موريتانيا: تفاصيل حول الاحتياطات النقدية وشراء سندات الخزينة

أربعاء, 08/28/2019 - 15:42

رغم تثميني للمؤتمر الصحفي المشترك مساء أمس لصاحبي المعالي وزير المالية ومحافظ البنك المركزي باعتباره مؤشرا على الشفافية في التعاطي مع القضايا التي تشغل بال المواطنين يمكنني أن أتقدم بالملاحظات التالية التي على هذا المؤتمر الصحفي:

 
الملاحظة الأولى:

 

أنني أعتبر أن هذا المؤتمر كان إعلاميا بالدرجة الأولى ولم يكن مؤتمرا اقتصاديا صرفا بدليل أنه ركز فقط على النقطتين اللتين كثر الحديث عنهما من قبل المواطنين وفي الإعلام وهما نقطة احتياطي البنك المركزي ونقطة الاقتراض الداخلي عن طريق أذونات الخزينة، بينما لم يركز على النقاط الأخرى التي لا يمكن إغفالها لو أن الهدف من المؤتمر كان الكشف عن الحالة الاقتصادية التي وجد عليها هذا النظام الجديد البلد كوضعية الميزانية والمحاسبة العامة للدولة والوضع المالي والاقتصادي الحالي بما في ذلك الميزان التجاري والمديونية الخارجية والدين الداخلي وحالة العملة الوطنية... إلى آخره.

 

 
الملاحظة الثانية: 

 
أن مضمون كلام معالي الوزير والمحافظ مثل رسائل طمأنة للمواطنين على أهم نقطتين تداولهما الإعلام مؤخرا وهما الاحتياطي وأذونات الخزينة بدل أن يمثل رسائل إخبار بالواقع كما هو فالاحتياطي الذي تحدث عنه معالي المحافظ وذكر مبلغه وأنه مودع لدى البنك الفرنسي والاحتياطي الأمريكي اكتفى بمقارنته بسنتي 2014 و2009 متجاوزا كل ما بينهما من السنوات التي كان من المهم كشف حركة الاحتياطي الموريتاني خلالها صعودا وهبوطا حتى تتضح قيمته الاقتصادية الفعلية. كما أنه كان من المهم أن يكشف حقيقة جزء الاحتياطي الموريتاني الموجود في أمريكا ويبين هل هل ما تزال القيود التي فرضت أمريكا منذ أشهر على البنوك الموريتانية وعلى تحويل الدولار إلى موريتانيا سارية ام لا وهل هي التي جعلت الاحتياطي الموريتاني يزداد لاحتياجها لاحتياطات مرتفعة باليورو لمواجهة هذه الوضعية.. وكان من المهم أن يخبرنا معالي المحافظ عن حقيقة هذه القيود وهل زالت أم ما تزال مفروضة على بلادنا.

 

أما بالنسبة لأذونات الخزينة فمن البديهي أنها دليل على عجز مؤقت في السيولة وكان من المفيد لمعالي الوزير أن يقولها صراحة إذ لا عيب ولا ضرر فيها لأنها لا تعبر عن حالة عجز في الاقتصاد ولا في المالية العامة للدولة، ويشرح أسبابها هل هي ناجمة عن خلل في توقع الإرادات أو زيادة في المصروفات قام بها النظام السابق .

 

 
الملاحظة الثالثة: 

 
قول معالى الوزير إن هناك توجه إلى الاقتراض الداخلي لا يمكن أن يفهم اقتصاديا إلا على أنه تعبير ديبلوماسي عن أن قدرة البلاد على الاقتراض الخارجي أصبحت محدودة (وصلت نسبة المديونية الخارجية إلى 96% من الناتج) لأنه من المعروف أن اللجوء إلى الاقتراض الداخلي يشكل عبئا مزدوجا (لدى الاقتراض ولدى التسديد) على الاقتصاد (سأشرحه خلال النقطة الموالية) بينما يشكل الاقتراض الخارجي عبئا وحيدا فقط لدى التسديد.

 
الملاحظة الرابعة:

 
أن المعلومة التي قدم معالي المحافظ بخصوص الاحتياطي والمعلومة التي قدم الوزير بخصوص أذونات الخزينة تعبران من ناحية المنطق الاقتصادي عن أمرين متضادين لأن الاقتراض الداخلي الذي تريد الحكومة كما قال معالي الوزير أن تجعل منه توجها لها مضر بالاحتياطي الخارجي لأن جزءا من نفقات الدولة من ناتج هذا الاقتراض سيتحول إلى طلبات على سلع وخدمات خارجية وهذه تحتاج إلى عملة صعبة لتغطيتها مما سيضغط على الاحتياط الخارجي من العملة فهما (أي ارتفاع الاحتياطي الخارجي والاقتراض الداخلي) نقيضان لا يجتمعان بخلاف الاقتراض الخارجي الذي يكون بالعملة الصعبة ويساهم بالتالي في تعزير هذه الاحتياطات.  

 
فكيف يتعاون معالي المحافظ ومعالي الوزير على الدفاع عن فكرتين اقتصاديتين يحتم تطبيقهما معا تصادمهما؟

 
الحسين ولد محنض، صحفي