مافيا الإعلام، عدد قليل من المحسوبين على ريادة الحقل الصحفي ممن لا يشتهرون ـ إلا من رحم ربك ـ بـ :
- الشجاعة على قول الحق،
- وعمق التحليل المحايد،
- والموضوعية في تناول قضايا الوطن الكبرى وهموم المواطنين الملحة والأساسية،
- ويقظة الضمير الوطني الأبي خلال المنعطفات الدقيقة والفاصلة،
هُم، وحدَهم، من يديرون منذ عشرة أعوام مفاصل "مفترض" حقل الإعلام العمومي والخصوصي تحت عناوين وبأغطية واهية كسراب الظمآن، يتبادلون أو يشتركون - باحتكار صارخ - العضوية في كل المكاتب واللجان والمهام، يتسترون وراءها للتمويه والتغطية على ضعف أدائهم وقلة حرفيتهم؛ عضوية يظهرون بها في مواقف الاستعراض المسرحي والتزلف الغرضي عند الاقتضاء. يتقاسمون في دورة "سيزيفية" الأدوار والمواقع، يتناوبون على المناصب والمهام، يتقاسمون الهبات والتمويلات والأسفار، ولا يقدمون ـ على الرغم من كل ذلك، أي منجز أو أثر إعلامي يحمل بصمة أو يترك صدى أو يشكل مرجعا لرفع مستوى أداء العاملين في حقل الإعلام.
إعلام المافيا،
عارم كغثاء السيل، لغته عرجاء، وسائله في صمم عن نداء الحق ومتطلبات الوطن، يعمر بيتَه كل شحات أثيم وموارب غشيم، يتهافت على مسؤولي الدولة من الساعين إلى بؤر أضواء الظهور الاستعراضي، والباحثين بقوة اليأس عن مكان يحفظ من تبعات النهب والاختلاس والف ساد وأدران التملق والمكر السياسي والبخل على الوطن؛ غثاء يقتات على الصناديق والهبات والخطوط المالية في الميزانيات العمومية، وعلى موائد المناسبات الكبرى، والتظاهرات المدرة للدخول كـ"المدن القديمة" و"جائزة شنقيط" و"اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين" وأشباهها من "بؤر استنزاف" المال العام بدون مردود.
لكل مسؤول "كبير" وسياسوي "بندير" موقعه الذي يلمعه ويختط مساره ويرفع قدره، وينفض عبثا أدرانه، ويوصل "سقيم أفكاره" ومسوق مواقفه المرتجلة بضعف الحبك وفقر المحتوى، كما أن له في الاعلام الرسمي مكتوبا ومسموعا ومرئيا جنودا مكشوفة تَثِبُ له على المناسبات المواتية ليجد نصيبا من الذكر المبتذل.
وهذا الحقل الإعلامي الذي من المفروض أن يكون السلطة الرابعة يحتاج إلى إعادة الصياغة بأوجه جديرة زادها الخيرين القلائل من الرواد المهمشين على خلفية نبلهم ومهنيتهم واحترامهم مواثيق شرف المهنة التي اختاروا، ومن الشباب المتميز الذي لا يجد فرصته بسبب الأبواب الموصدة أمامهم في كل المؤسسات الإعلامية التي تقطنها فلول مافيات راسية فيها رسو الجبال.