص؛
وضع الآلية الوطنية لتحديد وإحالة وتوجيه الضحايا من أجل حمايتهم والتكفل بهم؛
وضع وتسيير قاعدة بيانات بالاعتماد على الاحصائيّات والمعلومات المتعلقة بمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين؛
التنسيق الفعال بين مختلف الفاعلين، وأصحاب المصلحة.
كما أحيطكم علما، أن حكومة بلادي قامت بتشكيل لجنة وزارية رفيعة المستوى لمحاربة الاتجار بالبشر، برئاسة معالي الوزير الأول، وإنشاء لجنة فنية، لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المقرر الخاص عقب زيارته موضوع التقرير.
وفي الأخير، نؤكد لكم أن طموحنا أن تصبح موريتانيا نموذجا يحتذى به في شبه المنطقة في ميدان حقوق الانسان، كما نؤكد التزامنا بمواصلة وتعزيز التفاعل الإيجابي مع مختلف آليات مجلس حقوق الإنسان.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.