في الحلقةُ الرابعة عشرةَ من سؤالات ابن أبي حاتم العوني عن فحولة الشعراء المحدَثين : قال الشريف حاتم بن عارف العوني أن الشعر الموريتاني يفتقر للإبداع وجاء في تدوينة للعالم السعودي علی صفحته علی الفيس بوک أن ، الشعراء الموريتانيين ، مقلديين للشعر الجاهلي مما أفقدهم الإبداع و في مايلي نص التدوينة: )قال ابن أبي حاتم( فإن هبطنا من المغرب إلى موريتانيا ، بلد اللغة والشعراء ، فمن في شعرائهم فحل عندك ؟ فقال : لم أطلع على شيء من شعرهم ؛ إلا ما كتبه الدكتور محمد المختار ولد أباه في كتابه )الشعر والشعراء في موريتانيا( ، وكنت قد استمعت مرارا لبعض من شعرهم ينشده لنا بعض الشيوخ استحسانا له . وعلماء موريتانيا كما ذكرتَ أهل علم باللغة نحوها وصرفها ، وهم مشهورون بقوة الحافظة ، وهذا منح شعراءهم ثروة لغوية كبيرة وتصرفا في الألفاظ ليس لغيرهم . مع ذلك كله : فالإبداع فيهم قليل ، وعامة شعرهم تقليد لشعراء العصور الأولى ، وتكرار لأفكاره ومعانيه . وعزز ذلك فيهم : حياة بدوية تشبه حياة القدماء ، وحافظة غلوا فيها على حساب الخيال ، فقل فيهم التجديد والاختراع في الشعر . وهذا الدكتور محمد المختار ولد أباه نفسه ، يقسم شعراء بلده إلى ثلاثة أقسام ، هم : - شعراء البلاغة والبديع . - وأنصار الشعر الجاهلي . - مجددون )وأقصى ما يبلغونه في التجديد : أن يصلوا لما يشبه مدرسة الإحياء( وقد صدق في ذلك ، فليس في النماذج التي يذكرها إلا التقليد المحض ، أو العناية الممتكلفة بالبديع وبالصنعة البلاغية )لا بالبلاغة( ، وأن عامة شعرهم قليل الإبداع جاف المشاعر ضيق الخيال ؛ إلا في البيت هنا والبيتين هناك . أما المجددون من شعراء موريتانيا الذين ذكرهم الدكتور من أمثال : سيدي محمد بن الشيخ سيدي ، وسيدي بابا ، وأبي مدين بن الشيخ أحمد ، وحرمة بن عبد الجليل ، وأبي بكر الفاضل ، وأمحمد بن أحمد يوره = فلم أجدهم يختلفون كثيرا عمن سبقهم ، إلا في الأشكال ، وفي بعض النقدات للمنهجين الآخرين . ومما يلفت الانتباه أن عامة ناظميهم وشعرائهم كانوا علماء بالفقه وبعلوم الشريعة ، وكلنا يعلم ما يوصم به شعراء الفقهاء ، من قلة شعرهم الجيد )وليس انعدامه( ، هذا ونحن نتحدث عن الرعيل الأول من الفقهاء ، فكيف بهم في الخلف المتأخر الذي تسأل عنه ؟! وقد كاد الدكتور محمد المختار ولد أباه أن يعترف بهذه الحقيقة ، عندما عقد فصلا بعنوان )مكانة هذا الشعر وقيمته( ، ليقول في نهايته : إن مقاييس الاستحسان تختلف ، وكأنه يقول لنا من خلال هذا التقرير : إنه لا يجد عند النقاد المعاصرين )منذ عصر مدرسة الإحياء إلى اليوم( مقياسا يمكن أن يستحسن شعر شعراء بلده ، وأنه على النقاد أن يعترفوا لأهل بلده بمقياسهم الخاص في الاستحسان ! )فانظر الكتاب المذكور من ص 65 -73- 77( . )قال ابن أبي حاتم( : يا شيخي ! هل تحب أن لا أنشر عنك هذا القول ؟! فإني لا آمن عليك من هاجيهم ، يكتب فيك ألفية ؟!! فقال الشيخ )وقد ضحك( : لقد تعرضت لما هو أولى بالخطر من هذا ، فما التفتّ لذلك ، ولا نظرت إلا إلى أمانة العلم . كما أني )يا بُني( ما وجدت لعداء الباطل )مهما اشتدّ( أثرًا حقيقيا على نفسي ، بل هو مما زادني جرأة ، حتى لقد صرت ألقى أذاه ضاحكا مستبشرا ، وكأنني أقول له : كنت في انتظارك ! وربما استبطأته ، فيأتيني على مهل منتفخا كأنه جبل ، ثم يمرّ بي مر السحاب !! فلا دري ! أعدم مبالاتي : هي من فرط شجاعة ؟! أم هي من موت إحساس ، على حد قول المتنبي : رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حتى *** فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ *** تَكَسَّرَتِ النِّصالُ على النصالِ.