لعل الكثير من الناس وحتى بعض الليبيين من هذا الجيل لا يعرفون علاقة ليبيا بالشقيقه تشاد ،، ولا الديموجرافيا أو الإختلاط القبلي ،، والعرقي الذي جمعنا منذ قرون .
فنحنُ إمتداد واحد .. منذُ الفتح الإسلامي إلى إنتشار الدعوه السنوسيه إلى الكفاح المشترك ،، والهجرات نحو الشمال ،، والجنوب منا ومنهم ،، ولعل قبائل الزويه ،، والمغاربه ،، والقذاذفه ،، والتبو ،، وأولاد سليمان ،، والمجابره ،، وغيرهم ،، وحتى تجار طرابلس ،، وقابس مروا من هناك ،، وإستوطنوا .. كذلك النيجر .
كُنتُ فتى صغيراً يوم أن علمت بأن سلطان وداي والد الرئيس كوكوني فيما بعد ..سيحل ضيفاً في منزلنا ،، وعرفتُ من والدي بأن علينا تقديم الدعم .. ورد الجميل لتشاد التي إستقبلت عشرات اللاف من الليبيين الذين طردهم الإستعمار التركي والإيطالي ،، وجاء الوقت الذي نقف إلى جانبهم ضد الإضطهاد .
كان ذلك في العهد الملكي ،، وكان والدي قائد القوه المتحركه في الجنوب ،، ومسئول عن حدود ليبيا الجنوبيه ،، وتشمل جزء من الجزائر ،، والنيجر وتشاد ،، ورغم وجود قواعد فرنسيه في ذلك الوقت كان العمل لدعم الثوره الجزائريه ،، وحركات تحرير تشاد مستمره ،، وبشكل رسمي .
قامت ثورة الفاتح زاد زخم الدعم ،، وإزدادت فاعليته ،، وفٌتحت المعسكرات ،، وأبواب ليبيا الجنوبيه لكل جيراننا ،، وأفاق كبيره للعمل ،، والتجاره ،، والتعليم ،، والعلاج .
وكانت ثورة الفاتح تعي أهمية تأمين محيط ليبيا ،، ولن يتم طالما هناك دول تقع تحت سيطرة القوى الإستعماريه ،، وإكتشفنا أن الكثير من الحكومات محميه من الدوله العبريه .. بل ،، وتستخدمها لشق صف أفريقيا ،، وخلق التوترات والإنقلابات فيها ،، وهذه الرحله إستمرت لعقود ،، ولم ينتهي هذا الصراع إلا بعد تحرر جنوب أفريقيا .. في معركه بدأت في تشاد من بحر غزال ،، ولم نتوقف في منتصف الطريق وإنما سعت ثورة الفاتح نحو توحيد القاره .
وبالدعم الليبي المباشر .. أوصلنا الرئيس كوكوني إلى سدة الرئاسه ،، وكان ذلك أهم أسباب الخلاف مع فرنسا بل ،، والولايات المتحده .. خاصة عندما كانت مكاتب حركات التحرر تنتشر من روديسا ،، وحتى الصحراء الغربيه مروراً ببحيرة فيكتوريا في أوغندا ،، وجبال أثيوبيا .
وقد تطوع شباب ليبيا ليساهموا في هذه الملحمه ،، وتم تأسيس القوات الإنتحاريه لتكون الذراع العسكري .. الذي ساهم في تنصيب أكثر من عشرين رئيس دوله من أمريكا اللاتينيه ،، وحتى جنوب القاره ،، وأصبحت ليبيا رقماً صعباً ،، وعُقدة العُقد للقوى الإستعماريه وقبله لأحرار العالم .
إن تشاد اليوم تمر بمرحله حرجه بعد وفاة الرئيس " إدريس ديبي " الذي إلتقيته أول مره في قلعة سبها في مكتب العقيد " مسعود عبدالحفيظ " ،، وأبلغني يومها بأن نظام الرئيس " حسين حبري " يرفض الإفراج عن الأسرى بعد هزيمة " وادي الدوم " رغم كل الوساطات ،، وأوامر القياده بالإستعداد للزحف على " إنجامينا " مره أخرى ،، وكانت الخطط هذه المره تأخذ شكلاً تعبوياً مختلفاً .. حيثُ تم تكليف المرحوم اللواء " حسن الكاسح الحاسي "بمشروعات إستثماريه في غرب السودان ،، وكلف بإستقبال وتدريب مُقاتلي أخونا " إدريس " ،، وكُلف العقيد " عبدالسلام الحاسي " ،، ومجموعات قتاليه تحت أمرة العقيد مسعود عبدالحفيظ تتسلل عبر الأراضي السودانيه بعد سقوط " جعفر النُميري " بثورة الشعب السوداني بعد أن إكتشفوا أنه يُهرب " يهود الفلاشا "من عاصمة اللاءات الثلاث ،، ويستقبل شارون فيها ،، وأصبح أخونا " الصادق المهدي " رئيساً للوزراء .
وقبل ساعة الصفر بثلاث أيام إستدعاني القائد ،، وحملني رساله سريه للرئيس الفرنسي " فرنسوا ميتران " .. الذي إستقبلني ،، وفي نهاية القاء فاجئني بسؤاله عن معلومات عن وجود قوات ليبيه على الحدود التشاديه السودانيه ،، ومدى صحة هذه المعلومات .. كانت مهمتي التأكيد على علاقات إقتصاديه ،، وتعاون ،، وتنسيق مع فرنسا ،، وكنت أعرف أن النشاط من الصعب إخفائه مع الأقمار الصناعيه ،، والجواسيس .. فأكدت الخبر .
وطلبت مهله أسبوع لتأكيد المعلومات ،، وفور عودتي إنطلق الهجوم الخاطف تجاه العاصمه ،، وأسقطت المفاجئه أي إمكانيه لدعم " حبري " الذي أستشعر بالخطر ،، وتوجه نحو الجسر متجهاً إلى الكاميرون ،، وأصبح " إدريس ديبي " رئيساً منذ ذلك التاريخ .. تعرض خلالها للكثير من المحاولات لإسقاطه .. لعل أخطرها وصول المتمردين إلى أسوار القصر ،، وهنا صدرت الأوامر للوقوف دون سقوطه ،، وتمكنت ليبيا مره أخرى بتثبيت إدريس الذي إستطاع أن يُبقي تشاد دون صراعات تهددنا ،، وخلق إستقرار لأول مره مُنذ عقود .. بل حلقه مهمه في مجموعة " س.ص " .
2011 توقع الليبيين أن يقوم برد الجميل ،، وكان إمتحاناً عسيراً .. حيث أنه سيدخل معنا في مواجهه مع فرنسا ،، والحلف الأطلسي ،، ولم يكن يملك حاملات طائرات ،، ولا صواريخ .. أو طائرات مسيره ،، ولم يكن القذافي يحتاج للرجال ،، ولم يكن ليزج بتشاد في محرقه لا قبل لها بها .. كغيرها من الدول الحليفه لأفريقيا ،، والتي لم يسمح الغرب حتى لمبادرتها للسلام في ليبيا أن تستمر ،، وبالنسبة لنا والكثيرين بأن الرئيس إدريس إنتحر يوم أن راهن على إسرائيل .. وسقط عندما راهن على طرف أجنبي ليعزز قيمته ففقدها وسيبقى درس لنا جميعاً .. الغريب لم نسمع في إسرائيل أحداً يحتج على تدخلات أسرائيل أو تكاليف ذلك ؟! .. كما يحدث عندنا .. مما جعل دولنا كالنعاج تساق للذبح كل صبح .
لقد قرر الحلف الشيطاني بحسم معركة إستمرت 40 عاماً من المواجهات مع القذافي .
واليوم نتوجه بالنداء لكل إخوتنا وأهلنا في تشاد بالعمل على عدم الإيقاع بهم ،، وحتى لا تصبح تشاد مركزاً لزعزعة وسط أفريقيا وشمالها.
ينبغي أن يتم تطويق النيران وذلك بالإلتزام بالدستور الذي يتطلب أن يستلم رئيس البرلمان الرئاسه حتى مرحلة الإنتخابات ،، وإلا سوف ندخل سيناريو التوغو بعد وفاة الرئيس " إياديما " .. حيثُ نصب الجيش أبنه بعد وفاته ،، وجمد الإتحاد الأفريقي عضويته وتمت مقاطعته وفقاً لقرار قمة الجزائر.
كُنا يومها في القاهره في زياره غير مُعلنه لساعات ،، وبعد إجتماع مُصغر مع " الرئيس مبارك والفريق طنطاوي وأسامه الباز وعمر سليمان" ،، ومن الجانب الليبي "القذافي والفريق أبوبكر يونس "وسفيرنا في مصر ،، وبعد اللقاء طلب مني القذافي أن أتوجه إلي نيجيريا للقاء الرئيس " أوباسانجو " ،، وكان وقتها رئيس الإتحاد الأفريقي لمعالجة الموقف .. فطلبت أن يذهب معي د. أسامة الباز ممثلاً للرئيس مبارك .. إلتقينا الرئيس أوباسانجو وكان منفعلاً وقلقاً .. ولم يكن أمامنا من حل إلا أن أن يتنحى فوراً إياديما الرئيس الحالي للتوقو .. فذهبنا إلى التوقو وطلبت منه ذلك قال لي أن هنا بطلب من الجيش .. فقالوا لقد وعدنا الرئيس إياديما بأن ننصب أبنه ،، ونحن ملتزمين بالوعد ،، وبعد نقاش أكدت لهم بأنهم التزموا وكفى ولن يستمر التوقو تحت المقاطعه ،، وعلينا أن نطبق خطوات سليمه ،، ويترشح بعد شهرين ،، وسنسانده ،، ونجنب التوقو الفوضى وسيكون الإتحاد الأفريقي إلى جانبكم ،، وودعنا قائد الجيش ،، وقبل إقلاع الطائره صعد إلينا ،، وقال لي لنفرض أنه خسر الإنتخابات قلت له مازحاً عندها يصبح الإنقلاب مشروع ،، وتكون أنت الرئيس .. بعد الإقلاع قال لي د . أسامه الأن عرفت مصدر نقوذكم في أفريقيا تستخدمون قواعد غير متوقعه ترهق خصومكم .
أسرد ذلك ناصحاً إخوتنا في المجلس الجديد في تشاد على الحفاظ عن مؤسسة البرلمان والحكومه وعدم إحراج الإتحاد الافريقي ،، وتجنب الصدام العسكري ،، وهذه الخطوات كفيله بإيقافه .
يبقى التواصل مع فصائل المعرضه ،، وليس سراً بأننا نعرف معظم الفاعلين ،، وفي إجتماع واحد في عاصمة أفريقيه سيتم دمج القوى المسلحه والقيادات السياسية والإستعداد ليوم جديد ومرحله جديده في تشاد قبل أن تتدخل قوى الشر ليتحول إلى بؤره لن يسلم أحداً من جيرانها ،، وقبل ذلك أهلنا في تشاد الذين سيتحولون لوقود لمخططات لا تخدمهم ولا تخدم أفريقيا التي عليها أن تتحرك الأن وقبل ذلك جيرانها .
أحمد قذاف الدم
المسئول السياسي لجبهة النضال