كلما خلدنا إلى الراحة من زيغ مخمور سكران ثمِل من ساسة السوس، ابتلانا الله بمعتوه غبي مخبول من علمائها الرُّكَّع لغير الله، مدعيا، على هَدْي من سبقوه، أن وجودنا، في الأصل، خطأ، وأن بقاءنا خطأ، وأن حياتنا خطأ. أغراه وأغواه، كما أغرى وأغوى السابقين واللاحقين، خمول ردات فعل جماهيرنا، وصبر أولي الأمر فينا، وانبطاح نخبنا أمام ما تتعرض له البلاد من سهام الشر الريسوني "الفاسي" الفاشي.
إذن، تطاولوا، كما يحلو لكم.. بيضوا وأصفِروا، ونقِّروا ما شئتم أن تنقروا، فقد خلا لكم الجو وأنتم "كُلَيْب" زماننا بامتياز.
لكن أدهى ما يصيب علماء التوسع الريسوني أن حبل ذاكرتهم مقطوع كـ"دابرهم الفاسي"، إذ لا يتذكرون أن البيعة، إن افترضنا زيفا بوجودها وشرعيتها، منقطعة، لا سرمدية، وإلا لكانوا، هم أنفسهم، أمويين إلى يوم الدين. فكيف يبايعون العلويين وفي أعناق أجدادهم بيعة شرعية للسعديين!! وكيف يبايعون السعديين وفي أعناق آباء أجدادهم بيعة شرعية للمرينيين!! وكيف يبايعون المرينيين وفي أعناق أجداد آباء أجدادهم بيعة شرعية للموحدين!! وكيف يبايعون الموحدين وفي أعناق أجداد آباء أجداد آباء أجداد أجدادهم بيعة شرعية للمرابطين، وأخرى للأدارسة، فالعباسيين، فالأمويين!!. جهل العلماء الريسونيين لفقه السُّلَط، ولتاريخ الدولة الاسلامية، ولصيرورة الزمان، ولإكراهات المكان، مصيبة ريسونية تنهدُّ لها الجبال، ويشيب من خَطبها الولدان. لذلك أصبح لحم العلماء الجهلة، في يومنا هذا، طريا، شهيا، سائغا، رائقا، حلوًا، ولذيذا.