عكس ما كان متوقعا، كشفت دراسة علمية جديدة أن التيارات المحيطية تشهد تسارعا خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأرجع الباحثون ذلك إلى زيادة سرعة الرياح فوق سطح المحيطات خاصة في المناطق المدارية بسبب التغيرات المناخية التي توقع العلماء سابقا أنها ستؤدي إلى إبطاء هذه التيارات وربما توقفها تماما في المستقبل البعيد.
وتعد التيارات المحيطية من العوامل الأساسية التي تؤثر على مناخ الأرض، فهي تنقل الحرارة من المناطق المدارية إلى المناطق الأكثر برودة، فتوفر بالتالي جوا أكثر دفئا خاصة فصل الشتاء.
وقد اختلفت الدراسات العلمية حول مدى تأثير التغيرات المناخية في هذه الشرايين المحيطية، وأظهرت نتائج العديد منها تباطؤ تيار "جت ستريم" شمال المحيط الأطلسي.
تزداد منذ التسعينيات
لكن نتائج الدراسة -التي نشرها فريق دولي من الباحثين من الولايات المتحدة والصين وأستراليا بدورية "ساينتفيك ريبورت" في الخامس من فبراير/شباط الحالي- تشير إلى عكس ذلك، إذ يبدو أن التغيرات المناخية قد أدت إلى تسارع التيارات المحيطية خاصة المناطق المدارية.
في هذه الورقة درس "شيجيان هو" الباحث بأكاديمية العلوم الصينية وزملاؤه بشكل مفصل كيفية تغير التيارات المحيطية حول العالم من خلال جمع بيانات شبكة عالمية لقياس التيارات من سطح المحيط إلى عمق يصل إلى ألفي متر منذ عام 1959.
واستخدم الباحثون إلى جانب ذلك سلسلة أخرى من القياسات إضافة إلى 12 محاكاة رقمية مختلفة لتحديد الطاقة الحركية للمحيطات والسلوك الناتج عنها.
وأظهرت النتائج أنه على الرغم من عدم وجود اتجاهات موحدة في تيارات المحيط قبل عام 1990، فإن الأمر تغير بعد ذلك.
إذ تشير جميع سجلات البيانات إلى اتجاه صعودي شائع، فبداية من عام 1990، زادت الطاقة الحركية للمحيطات من قدرتها 15% مقارنة بمتوسط الطاقة الحركية قبل تسعينيات القرن الماضي.
يقول الباحثون إن هذا التسارع يمكن ملاحظته في جميع الأحواض البحرية الكبيرة وصولا إلى عمق ألفي متر، وهو تزايد تدريجي من السطح إلى الأعماق. وسجلت أكبر زيادة في سرعة التيارات بمناطق المحيطات المدارية حيث ارتفعت الطاقة الحركية للمحيطات أكثر بكثير من تلك التي سجلت في المناطق البعيدة عن خط الاستواء.
الرياح محرك رئيسي
لكن لماذا تزايدت حركة التيارات المحيطية؟ وهل يمكن أن تكون التقلبات الطبيعية المعروفة وراء ذلك؟ فمن المعروف أن بعض الظواهر المناخية مثل ظاهرة النينيو أو ظاهرة تذبذب المحيط الهادي العكسي تؤثر على درجات حرارة البحر والتيارات المحيطية.
وبحسب العلماء فإن هذه التغييرات التي تم العثور عليها لا يمكن تفسيرها الآن بمثل هذه التقلبات الطبيعية وحدها "لقد كان هذا الاتجاه أقوى بكثير من التغير الطبيعي في العقدين الماضيين" كما يقول العلماء.
إذن ما هو سبب تسارع التيارات المحيطية؟ وفقا للباحثين، فإن الرياح هي محرك هذه التغييرات. فقد أظهرت نتائج تحليل بيانات الطقس العالمية أن سرعات الرياح فوق المحيطات زادت أيضا بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة.
إذ تسارعت الرياح في المتوسط، بنسبة 1.9% في العقد. وقد وجد الباحثون تطابقا بين زيادة سرعة الرياح فوق الأحواض المحيطية وتسارع التيارات المحيطية فيها.
يقول العلماء إنه أصبح من الواضح عدم صحة الافتراضات السابقة التي تشير إلى أن الاحترار العالمي يؤدي إلى إضعاف الدورة المحيطية.
لأنه حتى لو لعب ارتفاع درجات حرارة المياه وتغير الملوحة دورا هاما في عمل تيارات المحيطات، فلا يبدو أنها تشكل العوامل الرئيسية في التأثير عليها. وبدلا من ذلك، يسود تأثير الرياح التي تدفع المياه داخل المحيطات بشكل أسرع مما يعزز حركة التيارات المحيطية.
المصدر : الجزيرة نت