المعارضة الموريتانية، كما أكدت ذلك مصادر مطلعة أمس، على وشك التشظي لمعسكرين أحدهما رافض لأي لقاء مع الحكومة قبل استجابتها لشرط الرد المكتوب على وثيقة المعارضة، والثاني يجمع المهرولين للحوار والقابلين بلقاء الحكومة لمعرفة ما جد لديها.
ويضم معسكر الرفض أحزاب تكتل القوى الديموقراطية برئاسة أحمد ولد داداه وحزب التناوب الديموقراطي وحزب طلائع التغيير، فيما يضم المعسكر الثاني بقية أحزاب ونقابات المنتدى المعارض.
ويعتقد مراقبو هذا الشأن «أنه إذا كان المعسكر القابل بلقاء الحكومة وافر العدد من حيث الكم، فإن معسكر الرفض له وزنه الكبير من حيث الكيف، حيث أن قائده هو السيد أحمد ولد داداه أبرز المعارضين الموريتانيين، وهو مع ذلك مسنود بتيار واسع مستاء من أداء الحكومة».
وقد تسبب الخلاف الكبير بين طرفي الرفض والقبول في منتدى المعارضة، لعرقلة توجه أطراف المشهد السياسي الموريتاني نحو التفاوض للتمهيد للحوار.
وأعلن المكتب التنفيذي لمنتدى المعارضة «أنه يمنح معسكر الرفض أسبوعا كاملا لمراجعة المواقف حرصا على تماسك المنتدى».
وتؤكد مصادر المنتدى «أن أغلبية داخل المعارضة ستتوجه للقاء الحكومة حرصا على المصلحة العليا للبلد»، ويعني هذا أن المعارضة على وشك الانقسام حيث أن معسكر الرفض متمسك بموقفه، كما أكد ذلك سليمان ولد محمد فال مسؤول الإعلام في حزب تكتل القوى أمس في تصريحات لقناة «المرابطون».
وفي جانب الحكومة، أكد وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ أمس في مؤتمر صحافي «أن الحكومة أكدت أكثر من مرة استعدادها للحوار».
وقال «إن هذا الحوار سيتم قريبا، فهنالك مجموعة من الترتيبات الجارية ستمكن من الشروع فيه، وكل من لديه الاستعداد للمشاركة في هذا الحوار ستتاح له فرصة الحضور».
وقد فشلت وساطات عديدة لإزاحة العراقيل التي تعترض اتفاق الحكومة والمعارضة على خارطة طريق لإجراء الحوار.
وكان آخر الوسطاء السفير الفرنسي في نواكشوط جويل مامير الذي دخل على الخط، كعادته في مثل هذه الظروف، والتقى مختلف الأطراف واستمع لمواقف الجانبين من دون أن يقود ذلك لأي جديد في الموقف.
ودخل على خط هذه التفاعلات السياسية كذلك، كل من الصحافة والمدونين الذين اصطف البعض منهم مع معسكر الرفض، بينما صب البعض الآخر جام غضبه على المعارضة، وذلك في عشرات التدوينات والتغريدات والهاشتاغات.
وفي تدوينة له في هذا المضمار، أكد المحامي المعارض إبراهيم ولد سيدي بوبكر، عضو المكتب الدائم لحزب تكتل القوى «أنه لا توجد في ميثاق المنتدى أكثرية أو أقلية، حتى يكون الحديث عن رفض هذه أو قبول تلك، فالقرارات تتخذ فيه بالإجماع، وآخر قرار يصدر عنه هو التمسك بعريضة الممهدات إلى أن تقدم الحكومة ردا مكتوبا عليها، وبتقديم هذا الرد سيتحدد الدخول في الحوار من عدمه».
وقال «تكتل القوى الديمقراطية، حريص على وحدة المنتدى، ومتمسك بقراره، ولا يعتبر أنه طرأ ما يستوجب تجاوزه، وقد اقترح أن يكون الرد على الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية، إما برسالة مكتوبة، أو باتصال هاتفي كما فعل، أو بمؤتمر صحافي، أما في حالة ما إذا لم يتفق المنتدى على طريقة الرد، فطبيعي أن القرارات التي سيتخذ كل طرف ستكون باسمه وليس باسم المنتدى».
وقارنت المدونة البارزة الصحافية منى بنت الدي بين وحدة المعارضة ومصلحة البلد فكتبت في تدوينة لها «وحدة المعارضة مهمة وأساسية لإنقاذ البلاد والعباد من نظام العصابة الذي أنهك الوطن، وأهلك الحرث و النسل؛ ومصالح أحزابها مهمة إذا كانت هذه الأحزاب تبتغي المصلحة العليا للوطن وتنتهج النضال السلمي الشاق من أجل الوصول به إلى بر الأمان». وأضافت «أما الأحزاب فليست غاية بحد ذاتها ووحدة هذه الأحزاب ليست غاية هي الأخرى فنحن نتوحد ليقوي بعضنا بعضا في وجه الفساد والطغيان ولدرء المخاطر التي تتهدد بلادنا، فلم نتحد يوما ليؤانس بعضنا بعضا ولا ليباهي بعضنا الناس ببعض لذلك عندما يصر بعضنا على الارتماء في حضن نظام مفلس أو يوفر له طوق نجاة جديدا فلا ضير في أن نفترق أو نختفي أو نعتزل».
وحرص المدون البارز محمد الأمين الفاضل الوجه المعارض البارز على توضيح موقف المعارضة فأكد «أن المنتدى المعارض مجمع بكامله على أنه لا حوار قبل الرد على وثيقة الممهدات.. والخلاف القائم هو فقط حول قبول الاستماع لما سيعرضه ولد محمد الأغظف الأمين العام للرئاسة في اللقاء المنتظر الذي وافق عليه ثلاثة أقطاب مع أغلبية القطب الرابع.. في حين رفض بعض الأحزاب الموافقة على هذا اللقاء».
وانتقد الصحافي أحمدو الوديعة القيادي في حزب التجمع (الإخوان) موقف المعارضة فكتب معربا عن أمله في «أن لا تقترف المعارضة غدا «خطيئة «جديدة في سفرها المثقل بالأخطاء والخطايا والثارات العشائرية، فتثبت لنا للمرة الألف أنها ركن من أركان المشكل وليست كما حلمنا ونحلم وراهنا ونراهن، قاربا من قوارب الحل».
وقال «إلى كل المعارضة أتحدث؛ فالخطيئة ليست أمرا آخر سوى كسر بقايا ألواح سفينة النجاة ونحن في لحظة جنوح عاتية إلى الغرق، إن فعلتم فكلكم في الجرم سواء».
واختارت صحيفة «لوكلام» الصادرة بالفرنسية في خضم هذا الجدل، توجيه رسالة للمعارضة بقلم مديرها الناشر أحمد ولد الشيخ.
واستعرض ولد الشيخ جميع المراحل التي مرت بها حوارات نظام الرئيس ولد عبدالعزيز والتي لم تؤد إلى نتيجة، حسب تأكيده.
وقال «إنه لا طائل من وراء محاورة المعارضة لنظام الرئيس ولد عبدالعزيز؛ فلتترك المعارضة هذا العبث ولتركز نشاطها على تقوية قواعدها الشعبية وعلى تنظيم المهرجانات التي تكشف عورات النظام».
وانتقد المدير الناشر في الافتتاحية «الخلاف الذي يقسم صفوف المعارضة حاليا مؤكدا «أن هذا الخلاف عار كبير على المعارضة ومس كبير بالتجربة الديمقراطية الموريتانية الموجودة في طور النشأة».
عبد الله مولود- القدس العربي